المقالات

تفضّيل ( الخنثى ) على الذكر والأنثى

2747 16:35:00 2012-02-19

السيد حسين السيد محمد هادي الصدر

تفضّيل ( الخنثى ) على الذكر والأنثى

في غمرة المعاناة التي يعيشها أصحاب الحاجات لا تعدم أنْ تجد بعضهم يبحث وينقّب عن وسيلة يلجأ اليها مستعينا بها لقضاء حاجته .وهذا أمر دأب عليه الناس في عموم الأقطار والأعصار على أختلاف ألوانهم وأديانهم .انهم يبحثون عن الشخصية النافذة ذات المكانه العالية التي تستطيع التدخل لحسم قضيتهم ايجابياً وهذا ما يُطلق عليه عندنا ( الواسطة ) .وبالفعل يستجيب الكثير من أصحاب المواقع المهمة والمناصب الخطيرة ، لتلك الشخصيات المؤثرة وينجزون لهم ما يطلبونه .انّ اصحاب الجاه ، والمكانة المتميزة ، والرأي المسموع على ضربين الأول : من يسخو بجاهه ولا يبخل على أحد ببذل مساعيه لأنجاح ما يريد وهؤلاء هم أصحاب النُبل والنزعة الانسانية الحميدة .....الثاني :الفار من المعروف والاحسان فراره من الجراثيم ....وهؤلاء هم المتكلسون الذين لا يبالون بمعاناة غيرهم ، مهما كانت الأحوال .ان البخل بالجاه لا يقل بشاعة عن البخل في المال هذان الضربان معروفان ، وهما نمطان مألوفان في كل زمان ومكان والى جانب هذين النمطين ، تلمح أحياناً بعض النماذج اللعوبة الكذوبه التي لا ترفض صراحةً مطالب الذين يدعونها للتدخل في حلّ قضاياهم ، ولكنها في الحقيقة لا تتعاطى معهم الا بغش واحتيال .انها تديف السم بالعسل وانها تفضل ( الخنثى ) على الذكر والانثى .وهذا النمط يلحق بالقسم الثاني الباخل بجاهه على غيره ، ولكْن مع لؤم واحتيال وقلّة مبالاة في القيل والقال .انهم يتظاهرون بالتفاعل الايجابي مع طلبات المحتاجين ويتسترون على حقيقة مواقفهم ، فاذا انكشفتْ ،لجأوا الى بارد الأعذار وكاذب العلل والأسرار ....!!!!والغريب ان التاريخ سجّل أمثال هذه المواقف على أسماء لامعة ،لها وزنها ومكانتها السامية في دنيا الأدب والمعرفة والثقافة ..!!ومن اولئك النفر : ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ صاحب كتاب البيان والتبيين الذي سأله بعضهم كتاباً الى بعض أصحابه بالوصية به فكتب له رقعةً وختمها فلما خرج الرجل من عنده فضها فاذا فيها :{ كتابي اليك مع من لا أعرفه ولا أوجب حقه فان قضيتَ حاجتَه لم أحمدك وان رددتَه لم أذمك فرجع الرجل اليه ، فقال الجاحظ :كأنك فضضتَ الورقة ؟قال :نعم قال :لا يضيرك ما فيها ، فانه علامةٌ لي اذا أردت العناية بشخص .فقال الرجل :قطع الله يديك ورجليك ولعنك فقال الجاحظ :ما هذا ؟قال :علامة لي اذا أردتُ أنْ اشكر شخصاً } والسؤال الآن :هل كان الجاحظ يصطنع هذه القضايا ،ليدخل مفردة جديدة من مفردات القضايا الغربية التي يسوقها ضمن نوادره وملحه وطرائفه ؟أم أنه كان يضن على الناس حقيقةً بمعروفه واحسانه ويستسيغ الحيل والاكاذيب ؟الاحتمال الأول هو الارجح عندي وهو الأقرب الى طبيعة الأشياء ولقد جرّبنا " الجاحظ " في حديثه عن نفسه فقد روى انه كان على باب داره فجاءته امراةٌ قائلةً :{ لي اليك حاجة ،وأريد أن تمشي معي ،فقمتُ معها ، الى ان أتتْ بي الى صائغ يهودي وقالت له :مثل هذا وانصرفتْ فسألتُ الصائغ عن قولها فقال :انها أتت اليّ بفص ، وأمرتني أن أنقش لها عليه صورة شيطان ، فقلتُ لها :ستي ما رأيتُ الشيطان ، فأتتْ بكَ وقالتَ ما سمعتَ }ولقد قيل في ترجمته انه كان :{ ميالاً الى الملح واللطائف ، والنكت والطرائف ،والتندر والعبث ، والسخرية والهزء لا يبالي ان يدّون النكته وان يرويها ولو كان فيها ما يتناول سمته ، ويمس جلاله ويأخذ من حلى وقاره } ومن المشاهير الذين ضنوا بمعروفهم على الناس خالد بن صفوان ، الخطيب البليغ الشهير فقد كان يقول :أربعة لا يُطمع فيهن عندي الفرضوالقرضوالهرس وأن أسعى مع أحد في حاجة وهو بتخليه عن ذلك يسجل على نفسه السلبية المقيته وفي الأمثال :{ إمّا (نعم ) مُرْبِحة أو (لا) مُرِيحة }وعامة أصحاب المواقع المهمة اليوم يتحاشون اللقاء بالناس وبالتالي غابت (نعم) المريحة واختلفت (لا) المريحة،حيث لا ربح ولا راحة للمستضعفين والبائسين والفقراء في الساحة

حســـين الصـــدر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قاسم بلشان التميمي
2012-02-20
سيدنا الجليل مقالك رائع واحسنتم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك