محمد رشيد القره غولي
ظهر في الاونة الاخير جيل من الكبار و الشباب يضع لومه على بعض الاسباب التي دفعت مجتمعه الى التخلف الفكري في مجالاته المتعدده و الطبقة الاكثر انتقادا غالبا ما توجه لومها الى رجال الدين بل و تتطرف البعض بجعلهم المصدر الاساسي للخرافة و التي هي السبب لتخلف مجتمعاتهم و خصوصا في العشر سنوات المنصرمة من بعد التغير الذي حدث في العراق سياسيا و هم تناسوا ان التخلف لا يكون وليد مدة زمنية مقدارها العشر سنوات و لا حتى العشرين سنة اذا ما فرضنا ان المجتمع قبل هذه السنوات كان مجتمعا له مقومات الحضارة و التحضر المدني و قد كان خارج الاطر القبلية. نعم ان بعد التغيير، الكثير من رواد المنابر الدينية و السياسية و الاجتماعية قد اطلقوا الكثير من الخرافات و اساليب لا يلتمس منها سوى مواد تسويقية لجعل العامة التي تستمع لهم انصار، لكن لنسال هل الخرافة مصدرا لتراجع المجتمعات و سببا لتكاسلهم عن الانتاج العلمي و الانساني؟ هنا لا بد من اخذ عينات من التاريخ الغابر باعتبار ان اغلب مصادر الخرافة هي موروثات جاءتنا من تلك الاحقاب الزمنية، فمثلا علماء الاثار الى يومنا يكتشفون امورا عجيبة قد كانت في زمن الفراعنة و السومريين و غيرها من الحضارات الانسانية القديمة و هم في حيرة من امرهم لما وجدوه من تقدم فكري و انتاج عملي خدمت مجتمعاتهم بل و حتى اليونان و حضارتهم كموروث انساني تدرس علومهم و بالخصوص الادبية و الفلسفية و هذه الحضارات قد كانت قابعة في الخرافة اكثر من غيرها من الحضارات التي جائت بعدها و حتى في العصور الوسطى و قبلها و بعدها نجد ان الخرافة كانت مسيطرة على عقول الاغلبية من ابناء مجتمعاتهم و لكن في عصر النهضة في اوربا بدا العمل في بناء حضارة مادية قوية تحارب سطوة الكنيسة الفكرية عليهم و كان عصرا ازدهرت فيه العلوم بشتى مجالاتها لكن هل بقى المجتمع دون خرافة بالعكس ظل الكثير منهم تحت طاءلتها لكن هنا فئات من هذا المجتمع بدات بالبناء الفكري العلمي القائم على التجربة و التجرد من الدين ضنا منهم انه سبب تخلفهم و وصل الابتذال الاخلاقي الى ما نراه اليوم، فكانت ذريعتهم انهم ما ان تجردوا من الدين و اصبح العلم مكانه تقدمت عجلت البناء نحو الامام، و سار على هذه الاراء جملة من المثقفين الاسلاميين متناسيين الفترة الذهبية الاسلامية العلمية و بغداد خير شاهد على ذلك عندما كانت قبلة للمتعطشين الى العلوم الدينية و العلمية العملية. لذا نحن نعتقد ان سبب التخلف ليس الخرافة فحسب في اطارها بل هناك عوامل اخرى تجعل من هذا المجتمع متخلفا و خصوصا القوة السلطوية لها فان صلحت صلح المجتمع و ان فسدت فسد بها. فاصحاب العلوم الدينية ينطلقون من مفاهيمهم فاليوم ليس كالسابق في اوربا مثلا لا تتدخل الكنيسة في الانتاج الفكري العلمي كما كانت و ليس لها سلطة لتطبق احكامها التعسفية التي جعلت مجتمعاتها تنتفض عليها و كذلك المراكز العلمية الدينية ليس لها سلطة على المجال الاكاديمي لكي نقول هم سببا في تراجع العلوم التجريبية بل لهذه المراكز حرية في الانتجاج و هي تتبع سلطاتها الحكومية المتمثلة بوزارتي التربية و البحث العلمي، فهما الجهتين المسئولتين في تقدم او تاخر الانتجاج الفكري التجريبي و العلوم الانسانية و غيرها. كما ان الدولة لها جهة اخرى تتحمل دورا ليس اقل من وزارتي التربية و البحث العلمي و هي وزارة الصناعة فلا بد ان يكون لها رؤية في كيفية تقدم الصناعة في البلد باعتمادها على الجانب العلمي و لها دور مهم في تنشيطه و جعله ثروة لهذا البلد اذن هي تكاتف قوى في النهوض بالواقع العلمي. اما دور رجال الدين فهو دور يهتم في بناء الانسان سلوكيا بينه و بين الله و بين نفسه و مجتمعه وهذا فيه تفاصيل كثير و من جملتها الحث على نهوض الانسان فكريا و علميا و السعي في طلبه فريضة على الانسان.
https://telegram.me/buratha