المقالات

خرافة القومية العربية

1047 13:05:00 2012-03-03

نعيم كرم الله الحسان

عندما استفاقت اوربا وبدأت نهضتها العملاقة وعلى كل المستويات خلعت ردائها الكهنوتي وارتدت قميص العلمانية الفضفاض وادى تفكيرها السياسي الجديد الى الاطاحة بانظمتها الدكتاتورية العتيدة بعدما انزل توماس هوبز وجون لوك السلطة من السماء ليضعوها على الارض والحق ان اوربا التمست طريقاً واضحاً ودقيقاً واعتمدت في مفهومها الجديد على الدولة القومية ونجحت نجاحاً جعلها الان تعتبر امثولة العالم في التقدم والتنظيم والرقي المدني ولم تكتفي بذلك بل انجبت ابنتها الكبرى على غرارها والتي اسمت نفسها امريكا او العالم الحر او العالم الجديد .كان كل مفهوم انتجته العقلية الاوربية منسجماً مع مسار حضارتها وطموحها واهدافها .وكنا نحن حين ذاك تحت الخلافة العثمانية بعدما تخلى العرب السنة عن نظريتهم القائلة ان (الخلافة في قريش) اصبحت الخلافة تركية وعندما انتشر مفهوم الدولة القومية تحرك العرب انذاك لكي يتخلصوا من الخليفة التركي وليكونوا كيانهم الجديد تحت المفهوم ذاته وبدأت مراسلات الشريف حسين مع مكماهون الذي وعدهم بقيام الدولة العربية القومية وعلى عكس ما خطت اوربا وخططت نشأ المولود العربي مضطرباً لا يعرف اين يضع قدمه ومشوهاً فتارةً يبدو اسلاميا متشدداً الى حد ابادة الجنس البشري وتارةً يبدو علمانيا بأشد مظاهر العلمانية لكنها دكتاتورية قحة على طريقة العرب والحق ان الدكتاتورية العربية هي التي سادت بعد الخروج من المعطف التركي وبقيت الدولة القومية ليست على طراز اوربا الناجحة ولكنها دولة قمعية متخلفة وراكدة وضلوا طيلة قرن من الزمان ينادون ويستهلكون كل شيء بأنهم لديهم قضية اساسية وهي قضية فلسطين واهوموا الفلسطينيين ردحاً من الزمن بأنهم سوف يستردون بلدهم المسلوب بأسم القومية العربية الامر الذي ادى ان يصدق الفلسطينيون هذا الوعد المزعوم والحقيقة ان الحديث عن مدى تشوه فكرة القومية العربية واخفاقاتها لا يختصر بمقال لكنني سوف اضرب مثلاً لضطرابها .كان النظام البعثي في العراق يطرح نفسه بأنه ممثل القومية العربية ورائدها والمدافع عنها وانه سوف يحمي البلدان العربية من اي تهديد خارجي لكنه سرعان ما احتل الكويت وشرد اهلها وحكومتها واصطف العرب هذه المرة مع قوات التحالف الدولي لكي يخرجوا بطل القومية العربية من الكويت وكان من ضمن الذين ساهموا في التحالف جمهورية سوريا العربية وقاتلت الى جنب جيوشهم ضد القوات العراقية الغازية .ونرى اليوم ومن مفارقات خرافة القومية العربية ان يصطف النظام العربي التقليدي ضد النظام السوري لأزاحته عن الحكم في الوقت الذي يعتبر النظام السوري احد قلاع القومية العربية الذي ظل يدافع عنها طيلة وجودة وهناك شواهد لا تعد ولا تحصى على مدى الولادة الشوهاء للنظام العربي بعد خروجه من تحت عمامة السلطان التركي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك