المقالات

هكذا قدَّس الحسين الصلاة

1114 13:26:00 2012-01-12

صادق مهدي حسن

كانَ صَليلُ السّيوفِ يَأخُذُ بمجامِعِ الألباب ،وَسِهامُ البُغاةِ النّاكِثينَ تَتَهاوى بِغَزارَةِ المَطَرِ، وَالأجْسادُ الطَّواهرُ الزَّواكي مُتَناثِرَةٌ في أرجاءِ الصَّحراءِ تَسْقِي الأرضَ المُجدِبَةَ بِدِماءِ الحُرِّيَةِ وَالكَرامَة وَقَد أخَذَ الحَرُّ مِنْ أولئِكِ الصَّفوَةِ مَأخَذَهُ فَيَصْبِرُ الأبطالُ ، وَيَصرُخُ الأطفالُ : العَطَش..العَطَش!! فللّهِ صَبرُكَ سَيِّدي يا جَبَل الصَّبرِ يا أبا عَبْدِ الله.إنَّها ظَهيرَةُ العاشِرِ مِنْ مُحَرَّمِ والشَّمْسُ عَلى وَشَكِ الزَّوال..وَهُنا يَلتَفِتُ (أبو ثُمامَة الصّائِدي) للإمامِ الحُسَينِ عليه السَّلام ويَقولُ :(يا أبا عَبدِ اللهِ ، نَفسِي لَكَ الفِداءُ ، إنّي أرى هؤُلاءِ قَدِ اقتَرَبوا مِنكَ ، وَلا واللهِ لا تُقتَلُ حَتّى اُقتَلَ دونَكَ إنْ شاءَ اللهُ ، واُحِبُّ أَنْ ألقى رَبِّي وقَد صَلَّيتُ هذِهِ الصَّلاةَ الَّتي دَنا وَقتُها) ،فَرَفَعَ الحُسَينُ رَأسَهُ ثُمَّ قالَ:(ذَكَرتَ الصَّلاةَ ،جَعَلَكَ اللهُ مِنَ المُصَلّينَ الذَّاكِرينَ،نَعَم هذا أوَّلُ وَقتِها )..كانَ الخَطَرُ مُحدِقَاً بالجَّميعِ وَلكِنَّهُم أدَّوا الصَّلاة مَعَ كُلِّ ما يَجري حَولَهُم مِنْ خُطُوب.إنَّهُ دَرْسٌ عَظِيمٌ مِنْ دُروسِ مَدرَسَةِ عاشوراءِ الشَّهادَة.. لَمْ يُجِب الحُسَينُ (عليه السلام) ذلكَ الرَّجُلَ بالقَول: ((وَهَلْ هذا وَقتُ صَلاةٍ فَنَحنُ نَخوضُ غِمارَ حَربٍ طاحَنَةٍ دامِيَة !!)) بَلْ دَعا الله لَهُ أنْ يَجعَلَهُ (مِنَ المُصَلّينَ الذَّاكِرينَ)، وَبادَر إلى الصّلاةِ فَهيَ الهَدَفُ الأسمى لِتِلْكَ الحَربِ..انطلاقاً مِنْ هذا المَوقِفِ الكَريم ، وَنَحنُ نَعيشُ ذكرى الحُسَينِ وَأهْلِ بَيتِه (سَلامُ الله عَلَيهِم أجمَعِين) في شَهْرَي مُحَرَّم وَصَفَر حَيْثُ زيارَة عاشوراء وَالزَّيارَة الأربَعينيَّة (زادَهما الله شَرَفَاً وَرِفعَةً)..لابُدَّ لَنا مِنْ كَلِمَةٍ مَعَ أَحبابِ الحُسَينِ عمومَاً، وزوّارِه الكِرامِ عَلى وَجهِ الخُصوص (( فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )).يَقولُ تَعالى : ((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)) ، نَعم أَيُّهَا الأَحِبَّةُ في الله إِنَّ زِيارَةَ الحُسَينِ هِيَ مِنْ شَعائِرِ الله العَظِيمَةِ.. فَهِيَ زيارَةٌ لِرَسُولِ الله بَلْ هِيَ زيارَةٌ لله في عَرْشِهِ كَما وَرَدَ في جُمْلَةٍ مِنَ الرِّوايَات.. وَلأَجْلِ أَنْ نَكُونَ زُوّارَاً مَقْبولِينَ وَمَرضِيّينَ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ أَولِياءِهِ فَلا بُدَّ أَنْ نَأتَمِرَ بَما أَمَرَنا بِهِ رَسُولُ الله وَأَهْلِ بَيتِه (صَلواتُ الله عَلَيهِم أَجْمَعِين)..وَلاشَكَّ أَنَّ الصَّلاةَ هِيَ أَعْظَمُ شَعِيرَةٍ فَرَضَها اللهُ تَعالى عَلى عِبادِهِ ..وَقَدْ وَرَدَ عَنْ الإمامِ الباقِرِ (عَلَيهِ السّلام) : ((إِنَّ أَوَّلَ ما يُحاسَبُ بِهِ العَبْدُ الصَّلاة فَإنْ قُبِلَتْ قُبِلَ ما سِواها ، وَإِنَّ الصَّلاةَ إذا ارتَفَعَتْ في وَقتِها رَجَعَتْ إلى صاحِبِها وَهيَ بَيضاءُ مَشرِقَةٌ تَقُولُ: حَفِظْتَنِي حَفِظَكَ اللهُ، وَإذا ارتَفَعَتْ في غَيرِ وَقتِها بِغَيرِ حُدُودِها رَجَعَتْ إلى صاحِبِها وَهيَ سَوداءُ مُظلِمَةٌ تَقُولُ: ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ الله))..وَيقولُ الإمامُ الصّادِقُ (عَلَيهِ السَّلامُ) : (امتَحِنوا شيعَتَنا عِندَ مَواقيتِ الصَّلاةِ كَيفَ مُحافَظَتُهُم عَلَيها)..وَقالَ في حَديثٍ آخَر : (فَضْلُ الوَقْتِ الأوَّلِ عَلى الوَقْتِ الأخِيرِ كَفَضْلِ الآخِرَةِ عَلى الدُّنيا)..ومِمّا وَرَدَ في الرَّواياتِ أنَّ الله يَبتَلي مَنْ تَهاوَنَ بِصلاتِهِ بِخِصالٍ وَمِنْها ((يَرفَعُ الله البَرَكَةَ مِنْ عُمُرِهِ وَمِنْ رِزقِهِ، وَيَمْحُو الله تَعالى سِيماءَ الصّالِحِينَ مِنْ وَجْهِهِ، وَكُلُّ عَمَلٍ يَعمَلُهُ لا يُؤجَرُ عَلَيه، وَلا يَرتَفِعُ دُعائُهُ إلى السَّماءِ، وَلَيسَ لَه حَظُّ في دُعاءِ الصّالِحينَ، وَيَموتُ ذَليلاً وَجائِعَاً وَعَطشانَاً فَلَو سُقِيَ مِنْ أَنهارِ الدُّنيا لَمْ يَروّ عَطَشَهُ، وَيوكِّل الله بِه مَلَكَاً يُزعِجهُ في قَبرِهِ، وَيُضيّقُ عَلَيهِ قَبرَهُ وَتَكونُ الظُلمَةُ في قَبرِهِ،وَيُوكِّلُ الله به مَلَكَاً يَسْحَبُهُ عَلى وَجهِهِ وَالخَلائِقُ يَنظُرونَ إلَيهِ، وَيُحاسَبُ حِسابَاً شَديدَاً، وَلا يَنْظُرُ الله إلَيهِ وَلا يُزَكِّيهِ وَلَهُ عَذابٌ أَليْم)) ..وَمِن كَلامٍ لأحَدِ عُلَمائِنا :( أنّ أوقاتَ الصَّلاةِ هِيَ أوقاتُ الحُضُورِ في جَنابِ القُدسِ بِحَضرَةِ ذي الجَلالِ ، وَأَنَّ الحَقَّ تَعالى مَلِكُ المُلُوكِ وَالعَظيم المُطلَق في تِلْكَ الأوقاتِ دَعا عَبْدَهُ الضَّعِيفِ الَّذي هُوَ لا شَيء إلى مُناجاتِهِ وأَذِنَ لَهُ بالدُخولِ إلى دارِ الكَرامَةِ حَتّى يَفوزَ بالسَّعادةِ الأبَديَّة ويَجِدَ السُّرورَ وَالبَهجَةِ الدّائِميَّة). فَلنَسمَع وَنَتَّعِظ !فَيا أَيُّها الزّاحِفُونَ كَالسَّيلِ إلى ثَرى الحُسَينِ (عَلَيهِ السَّلام): سَدَّدَ الله خُطاكُم إلى كُلِّ خَيرٍ وَبَرَكَةٍ وَرَحمَةٍ..ضَعُوا نُصبَ أَعيُنكًُم قَولَ الله العَظِيم في كِتابِهِ الكَريم ((إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا))،وَلا تَنسَوا هذا الدَّرسَ مِنْ إمامِكُم..فَلنَتَوقَّف عَنْ المَشي وَإقامَةِ العَزاءِ في أوقاتِ الصَّلاةِ كَما تَوَقَّفَ الحُسَينُ وَأَهْلُ بَيتِه وَصَحبِهِ عَنِ القِتالِ في ذلكَ اليَومِ المَشهودِ..وَلنَكُنْ مِنَ المُصَلّينَ الذَّاكِرينَ ((الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ))..ونُقَدِّسَ وَقتَ الصَّلاةِ كَما قَدَّسَه سَيِّد الشُّهَداءِ (سلام الله عليه) وَهوَ في أَحلَكِ الظُّروفِ وَأَصْعَبِها.. فَفِي أداءِ الصّلاةِ في وَقتِها أَعظُمُ نُصرةٍ للحُسَينِ(عليه السلام) الَّذي وَهَبَ كُلَّ وَأَعزَّ ما لَدَيهِ مِنْ أَجْلِ الصَّلاة، وأعلَمُوا أَنَّ صَوتَ الأذانِ هُوَِ بمَثابَةِ نِداءِ الحُرّيَةِ ..وَالنَّسيمُ الَّذي يَهَبُ الحَياةَ لِروحِ الإستِقلالِ والمَجد، وَيُثيرُ الرُّعبَ وَالخَوفَ في نُفوسَ الأعداءِ الحاقِدينَ، ويُعتَبرُ رَمزَاً مِنْ رُموزِ بَقاء الإِسلام...

صادق مهدي حسنبابل /ناحية الكفل

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك