خضير العواد
لقد هزت الإنتفاضة الشعبانية المجيدة 1991 الدكتاتورية العربية بشكل عام والصدامية بشكل خاص , لأنها كسرت حاجز الخوف للشعوب العربية أمام أنظمتها المتخلفة التي تحكم بالنار والحديد , فالجماهير العراقية لبّت نداء الكرامة والحرية وخرجت على بكرة أبيها أستجابةً لنداء الحياة من أجل تحطيم النظام العفلقي الذي لم يترك منكراً إلا وفعله , فقد حطم العراق لما للكلمة من معنى تحطيماً ستتذكره الشعوب لمئات السنين لأن الجرح الذي تركه صدام ونظامه في وجدان الشعب العراقي عميق جداً ليس من السهولة إلتأمه , فكانت ضخامة ألإنتفاضة ردة فعل للظلم الكبير الذي عانا منه جميع فئات الشعب العراقي , فحمل الشعب السلاح وفاجئ العالم بأسره وهو يسقط ويكسر أصنام الدكتاتور الأكثر إجراماً في المنطقة والعالم الذي كان إسمه يرعب بقيت القادة العرب , ولكن الشعب العراقي مضى في تحرير مدنه مدينة مدينة وحتى طوق بغداد من الشمال والجنوب وقربت ساعة الصفر للهجوم على بغداد المثخنة بالجراح التي ملئها بالقوات الخاصة والمرتزقة البعثية الذين لم يأنبهم ضميرهم قط بسبب الجرائم التي أرتكبوها بحق العراق والعراقيين , ولكن بالرغم من الفزعة العربية والغربية لأنقاذ صدام من السقوط المحتم له بيد العراقيين الشرفاء , فأن المنتفضين قد نحتوا شرخاً في الدكتاتورية العربية المتمثلة بصدام حسين وجعلوها تنزف حتى نهايتها المحتومة في عام 2003 , ولكن الأنظمة القمعية لا تترك فرصة إلا وأستغلتها في ظلم الشعوب فبعد قمع الأنتفاضة بالنار والحديد من قبل أزلام البعث العفلقي هرب الكثير من المنتفضين ومعهم مجاميع كبيرة من العوائل التي أرادت إنقاذ أبنائها من القتل المؤكد بيد سفاحي النظام الصدامي , فتقدم الجيش الصدامي والحرس الجمهوري من صحراء النخيب وبغداد بأتجاه كربلاء التي قاومت الجيش لأكثر من ثلاث عشر يوماً وهوالذي أسقط دولة الكويت بكاملها بغضون ساعتين ومن ثم توجه الجيش الى جميع المحافظات الوسطى والجنوبية , فكان الثوار ينتقلون من محافظة الى أخرى للمقاومة والهروب من القتل والتمثيل بيد أزلام النظام البائد ومعهم الكثير من العوائل التي تفرقت الى مجموعتين ذهب إحداها الى سفوان والأخرى الى السماوة حيث كان هناك معسكرات لأستقبال اللاجئين من قبل قوات التحالف , وبسبب النتيجة المأساوية الحتمية لهؤلاء اللاجئين لهذا السبب كانت عودتهم للعراق من المخاطرة الكبيرة التي يرفضها كل إنسان عاقل محّتم عليه المحافظة على حياته ومن يخصه من الهلاك الرخيص , ومن ثم نقلت قوات التحالف اللاجئين العراقيين المتواجدين في سفوان والسماوة الى مخيم رفحاء التي بنته بنفسها جابرةً السعودية على تقبل وجودهم لمدة مؤقتة , فأستقر اللاجئون في مخيم صحراوي قرب الحدود العراقية تحميه قوات غير قابلة بوجوده في أراضيها وتكفره عقائدياً ولكن بالرغم من ذلك لم يكترث الثوار العراقيون لهذا الأمر وكرّسوا حياتهم في المخيم من أجل قضيتهم الأولى هو إيصال مظلومية الشعب العراقي الى العالم من خلال مختلف الفعاليات التي قام بها اللاجئون والتي أدهشت أعضاء مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والحكومة السعودية وقواتها الذين عاملوا اللاجئين أسوء معاملة من ناحية إجبارهم لكي يعودوا الى العراق وبالفعل تم لهم ذلك وقد أجبروا أكثر من ألفي لاجئ على العودة ولكن رفض اللاجئون لهذه التصرفات البدوية الهمجية أنتفض معسكر رفحاء بقيادة الأخ عبود الغانم ومن نتائج هذه الأنتفاضة توقف العودة القصرية للاجئين , وقد وضعوا في هذا المعسكر الترابي المحاط بالأسلاك الشائكة التي لا يمكن لأحد الخروج منه أو الدخول أليه أي بعبارة أخرى هو عبارة عن سجن كبير وسط الصحراء القاحلة وأستمر الحال هكذا لمدة سنة ونصف ومن ثم تم الأنتقال الى معسكر أخر يبعد عن الأول عدة كيلو مترات ولكن بنوا فيه بيوتاً من البلوك ومسقف بالجينكو للعوائل أما العزاب من الثوار فبقوا تحت الخيم ولكن يحاط بها سياج من البلوك , والسعوديون يهددون الثوار اللاجئين في كل لحظة وبالفعل فقد قتلوا منهم العشرات في يوم واحد , أما المواد الغذائية التي كانوا يوزعونها على الاجئين كانت جيدة ولكن المعاملة رديئة جداً لأن فاقد الشئ لايعطيه فهؤلاء بدو مجردين من الرحمة وتعاملهم سئ جداً , تجبرهم على هذه القساوة بئتهم الصحراوية القاسية بالإضافة الى البعد العقائدي الذي أضفى معاناة جديدة للاجئين , ولكن بالرغم السجن الكبير الذي يعيش فيه اللاجئون والمعاملة الصعبة والخطرة لم ينسوا ولو للحظة قضيتهم الأولى وهي نقل مظلومية العراقيين للمحافل الدولية وقد أكدت أغلب قيادات المعارضة التي كانت تتسابق على زيارة المعسكر على أن هذا المخيم ولاجيئه قد أوصلوا صوت مظلومية العراقيين الى المحافل الدولية أي لولا هذا المعسكر لم يكن هناك أي دور فعال للمعارضة العراقية في الخارج على أرض الواقع ولم يكن لها أي تواجد حقيقي ومؤثر كما حصل لهم بعد لجوء هذه الشلة الخير من أهل العراق , وقد عانا اللاجئون لسنوات عديدة وبعدها سافر بعضهم الى الخارج ومنهم بقى في المعسكر يعاني الشدائد مع السعوديين حتى تم التغير في العراق وعادت المعارضة التي كانت في الخارج وتسلمت الحكم , ولكن هذه المعارضة أدارت بظهرها لمن ضحى في سجن رفحاء من أجل إيصال كلمتهم وأرائهم الى العالم , وعاد الكثير من اللاجئين الى العراق ولكن ليس عندهم مكان يأويهم أو مصدر للعيش يأكلون منه فعانوا معانات صعبة للغاية فأين قيادات المعارضة التي كانت تقف طوابير على باب المعسكر من أجل أن يحسب اللاجئين من ضمن تياراتهم ويتكلمون بأسمائهم واليوم عندما وصلوا للحكم أغمضوا العيون وأصموا الأذان لكي لا يسمعوا معانات ثوار الأنتفاضة الشعبانية التي لولاها لم ولن يكن هناك صوت للمعارضة في الخارج , فهكذا يصرخ الثوار بالأمس وأصحاب الأهمية الكبيرة للمعارضة من أجل الحصول على حقوقهم التي أخذها من يماثلهم بالمعانات كالسجناء السياسين الذين عانوا تحت ظلم صدام وهم الذين عانوا كثيرا في ظلم سجون أل سعود الصحراوية , كان أجدر بجميع الأحزاب السياسية المطالبة بحقوق لاجيء رفحاء قبل اللاجئين أنفسهم عرفاناً للجميل والتضحيات التي قدمها ثوار الأنتفاضة الشعبانية المجيدة الذين تواجدوا في سجن رفحاء الصحراوي.
https://telegram.me/buratha
