نقرأ في أدبيات السياسة، أن مفاهيم الديمقراطية تقدم ضمانات كثيرة لصيانة الحريات، وتضمن تسيير أمور الدولة، بما يمنع إضطراب وتصادم العلاقات فيما بين المكونات الأجتماعية، وبينها كل أو جزء مع الطرف الثاني من منظومة العقد الأجتماعي، ونعني به الدولة.
فالديمقراطية الى جانب ضمانها الحقوق الأساسية للمجتمع، وأهمها حق الحياة والحصول علَى التعليم أو السكن اللائِق، والحقوق الدينية كحقوق الإعتقاد والعبادة، والحقوق المدنية كحرية التنقل والملكية و تحريم التميِيز العنصري أو الديني أو القبلي، والأقتصادية كحق العمل و الأستثمار وإختيار المهنة، فإنها تضمن الحقوق السياسية الأساسية للأقليّات والأفراد، ومنها حريات الرأي و التعبير والتجمع والتظاهر و التنظيم الحزبي؛ كما تضمن الحقوق الجنائِية للأقليّات والأفراد، كضمان عدم الأعتقال التعسفي وافتراض البراءة، وتحريم العقاب الجماعي و التساوي أمام القانون وعدم التعسف الحكومي بأستخدام الصلاحيات..
هذه هي بعض من منظومة الحقوق والضمانات، التي توفرها الديمقراطية مثلما هو مدون إينما ذكرت..!..
فما الذي يتحقق ونحن منذ 2003 نعاني صداع الديمقراطية؟ فالجميع يتحدث بها وعنها، ساسة ومواطنين، متابعين وإعلامين، والدولة تعدّها ثابتها الأساس وفقا للدستور وديباجته، وكل الأحزاب تقريبا تدعي تبنيها..!
العراق كعادته منذ نيسان 2003 هو دائماً أقرب الى الانفجار منه الى الوفاق الوطني. وتتقاذفه الآن العديد من التجاذبات السياسية الداخلية، متطورة الى عداء حدي إقصائي؛ في سوق نخاسة سياسية توظف وتشغل مسرح الدمى ،لأهداف أجندات إقليمية ودولية؛ وقليل من ساسته من يرحم العراق ـ الوطن، وقليل منهم من يحترم مصالحه العليا، واستقراره الداخلي، ويحسب حسابا للخطوط الحمر القانية فيه.
وإذا كان من صور الديمقراطية، أن يتم تسيير أمور المجتمع بشكل قانوني، حتى لا يحصل إضطراب في حركته، فإن حزمة كبيرة من القوانين مازالت مركونة على رفوف لجان مجلس النواب، فيما القادة السياسيون مشغولون بالمناكفات والتناحرات والمكايدات السياسية..
بل وصل الأمر بالجهة التشريعية، أن لا تعير بالا للذين صيروها، فها هي وبطريقة فجة، تواصل تسويفها ومماطلتها في إقرار قانون تخفيض رواتب الرئاسات والطبقة الأدارية العليا، وهو ما يشكل تحديا للإرادة الشعبية..
وأكرر السؤال هنا مرتين كم حققنا من الديمقراطية؟ ومن سعى أليها والى تحقيقها؟ ومن عمل بها؟..
تلك صورة بهتت ملامحها بسبب تكرار الحديث عن الديمقراطية حتى أفرغت من معناها ومحتواها..!
كلام قبل السلام: النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله..!
سلام..
https://telegram.me/buratha