المقالات

أُصول الحرّيّة في العقيدةِ الإِسلاميّة ( الحلقة السادسة)

888 15:13:00 2012-01-29

اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف

عزيزي القارئ اليك اصول الحرية في العقيدة الاسلامية في حلقات من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي / مدير مركز البحوث والدراسات الانسانية في النجف الاشرف ومن تاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف

الجهةُ الخامسة: قنوات الحرّيّة:إِنَّ الشريعة الإِسلاميّة فَسَحتْ المجال لأَفراد المجتمع الاسلاميّ في عدة مجالات للتعبير عن آرائهم ونشر أَفكارهم ومعتقداتهم مِن على أَرضِ معايشهم ومواقع سكناهم في مختلف أوطانهم; للتمتع بحربتهم بالمقدار الذي يتناسب مع امكاناتهم وقدراتهم; وذلك مِنْ خلالِ عدة قنوات لتلك الحرّيّة المشرّعة بحدودها الشرعيّة وضوابطها الإِسلاميّة.

ومن أهم هذه القنوات:القناة الأول: التبليغ والاعلام:وهذه القناة مِنْ أهمِ الوسائل التي تعبّر عن محتويات الدّين الاسلامي والمذهب الحقِّ، وما يعتقد به المسلمين مِنْ عقائد إلهيّة وأفكار إِسلاميّة.فالتبليغ يشغل المرتبة الأولى في هذه القناة، ويتم عن طريق تبليغ الرسالة المحمديّة، ونشر أحكامها وتعاليمها الإِلهيّة بين الناس.ويتمثل بإِحياء الشعائر الدينيّة بصورة عامة، وإقامة المراسم ومجالس العزاء لأهل البيت (عليهم السلام) خاصة، والمجالس الحسينيّة بصورة أخص، عن طريق منابعها الأولى ـ المساجد والحسينيّات بما فيها من أجهزة ووسائل اخرى، كالمطبوعات والمنشورات الجداريّة والرسائل ونحو ذلك ـ والتي تشغل مركز الصدارة بين فروع هذه القناة منذ صدر الاسلام وحتى يومنا هذا، ثم تأتي بالدرجة الثانية وسائل الاعلام الاخرى، كالراديو والتلفزيون والانترنيت وما أشبه ذلك.

القناة الثانية: مراكز نشر الفكر والعقيدة الاسلاميّة:وهذه القناة هي التي تتكفل بنشر وترويج الفكر الاسلاميّ والعقيدةِ الإلهيّةِ الصحيحةِ بمذهبها الحقِّ ـ مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ـ من خلال تأليف وطبع الكتب الاسلامية في كافة المجالات وجميع النشاطات المرتبطة بالمذهب الحق; لإبطال الشبهات التي يروجها اهل الباطل ضد المذهب الحقّ لتشويه صورته الحقيقة; وعن طريق ذلك يمكن إبراز حقيقة الدّين الاسلاميّ بصورتهِ الصحيحة، وبالشكل الذي تنهار أمامه محاولات الاعداء وهجماتهم الباطلة، ويمكن الاستفادة من هذه القناة عن طريق انشاء المؤسسات العلميّة والتحقيقيّة لطبع ونشر المطبوعات والكتب الاسلامية، وتأسيس المكتبات العامة; لحفظ التراث الاسلامي، والمكتبات الخاصة لنشرها، وتسجيل الاشرطة المرئية والمسموعة، والى غير ذلك من وسائل نشر الثقافة الاسلاميّة.

القناة الثالثة: المؤسسات التعليمية والحوزات العلميّة:وتتمثل هذه المؤسسات بالمدارس بكافة مراحلها، والمعاهد والكليات والجامعات; وذلك لرعاية أفراد المجتمع الاسلاميّ، ورفع مستواهم العلميّ لمواكبة التطورات العلميّة; لذا يجب أنْ تتطور هذه المؤسسات بوضع المناهج التعليميّة وتجديدها بما يتلائم مع التطور الحضاريّ والعلميّ على الاقل في كل عِقد من السنين.أما الحوزات العلمية، فهي ثابتة المبدأ والعقيدة; كما أنّها ثابتة المنهج، لان الرسالة الاسلاميّة الحقّة; والمذهب الحقّ متكفلان ببيان كافة المسائل على مرِّ العصور.فالحوزة العلميّة إنّما أُسست منذ زمن الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ولعصرنا هذا، وستبقى أنشاء الله تعالى مدى الزمان; للحفاظ على الرسالة الإلهيّة ومذهب أهل البيت(عليهم السلام) ونشرهما وتبليغهما عن طريق التعليم والتعلّم.نعم، تأتي مسائل جديدة ومستحدثة لابد من تحليلها ودراستها، لتحديد أَبعادها وأَحكامها مِن جميعِ الجهاتِ، وتطبيقها على مسائل الشريعة الاسلاميّة; وذلك باستنباطها مِنْ أصولها المقرّرة من قبل العلماء المتخصين في هذا المجال.هذه هي أهم القنوات الرئيسية للحرّيّة الاِسلاميّة، وهناك قنوات اخرى أعرضنا عن ذكرها مراعاةً لاختصار ولندرة أهميتها في هذا المجال، لدخولها كفروع في ماذكرنا من القنوات.

* * * كيفيّة تحقق الحريّة الإِسلاميّةمِنْ خلالِ حاصلِ البحث في مفهوم الحرّيّة يُمكن أَنْ نستخلصَ عدة نقاط تساعدنا على بيان كيفية تحقّق الحريّة الإِسلاميّة، وهي:النقطة الأولى: الإِرتباطُ بالله (عزّوجلّ)، والاخلاصُ لَهُ في العبوديّة، وعدم الخضوع لغيره تعالى.النقطة الثانية: التحرّرُ الكامل مِنْ أهواء النفس وشهواتها، والعمل على مرضاة المعبود الأوحد (عزّ اسمه)، والجد في طاعته وإِمتثال ما جاء بهِ رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإِتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وتجنب المعاصي، والورع عن محارم الله عزّوجلّ.النقطة الثالثة: الوعيّ الكافي في أهمِ المسائل الدينيّة، والأحكام العملية، وتطبيقها بأكبر قدر ممكن بحسب العلم بها، واستثمار طاقة العقل في هذا الوعي بشكل دقيق.النقطة الرابعة: معرفةُ أهم الحقوق التي يستحقها الآخرين مِنْ أجلِ التمتع بحريّتهم المشروعة، مضافاً لذلك وعي كلّ شخص لواجباته تجاههم; لكي لاتكون حريّتهِ المنشودة على حسابهم، وبهذا يحصل على مرتبة مِنَ العدلِ والمساواةِ، والاحسان اليهم، فلايعتدى على أحد، أو يتجاوز على حقِّهِ، فضلاً عن ظلمه.النقطة الخامسة: الإِبتعادُ عن اجواءِ المصادمات مع الأعداء، وإِثارت الفتن بين الناس، وتجنّب الدخول فيها بشكل مطلق; لكي لاتكون سبباً في الحرمان مِنَ الحريّة.* * *

خلاصة الكلام وخاتمته:«في ماهية الحرّيّة في الإِسلام»إِنَّ الحرّيّة الحقّة تعني كون الإِنسان مختاراً في جميعً أفعالهِ، بحيث تصدر عنه بصورة مطابقة لأحكامِ الشّريعةِ المقدّسةِ; كتعطي معنى العبودية الخالصة لله تعالى.فالحرّيّة في نظر الإِسلام العزيز، هي دائرة واسعة مؤطرة بضوابط عقائديّة، تحيط بها حدود شرعيّة رسمتها الشّريعة المقدّسة، ولاينبغي لأيِّ أحد أْنْ يتجاوزها; لكي لاتخرج عن مفهومها الحقيقي; والّذي يضمن لكُلِّ فرد كرامته في المجتمع.كُلُّ ذلك يكون في حالة تكامل مراحل الحرّيّة عند الإِنسان الكامل العاقل الذي يسعى لرضى الربِّ الحكيم (جلّ وعلا)، فهي بكافة أقسامها حق عام منحه الدّين الحنيف لكافة البشرية، وحينئذ سوف تحقق له ثمرات جمة تدفعه لتهذيب شخصيته الاجتماعيّة والثقافيّة والدينيّة.وعلى ضوءِ ذلك كلّه يمكن أَنْ تتحقق الحرّيّة التي أقرَّتها الشرّيعة الإِسلاميّة; والتي تؤدي الغرض المرجو من تحققها، بحيث تجعل من الإِنسان الحرِّ عبداً خالصاً لله عزّوجلّ بعيداً عن الخضوع لغيره، وهو الذي تحرّر من أهوائه وسلطان نفسه الأمارة، وقد حظى بوعيٍّ دينيّ نزّيه، وأحاط بحقوقه تجاه الآخرين، وواجباته كذلك.وحينئذ سينال هذا الانسان ثمرات حرّيّته الحقيقية بكل معناها طبقاً لمفهومها الصحيح المنسجم مع تعاليم الدّين الاسلاميّ القويم، وسيحظى بالحياة الهادفة، والعيش الرغيد، والاستقامة في السلوك، والسير على الطريق الذي يؤدي لمرضاة الله تعالى* * *

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك