المقالات

السعودية..فشل..إفتضاح الدور..ماذا بعد؟

784 09:36:00 2013-10-15

 

لم يكن مفاجئا ان يوصف الدور السعودي في لبنان بانه دور تعطيلي و تدميري، فان الامر بذاته يدركه المتابعون و المعنيون بشكل اكيد لا لبس فيه، لكن المفاجأة جاءت من جهة الطرف الذي وصف السعودية بهذا الوصف وقال فيها مالم يقله مالك في الخمر، حيث ان جيفري فيلتمان السفير الاميركي السابق في لبنان المساعد الحالي للامين العام للامم المتحدة لشؤون الشرق الاوسط، والذي له موقع خاص في الدبلوماسية الاميركية و الدولية و الاممية ومن كان قائدا لجماعة 14 اذار الحريرية السعودية هو الذي وصف الدور السعودي في لبنان بانه ” تعطيلي” يمارس بحقد و وقاحة لا يمكن لاحد ان يتصورها او يتقبلها. و السعودية تمارس الدور ذاته في العراق الذي ” قطعت معه كل العلاقات ” على حد قول فيلتمان ذاته ولا تريد ان ترى فيه جديدا او تطورا او اي شيء فيه خير للعراقيين.

نحن لم نفاجأ بما قاله جيفري فيلتمان اذن، والذي ذكر لبنان والعراق كضحايا للدور السعودي ولم يذكر سورية و لبحرين حيث ان الدور التدميري السعودي هنا افظع مما تقدم، واذا شاء المتابع ان يجري جردة بسيطة وبالعناوين الرئيسية للسلوك السعودي في المنطقة خاصة وفي البلدان الاربعة تلك ويبحث عن الاسباب والنتائج لكانت صدمته كبيرة مزلزلة.

فمن حيث الوقائع نجد ان السعودية قامت و تقوم:

– في لبنان: اسقطت حكومة ميقاتي لاخراج حزب الله منها، منعت تشكيل حكومة جديدة لمنع عودة حزب الله الى السلطة، منعت السير في عملية تلزيم بلوكات النفط حتى لا تدع لبنان – الذي لا تسيطر عليه كمستعمرة لها – لا تدعه يدخل الى نادي الدول النفطية، مولت و تمول الصراعات المذهبية وفتكت مباشرة او عبر حريريها والجهات السياسية التي ترعاها فتكت بالوحدة الوطنية واقامت الخنادق المذهبية، اهانت لبنان اهانة موصوفة عبر الغاء زيارة مقررة لرئيس الجمهورية، تستمر في تمويل الحركات و التنظيمات التي تزعزع الامن في لبنان…و تشيطن المقاومة ضد اسرائيل و تضعها على لائحة الارهاب الخليجي و الاروبي.

– في العراق: فتكت بالوحدة الوطنية، و تعمل على تعميق الصراعات المذهبية وزعزعة استقرار الكيان العراقي سياسيا والافظع منه امنيا، عبر رعاية و تمويل التنظيمات الارهابية من “قاعدة ” و تفرعاتها وامتدادتها بكل التسميات ( داعش وجبهة النصرة وسواها ) وهي التنظيمات التي تمعن في قتل العراقيين بشكل يومي و تدمر حياتهم الاجتماعية كما تدمر مساجدهم و مزاراتهم المقدسة واماكن عملهم

– في البحرين: غزت الجزيرة تحت عنوان اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون الحليجي، و بررت ادخال جنودها الى المملكة بالدفاع عن البلاد ولكن كانت الحقيقة من اجل قمع حركة الشعب البحريني المطلبية، و هي حركة سلمية بامتياز الحركة التي رغم كل صنوف القهر والارهاب والعنف الذي تمارسه السلطة لم تخرج عن سلميتها، ثم منعت (السعودية) استجابة ملك البحرين لمقتضيات الحوار الوطني واجراء اصلاحات ترضي الشعب باغلبيته الساحقة، و تمسكت برئيس وزراء البحرين كممثل قمعي يمنع اي اصلاح.

– اما في سورية و نا تبدو الاهوال و الجرائم الكارثية الكبرى من السلوك السعودي منذ نيف و30 شهرا، فبعد ان سخرت اعلامها للتحريض على الفوضى والفتنة في سورية ودفع الناس لقتال دولتهم  فانها رعت ومولت تشكيل كيانات وهيئات سياسية لمناهضة الدولة ومنازعة الحكومة الشرعية شرعيتها، ثم اقدمت وخلافا لميثاق الجامعة العربية على تعليق مشاركة سورية بشرعيتها القائمة مشاركتها باجتماعات الجامعة ثم و بوقاحة واضحة منحت مقعد سورية لفئة من نزلاء الفنادق يدعون زورا انهم يمثلون الشعب السوري دونما دليل او قرينة حتى بسيطة على صحة ما يدعون… ولم تكتف السعودية بهذا القدر من السلوك العدواني ضد دولة هي قطب الرحى في الصراع العربي الصهيوني، بل انها دعت الغرب والناتو بشكل خاص للعدوان على سورية  تدمير جيشها والاجهاز على مقومات الحياة فيها، و التزمت منذ اذار الماضي ملف الارهاب والقتل في سورية فرفعت من وتيرة تسليح الارهابيين واعادة تنظيمهم في الوية و فيالق وتنظيمات ترتبط مباشرة بمدير مخابراتها المعروف دوليا بتسمية بندر بوش ( بدل اسمه الاصلي بندر بن سلطان)  و خلال دورها هذا زودت الارهابيين بالسلاح الكيماوي وامرتهم باستعماله يشكل استفزازي و الصاق التهمة بالحكومة السورية من اجل استجلاب عدوان خارجي عليها ينفذ مباشرة بقوى عسكرية تابعة لاميركا و حلف الناتو كما كانت تشتهي.

هذا غيض من فيض السلوكيات السعودية في المنطقة، ضد العرب و المسلمين، سلوك ليس اقله التعطيل و القتل و التدمير، بل ان فيه من المخاطر ما يقود الى الخوف على مستقبل المنطقة كله ومستقبل امنها والعيش فيها، و نسأل لماذا تقوم السعودية بهذا الدور القاتل و من اجل من؟

قد يقول قائل بان السعودية التي اقنعت نفسها وبعض العالم بانها تربعت على عرش القيادة للامة العربية ثم للامة الاسلامية منذ ان اهتزت صورة عبد الناصر في العام 1976 اثر الحرب العربية الاسرائيلية  انها و بعد امتلك زمام ” الامتين” و بات مليكها ” خادم الحرمين” (و يعني في العمق و الحقيقة القابض على امر الحرمين الكعبة في مكة و مقام النبي في المدينة) بعد كل ذلك باتت تعتقد ان خروج اي دولة عربية عن قيادتها و ممارستها لسيادتها و قرارها المستقل انما هو ” اعتداء على السعودية يبرر مواجهته بكل الاسلبيب و الطرق ممارسة ل”حق السيد في تأديب العبد “.

ان لهذا القول من المنطق ما يجعلنا نفسر السلوك السعودي، بما يتطابق مع القاعدة الاستعمارية الشهيرة “لنا او للنار ” بمعنى ان المستعمر او الحاكم المستبد اما ان يملك الامر و يتحكم به في كل تفاصيله، او ان يحرقه و يدمره و يحرم الاخر من الاستفادة منه. و هي – اي السعودية – ترى نفسها صاحبة الولاية و الامرة في البلدان الاربعة التي ذكرنا و تتعامل معها على اساس الاستتباع و الالحاق بفضاء النفوذ و السيطرة او ان تمنع قيامها كدولة وتدمرها كطاقات و قدرات.

لكن و رغم ما في هذا التفسير من وجاهة الراي فاننا لا نستطيع ان نهمل ما هو ابعد منه و اشد خطرا، اذ ان السعودية ورغم اعتناقها المذهب الوهابي التكفيري منذ ان اسسها عبد العزيز بن سعود، ورغم ما قامت بها من سلوكيات سابقة ضد فكرة القومية العربية و وحدة الامة العربية و العمل الاسلامي المشترك، الا انها لم تصل الى هذا المستوى من السلوك التدميري التعطيلي الانتقامي . ثم ان نظرة ممحصة في البلدان التي تستهدقها السعودية بسياستها التدميرية تلك و بالاسباب الموجبة التي تبرر السعودية فيها سياستها في السر، والاهداف التي تبتغي تحقيها من اعلامها التحريضي على مذاهب اسلامية محددة، حتى و ما قامت به في موسم الحج الحالي من توزيع كتب و منشورات تكفر بعض المذاهب الاسلامية و تصف اتباعها بالعدو مع عبارات ” احذر عدوك ” او “فلان عدوك ”، مقترنة ب ” اقتلوهم حيث ثقفتموهم ”.. بجمع كل هذا و عطفه على مقرارت مؤتمرات هرتزيليا الصهيوني و توصياته منذ العام 2007، و كلها تحض على نشر الفتنة و الصدام بين السنة الشيعة، و العرب و الفرس ، من اجل اراحة اسرائيل، كما و معطوفا على الدعوة الاميركية الى الفوضى الخلاقة من اجل تفتيت المنطقة و اعادة تركيبها خدمة لاسرائيل، بجمع كل ذلك و تحليله وتفسيره بعضه على ضوء بعض نصل الى نتيجة واحدة ابعد من من مسألة السيطرة و النفوذ،هي ان السعودية تنفذ مشروعا قرره ارباب التكتل الصهيو اميركي الغربي ضد الامتين العربية و الاسلامية كما و ضد الاسلام ذاته من اجل اسرائيل..فاذا كانت لا تعرف ذلك فتلك مصيبة و ان كانت تعرف فالمصيبة اعظم.

ثم ان الاخطر من هذا هو ان السعودية لا تدرك – كما يبدو – ان اصحاب المشروع انفسهم يئسوا من النجاح في الوصول الى اهدافهم بعد ان صمدت الجبهة – المحور المستهدف، ما جعل قيادة المشروع تبحث عن سبل اللقاء و التفاهم مع المكونات الرئيسية للمحور، و بدل ان تشكل سلوكيات اميركا حيال ايران و سورية ، والتبدل في المناخ الدولي برمته حيال المحور كله، بدل ان تشكل فرصة تحفيز الوعي السعودي و الاستيقاظ للخروج من طريق بات السير فيه عقيما، نجد السعودية تمارس سياسة الانفعال و الانتقام و الضرب على غير هدى .. وهي سلوكيات لا تجدي نفعا و لا تعوض خسرانا بطبيعة الحال.

و في الخلاصة نرى على السعودية ان تدرك – و قد لا يكون الوقت قد فات بعد – ان تدرك ان الجهات التي تستهدفها تملك من المناعة الدفاعية و القدرة على المواجهة ما يجعل انتصار السعودية عليها امرا مستحيلا (قلنا هذا منذ اربعة اشهر و وصفنا مهمة السعودية في سورية بالمستحيلة) وان الجهات الغربية التي تتكل عليها تخلت عن المشروع بعد ان تيقنت من عقمه، كما ان بعض من كان معها من دول الخليج تخلى عن متابعة السير في المشروع و راح يتلمس الطرق للتقرب من سورية و العراق وايران حتى و من حزب الله…

 وقد يكون هناك متسع من الطريق للتراجع و توفر على نفسها الانتحار وعلى غيرها القتل و التدمير. فهل تتراجع حتى ولو كلف الامر التضحية ببعض الرؤوس؟

 

20/5/131015 تحرير علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك