المقالات

ملتقى براثا الفكري تغذية عقائدية سليمة

2006 17:38:00 2012-02-15

سعد الزيدي

يتفرد الوجود الإنساني عن غيره من الوجودات الحية بحاجته للتغذية الروحية بالإضافة إلى حاجته للتغذية البدنية أو الجسدية وأن هاتين التغذيتين بينهما مشتركات كثيرة ،منها العوامل التي تؤدي إلى رقي التغذية حيث يجب أن يكون الغذاء متنوعاً وسليماً اليوم يغطي الاهتمام في التغذية الروحية ونعني به الجانب الثقافي من حياة الأمم والشعوب مساحة واسعة من الأعمال الإنسانية اليومية وتنوعه ممتداً من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وكأننا في خضم بحر لجي من مكونات التغذية الروحية من النظريات والرؤى والاجتهادات والموروثات الاجتماعية وعوامل تفعيلها من القنوات الفضائية والمواقع الكترونية وغيرها من آليات تكنولوجيا المعلومات التي تساعد في إيصال الإنتاج الثقافي الى المتلقي، أن هذه المسميات تتشابه في مصطلحاتها وتتداخل في محتوياتها فتشكل أسس تقارب بين الأمم والشعوب ويضاً تتباين وتتصارع فتعمل على خلق التباعد والعداء،لكن يبقى السليم والأصيل نزر قليل قد يصعب العثور عليه وتشخيصه وفرزه، وفي بدايات هذا القرن زاد خلط الأوراق حيث اشتدت حدت الصراع الثقافي بين الأمم نتيجة لتشابك المصالح وكوسيلة لتصدير الاحتقانات الداخلية ويضأ الأزمة الاقتصادية التي رافقت مطلع القرن الحادي والعشرين بالإضافة إلى اختلاف في فهم مصطلحات ومفردات العولمة والحداثة (فاختلط الحابل بالنابل ) مما جعل عملية الفرز والتشخيص تحتاج إلى تخصص وخبرة من هنا تأتي أهمية التواجد النوعي في الساحة الثقافية لقادة الفكر والمنظرين من الأمة وأن تُكتب كنوزنا الثقافية من أمهات الكتب ونظريات علمائنا وفلاسفتنا بلغة العصر وتوضع في متناول الجميع وأن يترجم التراث الإسلامي إلى اللغات الحية وأن يفعل دور منتدياتنا الثقافية وقنواتنا الإعلامية، وأن نجمع بين الأصالة والحداثة في عرضنا على الآخرين وأن نكشف زيف وادعاءات أصحاب الطروحات المغرضة والأقلام المأجورة والثقافات العدوانية التي تصرح بالعداء لنا وتتسابق في غزونا بالمنحط من تفاهتهم الخلقية وأدبياتهم المتسافلة من خلال الأعمال الإرهابية وغيرها مما يعرف بالحرب الناعمة والحرب الإعلامية،فهي تتفنن في عرض الإساءة لمعتقداتنا، وتتسابق في بث الرذيلة والتعتيم والتشويه لما يبث من فضائياتنا أن منهجنا الثقافي مستهدف منذ زمن بعيد وقد اٌبتليّ بنوعين من العداء أولاً- أعداءٌنا التاريخيون وهم مولعين بشتمنا جهارا في الليل والنهار ومتمرسين بأساليب الخداع والكذب (فيدوفون السم بالعسل) وينسبون إلينا الجهل والخرافة وينسبون تفهاتهم إلى العولمة و الحداثة لتبرير عجزهم في إقناع المثقف الأخر، فما عندهم ليس فيه من الوضوح شيء و ليست لديهم حدود في الرفض والقبول وفي الممنوع والمسموح ، كما لا حدود لهم بالنيل من الآخرين ،ولا خطوط حمر يقفون عندها ولا رادع من ضمير أو حدود لياقة أو احترام معتقدات الشعوب وحريتها في الاختيار0 أن سبب ذالك مما لا يختلف عليه أثنين وهو( لا يوجد في ثقافاتهم حرمة للآخرين) (وكل إناءا بالذي فيه ينضحُ) أن هذا العداء من جانب واحد لأننا ليس في معتقداتنا ضرر للآخرين فلا عدوان ولا اكره نؤمن بالحرية والاستقلالية ونرفض العبودية والتبعية0 ثانياً- أنصاف المثقفين من الأمة هؤلاء لا يشكلون منظومة ثقافية ولا يمكن أن ينسب ما عندهم إلى النظرية الإسلامية وليس فيه من الأصالة شيء يعتد به فهو هجين أو أقرب إلى المتطفل على مجموعة أراء لمدعيّ العلم ووعاظ السلاطين وهم ليست بعلماء وممن شذ عن إجماع الأمة وعن المتواتر من تاريخها0 أن بعض أتباع هذا السلوك العدواني يقفون اليوم وراء ماكنة الإعلام ويمسكون بثروة الأمة فيستهون المرتزقة من تجار الكلمة ويعملون على تفريق الصفوف ويدقون طبول الحرب كما يصفهم المغفور له الدكتور شيخ أحمد الوائلي 0أن شكوانا وتعليقاتنا على ما ينشرون ويكتبون ونصائحنا لهم بالكف عما يفسدون تذهب أدراج الرياح ، أن هذه الأسباب وغيرها تؤكد دور العالِم والمثقف من خلال المدرسة والمنتدى والجامع في التصدي الواعي لقد كان جامع براثا متنبه لدوره في التصدي فكان متفوق من خلال مواقعه الالكترونية ومكتبته العامرة بصنوف المعرفة والتراث التليد وما يُكتب ويُنشر ويُلقى في خطب الجمعة وغيرها من المناسبات وما يعقده إمام وخطيب جامع براثا المحقق الإسلامي سماحة الشيخ جلال الدين الصغير من منتديات ثقافية وعقائدية وتربوية وفقهية، ولذالك لم يعد ملتقى الجمعة الثقافي الذي يعقده سماحة الشيخ الصغير في جامع براثا ترف ثقافي، بل هو ضرورة