المقالات

أحسن الكلام ما لم تذم عواقبه


حسن الهاشمي

مثلما نهتم بالشعائر الحسينية والإطعام وبناء المساجد والحسينيات ومثلما نهتم بالصيام والصلاة والعبادة والدعاء وذكر الله تعالى ومثلما نهتم بإعطاء الحقوق الشرعية من خمس وزكاة وصدقات مندوبة ومثلما نهتم بالعبادات والمعاملات والإيقاعات، ولكي نكون قد انتهجنا الطريق القويم في التعامل الإسلامي والإنساني الذي يكفل لنا سعادة الدارين، لابد أن نضخ ذلك الطريق بأخلاقيات هي من صميم ديننا الحنيف يخالها البعض إنها ترف، بل إنها النصف المعطل للباقي إذا ما تخلفت عن أخواتها، وهي بحقيقة الأمر وحدة واحدة لا تقبل التجزئة والتفكيك.فالإسلام مثلما أوصى بالأمور الآنفة الذكر فإنه أوصى كذلك وبنصوص متواترة بالتكافل الاجتماعي، والسعي في قضاء حوائج الناس، وإحياء المعارف الإسلامية، والتشجيع في طلب العلم والمعرفة، وتطبيق سيرة أهل البيت(عليهم السلام) على سلوكنا قدر المستطاع، هذه الأمور العملية وغيرها تعد ترجمة حقيقية وواقعية لأحكام الإسلام وبدونها لا تعدو الشريعة إلا لقلقة لسان لا طائل من ورائها ولا فائدة ترجو منها، والحقيقة التي لا غبار عليها إنه لا يطلب عطاء من صفات مجردة دونما تقمص وانتماء وانتهاج وذوبان. وكمثال على ذلك كان المجتمع الإسلامي إبّان رقيه وازدهاره، وعندما انصهرت فيه المثل بالعمل والإدعاء باليقين والمعرفة والخيرية بالسلوك والتعامل الإنساني الثر، كان ذلك المجتمع نموذجاً فذاً ونمطاً مثالياً بين المجتمعات العالمية المتحضرة، بخصائصه الرفيعة، ومزاياه الغر التي بوأته إلى قمم المفاخر والأمجاد، وأنشأت من أفراده أسرة إسلامية مرصوصة الصف، خفّاقة اللواء، مرهوبة الجانب، موصوفة بالفضائل والمكرمات، قيل لبعض الحكماء: ما أحسن الكلام؟ قال: ما استحسنه سامعه، قيل: ثم ماذا؟ قال: ما حصلت منافعه، قيل: ثم ماذا؟ قال: ما لم تذم عواقبه، قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم لا ثم.علاوة على ذلك كان المسلم الحقيقي التي انصهرت فيه الفضائل بالسلوك العملي فذاً في أخلاقه وعملاقا في تأثيره ومتألقا في تعاملاته الفردية والاجتماعية، فقد ازدهرت في ربوعه القيم الأخلاقية وتكاملت، حتى أصبحت طابعاً مميزاً للمسلم الحق كما وصفه الرسول الأعظم صلى اللّه عليه وآله بقوله: المؤمن من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم، والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمهاجر من هجر السيئات.وللفرد قيمته ومنزلته في المجتمع، بصفته لبنة في كيانه، وغصناً من أغصان دوحته، وبمقدار ما يسعد الفرد، وينال حقوقه الاجتماعية يسعد المجتمع، وتشيع فيه دواعي الطمأنينة والرخاء، وبشقائه وحرمانه يشقى المجتمع وتسوده عوامل البلبلة والتخلف، وهذه النمطية السعيدة والتعيسة ترتبط ارتباطا وثيقا في التعامل التطبيقي مع المثل إيجابا أو سلبا، روى الحارث الهمداني عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ما من عبد إلا وله: جوّاني وبرّاني، يعني: سريرة وعلانية، فمن أصلح جوّانيه أصلح الله برّانيه، ومن أفسد جوّانيه أفسد الله برّانيه.فالمجتمع المتماسك هو المجتمع الذي يتطابق جوّانيه وبرّانيه في الخير وهذا نظير( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) لذلك كان حتماً مقضيا ً على ذلك المجتمع رعاية مصالح الفرد، وصيانة كرامته ومنحه الحقوق الاجتماعية المشروعة، ليستشعر العزة والسكينة والرخاء في إطار أسرته الاجتماعية، وأهم تلك الحقوق حق الحياة والكرامة والحرية والمساواة والعلم والملكية والرعاية الاجتماعية، شريطة أن يعجن القيم بالسلوك وإلا فإن الإدعاء المجرد ولو كان على النمط الإفلاطوني فإنه يبقى سرابا لا طائل من ورائه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور شريف العراقي
2013-08-03
يجب ضخ الاموال الى الاشخاص الذين يقتلون الارهابيين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك