كريم الوائلي
احسب ان العراق بات يلفت نظر الاعلام العالمي بقوة بعد ما تجلت صورة الزيارة الاربعينية المليونية الى مرقد الامام الحسين عايه السلام بصرف النظر عن اشتداد التجاذب السياسي بين القوى السياسية وعودة التفجيرات والخروقات الامنية الى ساحته ، لكن إيماءات الاعلام العالمي الى الزيارة الاربعيني تكاد تكون همسا وتلصلصا وتشوبها الازاغة والحول وتعبر عن انتقائية مقصودة وازدواجية مقيتة ازاء المشهد العراقي بكل جنباته ولا سيما ظاهرة تعاظم حشود الحجاج الحسينيون الزائرين لمثوى شهيد الحرية والانعتاق الحسين وابناءه واصحابه عليهم السلام والتي بلغ تعدادها اكثر من 18 مليون زائر من كل انحاء الارض المأهولة . وعلى النقيض من ذلك تتوارد علينا هذه الايام اخبار من طراز مشين وبشكل ملح ومتلاحق ومن قيل كباريات الوكالات الاعلامية العالمية كرويترز ، والاسوشيتدبرس ، وسي ان ان ، والفرانس برس ، وبي بي سي وغيرها عن تزايد اعداد المثليين المسافرين اوالمهاجرين الى اسرائيل وتصاحب هذه الاخبار صيحات الحرص على سلامتهم وتهيأة الاجواء المناسبة لهم ، وهذا من مخازي الاعلام الانحيازي الذي يروّج للرذيلة ، ومعلوم ان الاعلام الانحيازي البنيوي خطيركونه يتجاهل الموضوعية والحيادية والمصداقية ، وما ظهر من تجاهل قصدي للمسيرة الاربعينية الى كربلاء ألاّ تجسيد وتطبيق للاعلام الانحيازي البنيوي وهو مظهر من مظاهر التردي الاخلاقي والتدني المهني للاعلام . ان المسيرة الاربعينية المليونية المتجهة الى الحسين عليه السلام هذا العام لها مدلولات وسماة جديدة وعظيمة على كل الصعد حيث تظافرت جهود الزائرين مع جهود القوى الامنية بمستويات اعلى من السابق وبشعور عال من المسؤلية الامر الذي يشير الى ان الشعائر الحسنية اصبحت من المنظومات التي ترفد النظام العام وتساهم بالاستقرار وتعزز الرابطة الوطنية وتمد المؤمنين بالروح المعنوية العالية كما ان العناية الالهية قد دثرت برحمتها الزائرين وحالت دون استهدافهم في كثير من المناطق ، وما حصل من تفجيرات كان متوقع منها ان تؤدي الى خسائر كارثية وذلك لكثافة الزائرين على الطرق وضخامة اعدادهم وكانت هناك حوادث وتفجيرات خطيرة وكثيرة لكنها لم تنجم عن خسائر كبيرة ، وكان لنوعية العلاقات الحميمية بين الزوار وتحاببهم وتواددهم اكثر من دليل ومعنى حيث اجتمع كل الزوار بمختلف انتماءآتهم ومناطقهم ودولهم واقاليمهم في خندق واحد وموضع واحد ونعني به موقع الثبات على مبادئ النهضة الحسينية والنهج الحسيني وتوظيفه في تمتين وتعزيز اواصر الاخوة بين المؤمنين الرساليين وكان ذلك بمثابة لطمة قاسية على وجه الارهاب والمندسين الذين يعملون على تخريب التجربة التحررية في العراق . ومن دلالات المسيرة الاربعينية الى كربلاء انها ابرقت رسالة واضحة وشديدة اللهجة الى كل الجهات في المحيط الاقليمي بأن العراقيين يعون ويفهمون ما يجري حولهم وانهم سياج دفاعي وجهادي من اجل حماية وصيانة تجربتهم ودولتهم وان لا توجد قوة تضاهي قوتهم ولا عزيمة تضاهي عزيمتهم في الدفاع عن حقوقهم وارادتهم وخياراتهم ، كما وانها حذرت من تهميش العراقيين لبعضهم البعض وعزل جزء او فصيل منهم عن المساهمة بمسؤولية بناء بلدهم وصيانة منجزات شعبهم وان ذلك المنحى اصبح من الامور التي لا يقبلها المنطق ولا العصر وان التنكر لتضحيات ابناء الانتفاضات التي ضمخت الدروب الى كربلاء بالدماء الزكية لا يجدي نفعا ولا يحقق مصلحة لاحد وان لا مناص امام دعاة الحرية وشركاء الدرب واصحاب المصلحة الحقيقية في العراق الجديد ألاّ النزول لرغبة السائرين مشيا الى الحسين عليه السلام وتلبية نداء الوحدة والتوحد التي اطلقها اكثر من 18 مليون فم في بقعة طاهرة اعدها الله تعالى لتكون وطنا لمناجاته وعبادته .ومن مدلولات هذه المسيرة الوعي النوعي الذي تحلى به الزوار، والمشاة منهم تحديدا ، حيث كشفوا عن ايمانهم بفحوى ومعان رسالتهم الانسانية وحرصهم على ايصالها للعالم اجمع على انها رسالة تعبر تعبيرا حقيقيا عن اصرار العراقيين على خيار التحرر من الظلم والظالمين واتخاذهم المسير مشيا على الاقدام الى مثوى امامهم كمرموز دلالي ارادوا منه الابلاغ عن تقلدهم لمبادئ الحسين عايه السلام بمعايير العدالة والمساوات والتآخي بينهم ، وكذلك الابلاغ عن اصرارهم على تحدي امواج الارهاب والكراهية وانظمة الاستبداد والعبودية ، وما من شك بأن تزايد اعدادهم هو مؤشر حقيقي على اتفاق كل العراقيين وبمختلف اديانهم وطوائفهم على خيار واحد وهو التعايش السلمي بين ابناءه في عراق مستقل حر يوحدهم طريق الحسين عليه السلام ويرفض فيه الارهاب والداعمين له والمتدخلين في شؤونه الداخلية من الدول الاخرى التي تعمل على يقضة الفتن والتقاتل الداخلي فيما بينهم لصرف انتباههم عن استثمار ثرواتهم وبناء بلدهم وترفيه ابناءهم وحفظ كرامة اجيالهم القادمة . واحسب ان مداليل جديدة اخرى ظهرت هذا العام في زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام وان من شأن هذه المداليل ان تلي عنق الصمت الاعلامي الدولي وتجعله يرضخ لكونية القضية الحسينية واثرها في التراث الانساني وتأثر الشعوب بها ومن هذه المداليل المديات الدولية للزيارة الاربعينية ورفع اعلام الدول التي تعاني شعوبها من القهر والاستعباد والتسلط السلطوي المستبد وان قضايا شعوب واقليات مظلومة من مختلف انحاء العالم بدءت تطرح نفسها في الملتقى الكوني الحسيني في كربلاء وان من شأن ذلك ان يدعوا المنظمات الانسانية الدولية المستقلة المناصرة للشعوب المظلومة الى فتح مقرات لها في كربلاء بوصفها ملتقي لوفود مختلفة من بلدان محتلفة مثل منظمات حقوق الانسان واليونسكو ومنظمة الشفافية الدولية ومكاقحة الامراض الخطرة ومكافحة العنف ضد الاقليات التي تعان من التهميش والقهر في كثير من دول المنطقة والعالم .
https://telegram.me/buratha