المقالات

حتى لا يحرف الكلم ببريق الحرية

739 22:09:00 2012-03-11

سعد الزيدي

الأمن الثقافي أو الحصانة الثقافية مفهوم معاصر يعني الحصانة الفكرية للإنسان من التأثيرات السلبية التي تحملها الثقافات المعادية لمنظومته (العقدية والأخلاقية والتربوية) وبالتالي ممانعة كيان الأمة من الانهيار 0 أن السلوكية الحياتية للفعاليات اليومية الفردية والاجتماعية التي تظهر عليها أثار المفاهيم الثقافية تمثل الحالة العملية لبناء الأمن الثقافي،وأن الحرص على اعتبار ذالك حالة طبيعية حاضرة في المفردات اليومية يمثل قوة الأمن الثقافي وقيمته الحضارية0الأمن الثقافي يشكل مقدمة وضرورة لكل أنواع الأمن كالأمن العسكري والأمن الغذائي ،هكذا تقول التجارب العالمية ، وتقول أيضا ما من أمة استبيحت عسكريا إلا من بعد غزوها ثقافيا ، وما من صمود حقق نصر إلا مع أيمان بالقضية وما من بناء حضاري إلا بتراكم معرفة وما هذا وذاك إلا حالة الظهور للحصانة الثقافية فهي تحقق المناخ المناسب لحالة الإبداع وتجلب الثقة والقناعة وترسخ الأهمية وتدعم الحجة التي تقود إلى التقدم والنصر0 أن الحصول على الأمن الثقافي أصعب من تأمين باقي فروع الأمن وصيانته والحفاظ عليه أكثر صعوبة 0 من هنا تأتي أهمية الأمن الثقافي والحصانة الأمنية ،وكونه من المسؤوليات الجماعية التي تتوزع أدواره وفق كل المستويات وتتناسب مع الحصيلة الثقافية للأفراد والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية واختصاصها ودورها في البناء الاجتماعي0 نحن لا نفتري على احد إذا تفاخرنا بقيمنا الحضارية وقلنا برقي مفاهيمنا الثقافية ،فنحن أمة لا ندعي غير ما نملك ولا نقول إلا ما نعلم ولا نخشى الانفتاح الثقافي ،وأن خزائننا طافحة بكل فروع المعرفة وبشهادة الآخرين ، وقبلهم شهادة السماء ونحن نعتز بالانتماء إلى هذه القيم والمفاهيم ،فهي تشكل منظومة تربوية سماوية، ومنهج قويم متكامل ،أساسه رسالة سماوية ورسول مؤتمن حيث تقول السماء بأن الرسالة أو الكتاب (تبيان لكل شيء) والرسول ( ما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى ) ، فخلف فينا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، أهل بيته هم عِدل الكتاب وترجمانه و التجسيد لسنته وهم الذين طهرهم الله من الرجس ، فهم والكتاب باقيان لا يعتريهم العدم ولن يفترقا حتى يردا عليّه الحوض (ما أن تمسكتم بهم لن تضلوا بعدي )،أذن الذي شرعه علام الغيوب و يوّصِي به من هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، يبين لنا كيف نحيا في عالم الدنيا ولا نضل 0 وهذه من قيمنا الحضارية التي نضعها في برامج تربوية عملية يومية ،وهي من علامات ديمومة الأمة حيث تبقى وتحترم الأمم بصحة وسلامة معتقداتها ورقي بناءها الثقافي0أذن لدينا من أسباب الحصانة الثقافية ما يؤمن المجتمع من الضلالة و يحفظ تماسك البني الاجتماعية فيحول دون تفسخ وضياع وحدتنا 0أنّ منظومتنا الحضارية في زمان غيبة الإمام ( عجل الله تعالى فرجه الشرف ) أوصت بأن لا نأخذ أسباب معرفتنا من كل من ادعى العلم ممن تربى بشريعة صهيون ومن ندما الملوك و وعاظ السلاطين