المقالات

الاحتلال يعرقل مسيرة علاج الوضع الأمني في العراق

1501 17:03:00 2007-04-29

( بقلم : الدكتور جمال العلي )

أخذت بعثة الامم المتحدة لدى بغداد وفي بيان لها يوم الاربعاء الماضي على السلطات المحلية العراقية عدم الكشف عن العدد الحقيقي للقتلى الذين يسقطون في العراق خاصة خلال الاشهر الثلاثة الماضية ، متجاهلة بذلك الدور الرئيسي لسلطات الاحتلال الامريكي والتي تخالف بشدة هذا الامر وذلك للتضليل على حقيقة ما يجري في العراق خوفا من اتضاح فشل السياسة الاميركية هناك أكثر فأكثر .

وادعى التقرير الفصلي لبعثة المنظمة الدولية في بغداد حول حقوق الانسان "ان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي توقفت عن اعطاء ارقام تتعلق بالاصابات في العراق .. وانها لم تسمح للبعثة بالاطلاع على ارقام وزارة الصحة حول القتلى !!" ، وذلك سعيا من المنظمة الدولية الى القاء اللوم بتصاعد العنف الدموي على الحكومة العراقية والتضليل على توفيقاتها في مجال تعزيز الامن من خلال خطتها الامنية الحالية .وقد جاء الاعلان عن هذا التقرير متزامنا وليس بمحض الصدفة مع احتدام المواجهة بين ادارة "بوش" والكونغرس الاميركي حول الحرب في العراق وامكانية وضع حد لها باعلان جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية من العراق والتي لن يسفر وجودها في بلاد الرافدين وخلال اكثر من اربعة اعوام الا خرابا وتدميرا وارهابا وقتلا على الهوية وتصعيدا للعنف التكفيري الوهابي والسلفي والبعثي المجرم والذي يتم كله بضوء أخضر من سلطات الاحتلال ودعم عربي مجاور وغير مجاور ماليا ولوجستيا وتصديرا للارهابيين عبر حدود هذه البلدان مع العراق .

وبلغ الاحتدام بين البيت الابيض ومجلس النواب الاميركي ذروته بعد ان صادق الاخير وباغلبية 218 صوتا على طرح مشروع " الافراج عن أكثر من 124 مليار دولار مخصص معظمها لتمويل عمليات عسكرية في العراق وأفغانستان, بأن تبدأ عملية إعادة نشر القوات الأمريكية على أبعد حد في اكتوبر/تشرين الأول، ويحدد هدفا غير ملزم لسحب القسم الأكبر من القوات المقاتلة في 31مارس/آذار 2008" يوم الخميس الماضي وبعد معركة الشتائم الحامية بين زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الاميركي "هاري ريد" وبين نائب الرئيس الاميركي "ديك تشيني" بعد وصف الاول للثاني بأنه "الكلب الهجومي".هذا الامر واجه ردة فعل قوية من قبل ادارة "بوش" والتي قررت " استعمال حق النقض ضده ثم العمل مع المسؤولين في الكونغرس على مشروع قانون بكل بساطة لتمويل القوات مع احترام رأي قادتنا العسكريين" حسبما ذكرت ذلك المتحدثة باسم البيت الأبيض"دانا بيرينو" مساء الخميس ردا على قرار أغلبية نواب الشعب الاميركي المعارضين لاستمرار التواجد العسكري الاميركي في العراق وافغانستان كونه زاد الطين بلة وادى تصعيد عدم الاستقرار وفقدان الامن هناك خاصة في العراق كما اعلنها النائب الديمقراطي "دنيس كوسينيتش" الذي اطلق هو الاخر حملة جديدة تدعو الى اقالة "ديك تشيني" وتقديمه الى المحاكمة بتهمة تلفيق معلومات استخباراتية لتبرير غزو العراق وتهديده بمهاجمة ايران.

ولن ينتهي الصراع بهذا الامر بل سيزداد سوءا خاصة بعد تهديدات "ريد" ورئيسة مجلس النواب الاميركي "نانسي بيلوسي" بأنه في حال نفذ الرئيس تهديده باستخدام الفيتو فهو الذي سيحرم القوات الاميركية من الموارد التي يحتاجونها ... و"بوش" هو الذي يقرر :اما البقاء على سياسة فاشلة في العراق وافغانستان أو الانضمام الينا لتوفير استراتيجية ناجحة لقواتنا تضمن لهم الخروج من هناك " .وقد جاءت تصريحات قائد قوات الإحتلال الاميركية في العراق الجنرال "ديفيد بتراوس" يوم الخميس الماضي والتي وصف فيها الوضع في العراق بالمعقد والصعب جدا، وتوقع أن تزداد مهمة القوات الامريكية صعوبة في المستقبل اذا ما بقيت لفترة أطول هناك معتبرها أكثر الحروب تحديا في التاريخ ، تأكيد على المأزق الحرج الذي تعيشه ادارة "بوش" والقوات الاميركية في وحل المستنقع العراقي وضرورة السعي لاخراجها بألطف صورة وأجملها والحد من تكرار مأساة الحرب الفيتنامية للقوات الاميركية والتي أزدادت هذه الايام مقارنة الحرب على العراق بها .

وخرجا من هذا الوضع المتأزم والحرج نرى سفير اميركا السابق في العراق "زلماي خليل زاد" ينبري متسارعا وفي اول اجتماع لمجلس الامن الدولي يحضره بصفته السفير الاميركي الجديد لدى الامم المتحدة ليقول.."أن مستقبل الشرق الاوسط يشكل تحديا واضحا في هذا العصر" مشبها ذلك بالتحدي الذي فرضته مشاكل اوروبا الامنية في القرن الماضي ، مشيرا الى "ان هناك الكثير من المخاطر في العراق ليس بالنسبة لهذا البلد فقط وانما لمستقبل المنطقة" داعيا الامم المتحدة على لعب دور اكبر هناك سعيا منه لانقاذ نظامه وقواته العسكرية من هذا الفخ الفج العميق والحيلولة دون تكرار فيتنام ثانية .وقد شهدت الساحة الاميركية والاوروبية وخلال الاشهر الماضية موجة كاسحة من التقارير والمقالات والتظاهرات الشعبية والتصريحات السياسية والاكاديمية هنا وهناك الرافضة لسياسة الرئيس الاميركي الفاشلة في العراق والمطالبة بتغيير المنهج الاميركي وضرورة منح الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة دورا أكبر في أتخاذ القرارات الضرورية واللازمة لعودة الاستقرار والامن الى ربوع العراق ومنح المواطن العراقي الحرية والديمقراطية تلك التي تمشدقت بها اميركا وحلفاؤها ابان الحرب على العراق في اذار عام 2003 .

ورغم كل التصريحات والادعاءات الاميركية الكاذبة من ان الامور هي بيد الحكومة العراقية ولاعلاقة بالاحتلال لما يدور في العراق ، نرى ان السلطات العراقية لازالت تعاني من مسألة الهيبة والسيادة في القرار فلا زالت الأدارة الأمريكية متحكمة في مصدر القرار العراقي والكل يلتمس هذا الشيء من خلال الامر الواقع خاصة البرلمانيون العراقيون كنواب في البرلمان العراقي وكبار المسؤولين العراقيين كما ذكر ذلك وزير الدفاع العراقي في اجتماعه الأخير مع البرلمان العراقي ولدى استعراضه العديد من العقبات التي يضعها الجانب الأمريكي وخصوصا من ناحية عدم اتمام اعداد وتجهيز الجيش العراقي وكذلك العقبات التي يواجهها الجيش العراقي اثناء عمله.

الامر الذي يدل كل الدلالة على فقدان السيادة الكاملة للحكومة العراقية وهو الامر المقصود من قبل الاحتلال كون ان للادارة الامريكية تطلعات ليست على مستوى العراق فقط، وانما على عموم المنطقة فلها اهداف ومشاريع وهذا واضح من خلال سياستها في المنطقة. وانطلاقا من هذه المهمة نرى ان المحتل الاميركي يستند الى سياسة التفريق بين ابناء الوطن الواحد وبالتالي ينفذ وبهدوء سيناريو الصراع الطائفي والمذهبي كسلاح الى جانب منظومة اسلحته العسكرية ليضمن عدم استقرار الوضع الامني للعراق ومن ثم تعميمه على سائر بلدان المنطقة وبالتالي تعزز الولايات المتحدة موقعها الراهن في العراق معتبرةً ساحته قاعدة متقدمةً للسيطرة على منطقة الشرق الاوسط بذريعة "مكافحة الارهاب العالمي" لتنفيذ مخططها المشؤوم مشروع "الشرق الاوسط الكبير" والذي عجزت حتى الان من تنفيذه .

فالادارة الأمريكية تعاني حاليا من انها في حالة شلل بسبب الوضع الخاص الذي يعيشه الرئيس الأمريكي الى جانب وجود أجندة خطيرة يجب ان تقف عليها كافة الجهات المعنية بمستقبل العراق وتقرأها قراءة ما بين السطور وهذه الأجندة تتعلق بالستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق، لم يكن هناك ولحد الآن اي استجابة لطلب رئيس الوزراء السيد المالكي بخصوص الأسلحة وهو طلب مشروع ويدخل ضمن سياسات الخطة الأمنية الجديدة، وان ما ورد من استجابة لقطاعات شعب العراق بكافة فصائله حول هذه الخطة لا يبعث على الاطمئنان بان هذه الخطة ستحقق الأهداف المنشودة فهناك تصعيد أميركي مع دول الجوار وهناك تغاض من قبل قوات الاحتلال عن العمليات الأرهابية بل حتى هناك بعض الاشارات التي تبعثها لتشجع الأرهابيين وتعطيهم الأمل في مواصلة مسلسلهم الأجرامي وهناك اختلاف داخل الدائرة الأمريكية نفسها والمواطن العراقي هو الذي يدفع ثمن كل هذه المشاكل.ولذا فأن أي علاج للوضع الامني في العراق لايمكن ان يقوم على محور واحد دون تفعيل المحاور الاخرى والتي تشكل مجتمعةً قاعدة الانطلاق لنهاية النفق وفي مسارات متساوية فنجاح الخطة الأمنية لا يرتبط بزيادة الوجود الأمريكي بل بعناصر كثيرة في مقدمتها جدولة الانسحاب والصراع السياسي الدائر في البلاد وتمكين القيادة العراقية من صنع القرار والتنفيذ وتعاون دول الجوار الأقليمي .الدكتور جمال العلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابن الرافدين
2007-04-29
احنة الى متى نظل نتامل الفتات من الشيطان الاكبر الى متى نتامل من فاقد الشي ان يعطينا شيء والله مادامت امريكا في العراق فلا استقرار ولاسيادة وسيزداد الوضع سوءا بعد سوء وسيستمر قتل الشيعة بدون توقف وسنظل نقول السنة القادمة تفرج وماتفرج لانه امريكا تحكم العراق اعتقد انه الحل ان تنهض المرجعية باعبائها وتعيد امجاد ابو الحسن الاصفهاني قدس سره وتضع جدول زمني للخنازير ليخرجوا من ارض الرافدين مع تمنياتي لوكالة براثا الموفقية والنجاح
د. حامد العطية
2007-04-29
أخي الدكتور جمال أحسنت وبارك الله فيك وفي تحليلاتك الصائبة إن زوال الاحتلال سيسحب من التكفيريين والصداميين ورقة مهمة وأقترح كما سبق لي في رسالة مفتوحة للمرجعية الرشيدة قبل أكثر من عام مبادرة منها بالطلب إلى القوات المحتلة مغادرة العراق خلال نصف عام أو عام على الأكثر وطرح الحكومة مشروع قرار بذلك على البرلمان وبالاتكال على الله والجماهير المليونية ستقضي الحكومة على الإرهاب في شهور قليلة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك