سماحة السيد حسين الصدر
ما أحلى الموضوعيهكان لخطاب ملك اسبانيا ، بمناسبة أعياد الميلاد صداه المدّوي ، فلقد طرح مسألة تساوي المواطنين أمام القانون ، وهي مسأله مكفولة دستورياً وقانونياً ، ولكنها في كثير من الأحيان لا تعدم من يلتف عليها متى ما مَسّتْ القريبين أو المقربيّن من رموز السلطة ...!!ان قضية زوج ابنة الملك (اينياكي أوردانغارين ، المتهم بالاختلاس ، كانت ماثلة في أذهان الاسبانيين ، وحين جاء تأكيده على أن ( الجميع متساوون أمام القانون ) ، أثار ذلك موجة من الارتياح على المستويين الشعبي والرسمي .لقد نشرت صحيفة ( الموندو ) الاسبانية استطلاعاً شارك فيه (15341) شخصاً ، أكد فيه 81 % منهم تأييدهم لما تطرق اليه الملك الاسباني في خطابه حيث قال :{ اننا جميعاً ، وخاصة أولئك الاشخاص الذين يتحملون مسؤولية عامة ، من الواجب ان تكون تصرفاتنا مناسبة ومثاليهواذا ما حدثتْ تصرفات خاطئه مخالفة للقانون أو الأخلاق فمن الطبيعي ان يكون هناك رد فعل من قبل المواطنين .ولحسن الحظ فنحن نعيش في دولة يسود فيها القانون وان اي تصرف غير صحيح لابُدَّ من محاسبته وانزال العقوبة بمقترفه حسب ما ينص عليه القانون ، فالجميع متساوون أمام القانون )ورغم ان هذه الكلمات لا تحمل جديداً للأسبان الا أنهم استبشروا بها ايما استبشار ، حتى قيل: ( ان الملك على مستوى الأحداث ) ، اشارة الى ما ينتظر صهر الملك ( اوردا نغارين ) من مساءلة وملاحقة قضائية ان مشاعر الشعوب في القضايا الخطيرة تكاد تكون متطابقة بالكامل فليس ثمة من فوارق بين الشعب العراقي المبتلى بالقراصنة واللصوص والناهبين للمال العام ومبرمي العقود والصفقات الوهمية وبين الشعب الاسباني المستاء من صهر الملك المتهم بالاختلاس .ان المحاصصات السياسية والحزبية والطائفية والقومية والمناطقية قادت الى مطبّات رهيبة ، عصفت بالبلاد والعباد .يكفي مثلاً ان يكون فارس الاختلاس واهدار المال العام من فرسان بعض الجهات ، ليبقى في مأمن من ان تهب عليه رياح المساءلة والملاحقة !!والشواهد والأمثلة على ذلك معروفة للجميع ، ولا نُريد ان نذكر الاسماءان رائحة النهب للمال العام تزكم الانوف ،ومن الصعب ان تجد مرفقاً من مرافق الدولة قد نجا من براثن تلك العصابات المتستره بالعناوين الكاذبه، والمستنده الى الدعم الخفيّ للسلطويين .انني على يقين، أنّ المسؤول العراقي الكبير ،الذي يبدأ بعملية التطهير لمكتبه وحاشيته من عتاة اللصوص ، سيحفر موقعه المتميّز في قلوب الناس جميعاً ، وسيكون له النصيب الوافي من التقدير والاحترام ...وهو في ذلك يثبت نقاءه وبُعده عن التلوث أولا .وبرّه بقسمه في الحفاظ على المصالح الوطنيه ثانياً .وموضوعيته وانتصاره على الذاتية ثالثاً .ونزعته المُحبّه لارساء دعائم الدولة العراقية على العدل واحترام القانون رابعاً .وكل ذلك على درجة كبيرة من الأهمية ،ويمكننا القول :انه سيصبح ( القدوه ) والمثل الذي يُحتذى ،وليس مجرد شاغل لأحد الكراسي الرسمية .والسؤال الان :متى سيفوز العراق بمثل هذا الابن البار، الذي سيقلب كل المعادلات المهزوزة والاوضاع المنحرفه ؟لقد آن الاوان لبروز هذا "البطل " العراقي الذي ترتقب اطلالته الجماهير العراقية كما ترتقب اطلالة هلال شوّال .لقد أوشك اليأس ان يملأ القلوب بعد ان خابت الظنون ،وبْحّت الأصوات المناديه بمحاسبة المفسدين ، لكن دون جدوى ، ودون ان تتغير الأحوال ، ان لم تزد سوءً وبؤساً ولماذا يبقى العراق بعيداً عما تشهده المنظومة الدولية من أجراءات وممارسات بحق المفسدين والمختلسين ؟ان الكروش المتهدلة على حساب الجياع والمستضعفين لا تعرف الرحمة، ولن تشعر بوخز الضمير ، فلا بُدَّ من العقاب الصارم الرادع الذي يحول بين أصحاب النفوس المريضة وبين جرائمهم اللئيمة المنكره انّ الاعمال لا الاقوال هي المحك وهي الفيصل ..فمتى يُشرق صُباح العدل ،والارادة الحرّة الوطنية ، التي تنتصر للعراق وأهله من الابالسة ومصاصي الدماء الذين جعلوه يتصدر قائمة الدول الغارقة في بحور الفساد المالي والاداري ؟
https://telegram.me/buratha