وبالتالي تكون آليات بناء الشخصية الثقافية والأمن الثقافي منحرفة خاطئة ، بل رسمت لنا طريق الهداية وهو ما تضمنه قول الإمام سلام الله عليه (( وأما من كان من الفقهاء حافظاً لدينه،صائناً لنفسه ،مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه ))على الأمة أن تسلمه الزمام وتلقي إليه بمقاليد القيادة، وهذا ليست أمر نظري يدخل إلى عالم التطبيق أو لا يدخل ، بل أمر فعلي تطبيقي وهو قيادة عامة للمجتمع والأمة، ومن فروعه إنشاء دور الدرس والتدريب وتخريج الكوادر الميدانية ووضع مفردات المنهج التربوي الثقافي بما يحصن المواطن والمجتمع 0 نحن غير منغلقين ونؤمن بحوار الحضارات وهي متداخلة وأن الثقافات تتلا قح فيما بينها فتلد حالة التطور المعرفي ونحن في نفس الوقت قادرين على فرز الصالح من الطالح ،لذا فأن الأفكار والمبادئ المضلة المستوردة والثقافات المنحرفة التي يتلقاها شبابنا من وسائل الإعلام هي أبداً ليس التجديد والحداثة والعصرنة بل عبارات خلابة فيها بريق كاذب صناعها يحرفون الكلم عن مواضعه بخروجهم عن الأصالة والقيم التي تبني الإنسان المفكر والعالم والأديب ويتبعون الباطل والشهوات ويفسرون الأمور بآرائهم القاصرة التي لا تصمد أمام الدليل والبرهان والاستدلال المنطقي, يرومون من وراءها تخلف الأمة لتبقى سوق لمنتجاتهم ، فهم يدسون الشبهة والمغالطات حول الدين والمذهب والأئمة والعلماء ، وهذه المغالطات لا تضر المجتمع المحصن كثيراً بل تدخل من نقاط الضعف كأن تداعب رغبات الشباب الشهوية أو الشباب المهزوز عقائديا وفكريا ،أن الإهمال المتعمد للجانب التربوي والثقافي أتعب الأمة وجرها للمسير في دروب تضيع فيها مواقع الأقدام ولم تحصد من ذالك غير ثغرات كبيرة في بناءها الحضاري 0 أن مشروع بناء الإنسان ثقافيا وتسليحه عقائديا من أولويات الأمم فهو يسبق أو يوازي بناء المرتكزات الحياتية الأخرى مثل البناء الصحي والبناء العسكري ولذا ينبغي الالتفات إلى تقويم الاعوجاج وتنمية الأسرة والاهتمام بالمناهج الثقافية وتوفير وسائل إيصالها إلى المتلقي وإنشاء المراكز الثقافية ، لأنه يشكل لبنة بناء المجتمع( الإنسان ) وعلية تقع مسؤولية إعمار البلاد ، وهذا ما تنبه له قادة الفكر المؤمنين بأهمية بناء الإنسان فكرياً الذين ترشحهم كفاءتهم فيصبحون قريبين من قلوب وضمائر أبناء مجتمعهم وهم ولله الحمد بين ظهرانينا فيمارسون عملية التثقيف من خلال سلوكيتهم إضافة إلى محاضراتهم وكتبهم المتنوعة مما يزيد من مسؤولية المتعلم والمتلقي حتى يتحصن فكرياً ويساهم في بناء المجتمع والدولة 0

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قاسم بلشان التميمي
2012-03-14
مقال رائع احسنتم استاذ سعد الزيدي قاسم بلشان التميمي
أبو محمد
2012-03-13
الظواهر الأجتماعية المنحرفة موجودة في كل زمان ومكان، يعاني منها الغرب والشرق كما نعاني نحن منها. لذا يجب أن نفهم الأسباب التي تؤدي الى هذا الأنحراف والتطرف، ومحاولة تفهم الجيل الجديد ومعرفة أفكارهم ومشاكلهم وطموحاتهم. فلكل زمان ظروفه ولكل جيل خصوصيته.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك