علي حسين غلام
تقاس المجتمعات المتطورة والفاعلة بمدى إهتمامها بالنخب والكوادر المتقدمة في جميع المجالات، وخصوصاً إذا كانت تولي أهمية وعناية خاصة بالشباب الذين هم القاعدة والركيزة الأساسية لديمومتها ورافد لاينضب لصيرورتها، كونهم يمتلكون طاقات وقدرات هائلة وروح إبداعية خلاقة وطموحات وتصورات هادفة لتحقيق آمال وتطلعات المجتمعات والأرتقاء بها للمجد والعلا مقرونة بالأنتماء الحقيقي لها والشعور العالي بالمسؤولية إتجاهها والإفتخار بهويتها الوطنية. من أجل وضع برنامج موضوعي ومنهجي لحركة الشباب الفيلي لابد من دراسة حقيقة وخلفيات الواقع السياسي والإقتصادي والثقافي والآثار المعنوية المترتبة من جراءها والذي هو مشتت بفعل الظروف والإوضاع المأساوية التأريخية التي عاشها والضغوطات النفسية والفكرية التي مرّ بها والتي تتعاكس وتتضاد مع الرؤى والفكر الوطني الفيلي، إضافة الى تحمل أقسى أنواع الإضطهاد العرقي والمذهبي والمتمثل بالهروب من الهوية الفيلية بل والأنسلاخ عنها خوفاً من التنكيل والتهجير، إن تداعيات ما جرى على المجتمع الفيلي إنعكس بشكل سلبي واضح على دور الشباب الذي ينبغي أن يقوم به في سبيل النهوض بواقعهم، حيث تم قتل روح الإستشراق والإبداع من قبل السلطة الفاشية المباده، وإبعادهم عن مواصلة إكتساب المعرفة والسير قدماً في رحلة التطور والحصول على الشهادات العليا، وبث مفهوم الإنهزامية في نفوسهم لقبول أمر واقع الحال والخضوع لقوة السلطة والقدر المحتوم. في سبيل عبور مرحلة الإحباط وتغيير الواقع الراهن المتأرجح بين التشتت والإتكالية لابد من برامج وأنشطة منطقية تستنهض روح الإندفاع والمثابرة وتثير الرغبات الجامحة لبناء الذات بكل أبعادها وتبني القدرات لإكساب الشباب المعارف والمهارات التي يحتاجونها لتلبية مستلزمات تطوير المجتمع ومواكبة متغيرات المرحلة الحالية، وتضعهم على المسار الصحيح ليأخذوا دورهم الفاعل والشامل وطنياً وقومياً، وإخراجهم من مواقع روّاد الأحلام والأماني الفارغة والمثرثرين الذين أقوالهم أكثر من أفعالهم كذلك وإبعادهم عن الخمول والتسكع في أروقة اللهو والبطالة التي ستؤدي الى ما هو أسوء والسقوط المحذور في متاهات ضالة والخروج على سيادة القانون. ليتذكّر الشباب الفيلي إن في أعناقهم دَيّن ثقيل وفي ذمتهم عهد كبير وإلتزام أخلاقي بالوفاء للدماء الزكية للشباب الذين إحتجزوا وغيبوا في المقابر الجماعية وحرموا من فرص الحياة للتأثير فيها وترك الآثار عليها وحمل الرسالة الفيلية، وعلى هؤلاء الشباب إن يحملوا تلك الرسالة الإنسانية ويثبتوا للعالم إنهم خير خلف لخير سلف، السلف الذي كُبحَ جماح عنفوانه الفكري وأُخمَدَ براكين توهجه وتألقه في كل الميادين بسبب الظلم الهمجي والتهميش القسري وفق رؤية عنصرية، لقد جاء الوقت الذي فيه واعدت المشيئة الألهيه شبابنا المتوقد حماساً ليحملوا مشاعل النور والإنطلاق للإبداع وتفريغ طاقاتهم بما يخدم المجتمع الفيلي، وتزامناً وإتساقاًمع ذلك لابد من برامج تربوية وثقافية وسياسية وإقتصادية وإعلامية وترفيهية لتأهيل الشباب لمستقبل واعد وفتح الآفاق ليشرعوا في تجسيد المبادئ والقيم، وهذا يتطلب تظافر الجهود من أجل بلورة هذه الإستراتيجية والعمل الفعلي الجاد والتوأمة والربط بين النظرية والتطبيق والقول والفعل كما قال جوته (المعرفة وحدها لا تكفي لابد أن يصاحبها التطبيق... والإستعداد وحده لايكفي لابد من العمل)، فالمرتكزات الأساسية لحركة الشباب هي متبنيات نظرية فكرية وعملية بمفاهيم تطبيقية وإن المسؤولية مشتركة في إداء الأمانة من أجل مجتمع فيلي مزدهر يتدفق بالحيوية والنشاط يترك أثراً وبصمة في سفر تاريخه المجيد.
https://telegram.me/buratha