محمد الجزائري
يمثل المنهج العلمي خير وسيلة للوصول إلى نتائج صحيحة نقدر أن نبني عليها مواقفنا . فلم أجد أفضل من استخدام المنهج المقارن في دراسة الظاهرة الحزبية في كل من العراق ومصر وأريد أن أتناول وأركز هنا على حزبين وحركتين شهدها البلدين في القرن العشرين وهما حزب الدعوة الإسلامية في العراق وحركة الإخوان المسلمين في مصر .عندما نأتي لدراسة المسيرة التاريخية بتأني لكلا الحركتين نجد بينهما الكثير من صور التشابه من حيث الأطوار التي مروا بها والمسيرة التاريخية التي ساروها ، تأسس الإخوان على يد داعية إسلامي يشار له بالبنان في ارض الكنانة وهو حسن ألبنا ، وتأسست الدعوة على يد مفكر إسلامي كبير في ارض الرافدين وهو محمد باقر الصدر ، وكلا المؤسسين وضعوا الخطوط العامة وحددوا الأهداف التي يسيرون وفقها في العمل السياسي . وكلا المؤسسين راحوا ضحيت عملهم الحركي . أن ألبنا كان سابقاً الصدر بالتأسيس بما يقارب 30 سنة وبقائه في منظومة الجماعة إلى يوم اغتياله ، إما الصدر كان متأخر بالتأسيس وجاء في حدود 1957م ، لكن سرعان ما خرج الصدر من منظومة الحزب ، بل أفتى بوجوب خروج طلبة الحوزة من الحزب وفق ما ينقله بعض المؤرخين لحركة الدعوة وبقى يرجع له فقط في بعض الإرشادات والتوجيهات العامة ، ويرجع ذلك إلى أن الصدر قد تنبه مبكراً إلى هذا الانحراف الحزبي الذي دب في جسد الدعوة مما أدى إلى إيمانه أن الحزب سوف يؤدي إلى شق الصفوف ، وهذا ما ظهر على أكثر طلابه إلى ألان لا يؤمنون بالعمل الحزبي , والتفت الصدر إلى ان دور القيادة يجب إن تضطلع به المرجعية الواعية فقام فيما بعد الالتفات العمل المرجعي والمساعدة على بناء منظومة المؤسسة المرجعية وتطويرها .الدعوة والإخوان نشئا في ظل الأجواء الدكتاتورية ولم يسمح لهما بالعمل السياسي لفترة طويلة قضوها بفترة سبات وحراك غير معلن بانتظار فرصة الخروج إلى السطح .تأتت الفرصة المناسبة بعد فترة طويلة ليستلموا السلطة على أنقاض نضام سابق لهم ، وهم مثقلين بمسيرة تاريخية طويلة يشوبها الكثير من الأزمات والمشاكل والترسبات ، إضافة الى ما ذكرناه وقلت خبرتهم في الحكم وإدارة الأمور وتوجيهها بالوجهة الصحيحة ، لم يوفق الاثنان في أدارة دفة السلطة جراء ذهابهم الى ألاعقلانية في التعامل مع الأخر ، أكان الأخر الشريك والقريب في العمل ، أو كان الأخر من مخلفات النظام السابق . هذه ألاعقلانية أدت إلى السعي بكل الطرق الملتوية والصفقات والخروج على المبادئ والثوابت الحزبية إلى تسلم زمام السلطة والاستحواذ عليها وإبعاد حتى الذي كان لهم الدور في صعودهم وتسلمهم الحكم . وهذا الشيء جاء من التعطش للسلطة وذلك للعزلة الطويلة التي قضوها بعيدا عن الحكم ومقاليده فأدى بالكثير من كوادر الحركتين الذهاب للإرضاء رغباتهم الخاصة ، دون الالتفات إلى ما يجب ان يقوموا به من دور ، وفق ما كتبه لهم المؤسس بأن " السلطة هي وسيلة وليس غاية " كذلك قاموا بترديد مفردات وحمل شعارات والقيام بممارسات لا تمت للمدرسة التي ينتمون لها ، فصناعة العديد من المشاكل لهم منها الانسحابات والانشقاقات في جسد التنظيم ومشاكل وأزمات مع شركائهم في العملية السياسة .. مما أدى الى سقوط الإخوان بفترة قصيرة من تسلمهم الحكم في مصر ، وترنح الدعوة وتخبطها في السلطة وبقائها في الحكم بسبب ظروف وصفقات سياسية بالخفاء أطالت بقائها .
https://telegram.me/buratha