الشيخ حسن الراشد
لا شك ان حدثا مهما ومفجعا مثل عاشوراء الذي يحتفل به الملايين من الشيعة في كل العالم وخاصة في العالم العربي وايران وباكستان ‘كون ان الشيعة يمثلون في تلك الدول الكثافة العددية‘ يستحق ان ينال اهتمام الاعلام العالمي ويحتل مساحة كافية في نشرات الاخبار وتقارير المراسلين للقنوات الفضائية العربية ..وفي العراق الذي يمثل الشيعة الاغلبية (اكثرمن 65%) وقد اضطهدوا طوال العقود الماضية على يد البعث الفاشي الشمولي ومنعوا عن ممارسة شعائرهم الدينية بحرية حتى وان الكثير منهم شردوا او سجنوا و اعدموا لسبب قيامهم بممارسة طقوس عاشوراء واليوم وبعد فتح بغداد وسقوط الطاغية صدام الساقط وزوال الكابوس الوحش الذي حول حياة العراقيين الى جحيم وكوارث يحتفل الشيعة العراقيون في ظل الوضع الديمقراطي الجديد بحرية تامة بذكرى عاشوراء الاليمة واربعينيتها المليونية يحضر لاحياءها كل الاتجاهات السياسية والثقافية تاركين خلفهم كل خلافاتهم الفكرية والايدلوجية وحتى الشخصية من اجل المشاركة في "المصاب" الذي الّم باهل بيت الرسول (ص) قبل ما يقارب من 1400 سنة ..ذكرى اربيعنية الامام الحسين(ع) يحييها الشيعة من اجل تخليد قيم العدالة والاباء والحرية التي ناضل من اجلها الامام الحسين(ع) وهو السيد القرشي العربي سبط الرسول (ص) حيث اعلن في يوم عاشوراء النداء الانساني الخالد "ان كنتم تزعمون انكم عربا ولا تخشون المعاد فكونوا احرارا في دنياكم" ذلك النداء الذي ابت "اقوام العرب" الا وان يقمعوه ويمارسوا التعتيم والتضليل ضده الى هذه الساعة هذا النداء يجلجل اليوم في ربوع العراق.. الملايين من الشيعة يخرجون في الشوارع والطرقات وفي مواكب مهيبة تتقدمها افواج من المحبين لقيم "الحرية" والعدالة ويجتمعون باعداد غفيرة في الحسينيات والمساجد للاستماع الى الخطباء وهم يحدثون الناس عن فاجعة كربلاء وعن ظلم بني امية واحفادهم للحسين (ع) ومبادئ الحسين وقتلهم لاصحابه واطفاله والتمثيل بهم في ابشع صوره لم يعرف لها التاريخ مثيلا وهي مأساة ظلت تدغدغ الذاكرة الشيعية من اجل الانتصار لقيم ذلك الرجل العظيم الحر الذي مازال الكثير من "العرب" يمارس دور "يزيد" والاعلام الاموي في التضليل والتعتيم ضد ذلك الحدث الفجيع وامتداداته التاريخية وصور احياءه التي تتجلى اليوم في افضل مظاهرها في العراق بعد سقوط "يزيد العصر" وحفيده "صدام الجرذ المقبور الذي اراد زورا وكذبا ان ينسب نفسه الى شجرة الاحرار" الطاهرة وهو ـ اي صدام ـ المعروف عنه لدي العراقيين الشرفاء بانه كان مجهول النسب !.. اربيعينية 2012 للسنة الميلادية حاضرة اليوم وبقوة في الوجدان الشيعي العراقي بكل اطيافه وغائبة عمدا وعن سبق اصرار عن ذاكرة فضائيات ثورات الناتوا والاطلسي( الجزيرة والعربية )تلك الفضائيات التي تستقرأ حتى "عفطة عنزة" ومن العدم تخلق "خبرا" وتقريرا لحشوه في عقول العرب كيف بها وهي تتجاهل حتى هذه اللحظة مظاهر عاشوراء الصاخبة واربعينيتها في العراق واالتي نعشيعها هذه الايام عبر مشاركة اكثر من 17 مليون انسان في اضخم تظاهرة بشرية يشهدها هذا العصر رغم انها تشكل احد معالم خارطة الطريق السياسية لعراق المستقبل ؟! فلو خرجت "مظاهرة" من 200 شخصا في ازقة بعض قرى وبلدات الشام وهي تهتف بتلك الهتافات الباهتة او ان مهووسا اقتحم بسيارة مفخخة مركزا للشرطة او بيتا امنا لقتل الابرياء لهرول مراسلوا تلك الفضائتين الى مكان الحدث ولاعدوا انفسهم قبل وقوعه للنقل المباشر وتضخيمها و اعطاءه اكبر من حجمه اما مناسبة تاريخية يجتمع معظم شيعة العراق حولها وفي ظل الظروف الحالية التي يجتازها العراقيون والمؤامرات التي تحيط بهم من كل حدب وصوب والعرب بانظمتهم القمعية والشمولية تعمل سرا وعلانية من اجل التدخل في شكل النظام الذي يريده شعب العراق في الوقت الذي ترفض فيه حتى فكرة "الاصلاح" المقترحة من الاخرين معتبرة اياها بانها "مفروضة"! فيما هي وبكل وقاحة تضع في جدول اعمال مؤتمراتها مسائل "نقل السلطة للعراقيين" دون ان يصفها احد بانها محاولات لفرض "رؤيتها" على العراقيين ‘ هذه المناسبة تلقى التجاهل التام والاستغفال المشين من قبل الفضائيات العربية وخاصة الجزيرة والعربية اللتان مشغولتان اليوم بنقل احداث "ثورات" الناتوا وتغطية غير شريفة لاحداث سوريا ضمن مخطط مخابراتي يقوده اقزام الخليج وخاصة الابن البار للصهيونية العالمية القطري حمد بن جاسم.. وها هي المناسبة الاربعينية بكل ضخامتها وقوتها ومدها الجماهيري المليوني على الابواب تتجاهل تلك الفضائيات العاهرة النقل والتغطية عن عمد لانها لا تخدم اجندتها التي تكاد تنجح ـ في تصورها ـ حينما تغفل هذا الحدث حيث في نظرها اية تغطية للمناسبة تمثل اعترافا بنظرية "الاكثرية الشيعية" وايذانا بصعود المارد العراقي في حلته الجديدة بعد هروب الشركسي الارهابي طارق المشهداني وتهاوي مشاريع المحاصصة الطائفية والتوجه نحو حكومة الاغلبية السياسية .اربعينية الامام الحسين (ع) هذا العام رغم كل اعمال الاستهداف للزوار المسالمين وتنفيذ الهجمات الارهابية بالمفخخات والبهائم الوهابية النجسة لها طعم اخر تختلف عن السنوات الماضية من حيث الاعداد الهائلة والمليونية التي تخطت الرقم القياسي ومن حيث ان العراق يعيش مرحلة تحول عظيم باتجاه لعب دور اقليمي لابد من خلاله ايقاف تدخل دور الجوار العربية من التدخل في شؤونها ووضع حد للعثمانية الجديدة والاعتداء على اراضيه وايقاف ادوارهم المشبوهة والطائفية . فالى متى يظل العرب يحقدون على العراقيين والشيعة ولم يتعظوا من تجارب الماضي والحاضر ؟؟ والى متى يظل العبث بالحقائق والعقول هو ديدنهم ؟! ..فحري بهم ان يذكروا نداء الامام الحسين يوم عاشوراء عندما صرخ في وجه "العرب" قائلا لهم "ان كنتم تزعمون عربا .. ولا تخاوفون المعاد ..فكونوا احررا في دنياكم" !.. فهل حقا "العرب" وبالعقلية التي يحملونها هم "احرارا" ؟! ام ان "العبودية" هي الصفة البارزة فيهم ؟! مالكم كيف تحكمون .
الشيخ حسن الراشد
https://telegram.me/buratha