أملتها أسباب عدة منها التي اشرنا اليها ومنها أسباب محلية وداخلية وتاريخية ، حيث أن اغلب المكلفين يجهلون الكثير عن تكاليفهم الشرعية في الأصول الدينية خصوصا اصل الإمامة وأن هذا الإهمال في التكاليف ناتج من العوز الثقافي،الذي من جملة أسبابه انحسار دور العلماء نتيجة تراكمات الماضي بكل ما يحمل من مآسي صُبت على أتباع آل بيت العصمة صلوات الله عليهم جميعا، ومنها التشويه الروائي الناتج من انعكاسات الثقافة التسلطية آنذاك على الرواة وبالتالي على الروايات،ومنها استمرار منهج السطحية وعدم التحقق لدى أكثر الكتاب،ومنها الغزو الثقافي المعادي ومنها00الخ0أن هذا النهج من التوعية والتصدي له الأثر البالغ في تكوين الحصانة الثقافية ولذالك عليه تأكيد كثير صادر من الثقلين كتاب الله جل جلاله والعترة صلوات الله عليهم، أن المجتمع المثقف ينظر بعين الإعجاب إلى منتدياتنا الثقافية التي تمثل امتداد لحوزاتنا العلمية وأنه يقدر هذا الدور الريادي لجامع براثا ويأمل منه الكثير لأن تاريخ مسجد براثا الطويل حافل بالعطاء الأدبي والثقافي فالطلما عقدت في مكتبته الندوات والملتقيات والأمسيات الثقافية والأدبية وكانت أخر أمسية احتفالية شعرية وخطابية حضرتها في مكتبته قبل الحصار العلمي الاضطهادي الصدامي كانت في عام (1969) بذكرى ميلاد سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، وكما يقول الأثر (أن المكان بالمكين ) فأن مجتمعنا لا زال ينتظر من هذا المركز المشع بالفكرالمحمدي توسيع دائرة الاهتمام ودائرة المستفيدين من خلال احتضان ذوي الاختصاص والخبرة وتوظيف وسائل البث الحديثة،وعلى ذوي الاختصاص الحرص على التواصل مع براثا في كتاباتهم وعلى المتلقين الحرص على تواجدهم ومشاركتهم ومداخلاتهم البنائة، أن تفاؤلنا بتحقيق هذا الانتظار سببه ما عهدنا من حرص أدارة جامع براثا على تقديم الأفضل واهتمام سماحة الشيخ جلال الدين الصغير حفظه الله الكثير بنوع العطاء الفكري والتصدي النوعي المسؤول وما امتاز به كعالم يعشق أطروحته حتى شاع بين المسلمين وخصوصاً أتباع مذهب التشيع في العراق وخارج العراق بأن سماحة الشيخ الصغير من أهل المبادرات والتصدي لشؤون أمته ومن المهتمين بقضايا مجتمعهم من حيث النوع والكم وها هو قد تفرد بنوع من التصدي والعطاء (جعله الله في ميزان حسناته ) لأخطر موضوع وأهم ما يجب أن يعتني به في هذا العصر وأدق مسائلة هي محل ابتلاء متنوع ألا وهو (متعلقات وحيثيات الغيبة لإمام العصر) سلام الله عليه ، حيث تميز هذا التصدي بعدة مميزات أولاً سعة المعرفة ودقة التشخيص ورُقٍّي الشعور بالواجب اتجاه الجماعة لتوضيح ما يجب أن يعلمه المكلف من الواجبات الشرعية اليومية اتجاه الإمام، وثانياً القراءة الواقعية المعاصرة لمفردات الروايات المنقولة عن المعصومين في موضوع الغيبة التي تتلاءم مع الاهتمام المسلط عليها من النبي الأكرم والعترة المطهرة صلوات الله عليهم ، ولهذه القراءة المعاصرة ضرورة سببها تباعد الزمن بيننا وبين وقت صدور الرواية من المعصومين صلوات الله عليهم، سيما وهم يقلون (0000 امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم )، وثالثاً تشخيص آليات التعامل الشرعي والثقافي اليومي وعلى كل المستويات الفردية والاجتماعية، ورابعا الانتباه إلى ما خفي على الكثير من أن هنالك ترابط حقيقي يجب استثماره بين مشروع الاستعداد لنصرة الإمام أي تفعيل مفهوم الانتظار وبين الاستفادة من ممارسات الأنبياء والأئمة في التمهيد والاستعداد، وبناءاً عليه استوجب استحضار توصيات الأئمة في تفعيل المشروع المهدوي من خلال توظيف آليات الممارسات الاجتماعية في أحياء المناسبات الدينية لذا فهي توظّف لتجسيد الاستعداد للنصرة ، وخامساً الشمولية التي تغطي مساحة واسعة من مفردات الغيبة، وسادساً سماع الأخر بكل إصغاء والمناقشة بالدليل الملموس0أذن هذا الملتقى وهذا الموضوع الرئيسي المتفرد في الشؤون المهدوية وبألحاظ غزارة المعلومات والتحقق من مراجعها الذي تميز به سماحة الشيخ الصغير أيضا حيث أبان ذالك من خلال كتبه ومحاضراته في المواضيع المختلفة،أصبح لا غنى عنه ولا بديل له أن هذا الموضوع المتفرد بالأهمية وبهذا الوصف كما أشرنا لم تتناوله وبحسب إطلاعي الفضائيات التي تتناول علوم آل البيت عليهم السلام ولا حلقات الدرس ومنابر الخطابة0وبهذا المقتضب من العرض حيث لا أجد نفسي محتاج إلى الإطالة ألفت أنظار أهل الاهتمام والتغطية الإعلامية من فضائيات وغيرها الى الحضور الى جامع براثا ونحن نأمل أن نرى من الفضائيات تحت عنوان (نقل مباشر لملتقى الجمعة الثقافي من جامع براثا )

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
أبو محمد
2012-02-18
التحديات التي تشهدها الأمة الأسلامية تفرض على علماء ومثقفي الأمة حملة توعية تجند لها كل الأمكانيات المتاحة وبأساليب تناسب مختلف طبقات المجتمع. بعيداً عن الاساليب القديمة والمملة والغير مفهومة لدى الأعم الأغلب.
الدكتور شريف العراقي
2012-02-18
عليكم نشر الاضطهاد الصدامي
قاسم بلشان التميمي
2012-02-17
استاذي وصديقي الرائع سعد الزيدي كما عهدتك دائما وابدا مبدع لك مني الف تحية استاذنا الكريم قاسم بلشان التميمي
فائز
2012-02-16
سمعت البارحة محاضرة عن علامات الظهور وبالتحديد عن التغيرات المناخية. وكانت محاضرة جيدة ولكن للأسف إن الناس في وقتنا الحاضر بعيدين عن تلك الأجواء فالألكترونيات الحديثة أبعدتهم عن المتابعة الثقافية فأخذوا يستثقلون سماع المحاضرات . صحيح إن بعض المحاضرين مملين ولا يضيفون شيئاً لمعلومات ولا لروحيات الأنسان ولكن الإنسان يجب أن يميز الجيد من السيء أو المفيد من عدمه .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك