المقالات

الى الغائب الحاضر

2522 18:45:00 2007-06-12

اهداء الى كل زوجة شهيد بطلة في هذا الزمن الصعب .

الى من تركني في منتصف الطريق. الى من كان لي خيمة وكنت لخيمته عمودا .الى من غادر الدار ولم يعد .الى زوجي الشهيد .

ودعتني ذلك الصباح باسماً كعادتك مداعباً اولادنا النائمين على الارض الجرداء من شدة حر ليلٍ بدون كهرباء بينما انا اتذمر منك كي لا يصحو احدهم ويتشبث بك باكياً، دعوتك لتناول الافطار معاً الا انك فضلت المغادرة على عجل مبرراً ان الطرق مزدحمة والامر يتطلب ساعات لبلوغ محل عملك أملت رأسي مؤيدة وكيف لا يا عزيزي وجسورنا تنقص يوماً بعد اخر !!.

سرتَ مسرعاً نحو باب مذكراً أياي بان انتبه للاولاد وان لا افتح الباب الا بعد التأكد الى ان فتحت الباب سائلاً هل من طلب لكِ والابتسامة تملىء وجهك المشرق فاجأبت سلامتك هذا كل ما اريده .عندما اوصدت الباب خلفك اغلقت عيني وتنفست بعمق كما افعل دائما لتظل عيناي على ساعة الجدار لحين وصولك تقدمت خطوات لاتأمل وجوه اولادنا وهم نائمين ببراءة حاملين بعضا من ملامحك الطيبة وقاطع تأملي هذا اصوات اطلاقات نارية قريبة اعتدت سماعها يوميا وما هي الا دقائق لتطرق بابنا بطريقة جنونية ركضت نحوها لاجد من يخبرني بانك هناك في الشارع .

خرجت خلفك نعم كنت هناك مستلقياً على الارض يفيض دمك من جسمك لقد اغمضت عيناك قبل ان اصل ولم تمر ساعات الا والسواد ردائي وبالبكاء تعبيري والعزاء عزائي والمكان داري والايتام اولادي والشهيد زوجي .مرت الايام سريعا وها انا ازورك في مكانك الجديد واقفة امام صخرة صغيرة كُتب عليها اسمك وتاريخ توديعك لي وها هي يداي تغسل الصخرة بأنامل ترتجف فوق الحروف ، أتيتك اليوم بعد ان عقدت العزم على ان لا ابكي فاليوم يومي فانا زوجة الشهيد ناكرة لقب أرملة فانا زوجة من هو عند الله حيٌ يـُرزق ها هي امانتك معي اولادنا يحيطون القبر من كل جانب .

ما عساي ان أقول لهم بعد ان أنتهي من قراءة القران ، كيف أُفهم صغارنا انك هنا وأن سألوا عن سبب غيابك فكيف اشرح لهم ، خططنا لكل شيء ونحن نبني حياتنا الجديدة ولم نحسب لهذه اللحظة حساب ألم تقل لي انك لن تصابي بالحيرة ذات يوم ، ها انا ذا بقربك حائرة هاربة من عيون اولادك محدقة بحروف اسمك الذي اشتاق تردديه .

انظر لهم انهم يوقدون لك شموعاً بعد ان كنا سوياً نوقد شموع ميلادهم ونتمنى ان نراهم شبابا مؤمنين محبين لمحمد وال محمد ، لست عاتبة عليك يا من ضمنت لي الفخر العمر كله كما ضمنت لي مسؤولية تربية هذه البراعم الصغيرة .

اليوم صار حزني عليك امرا ً يجب علي دفنه في اعماق قلبي وثارك ممن رماك بطلقات الحقد لانك مثال الشاب المؤمن الملتزم فالتزامك تقاطع مع مبادئهم الرديئة صار ثاراً لا استطيع نيله الا بان أربي اولادنا على نهج اتفقنا عليه معا ليكونوا شوكة في عيون من ظلموك صار واجبي ان اوفر لهم الحنان والعاطفة المضاعفة ولقمة العيش الصعبة .

نعم جئتك لاستحصال الاذن منك بأن اعمل يا من كفلتني طوال حياتي معك ، اعلم انه يصعب عليك الامر غير ان من شاركتك حياتك انما شاركتك لانها ارتضت خـُلقك ودينك الذي تناغم مع خـُلقها ودينها وبهذا الدين والخُلق ستتسلح لمواجهة الحياة القاسية فأذن لها .

كن معي بروحك فمهمتي صعبة وعزائي بفقدك كونك شهيد الكلمة شهيد الحب العلوي شهيد مذهب مظلوم شهيد الاباء ويكفيني فخرا باني زوجة الشهيد وأي حظ كبير لدي برجل شجاع مؤمن مثلك وفر لي الماكل والملبس الحلال وان كان بسيطا وترك لي ثروة يفخر بها اولادنا وهي الشهادة الحقيقية .كلماتك ، أقوالك ، كتبك ، أرائك ، بسماتك ، لحظات غضبك من الظلم كلها امانة ساحفظها لاولادك عندما يكبروا وان اطال الله عمري ساحضر يوم تخرجهم ويوم زفافهم وهنا سافتقدك اكثر من أي وقت اخر .وداعا ايها البطل ايها الحي في قلبي ابدا .

اختكم المهندسة بغداد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حسين
2007-06-14
الله يساعدج يارب حرقتى قلبى وايدى مكتوفه يارب ساعدها بملائكة الخير فوقج محفوفه
احمد كامل
2007-06-13
كم هي كلماتك رائعة وكم شخص يقرائها لكن كم شخصا منا فكر ولو ان يتبرع بمال قليل او ان يتكفل بيتيم او ان يحاول ان يساعد النسوة التي فقدن ازواجهن في سبيل حياتنا انني وكل العراقيين مدينين بحياتنا لهم ولذلك انا احاول ان اعمل كثيرا لكي احصل على اكثر قدر ممكن من المال للتبرع به لهم مباشرة بدون وسطاء ولا منظمات تسرق اموال اليتامى او منظمات دينية يتبجح اصحابها فقط بأسلامهم الزائف انني ادعوكي وكل الناس الى ان يكفل كل شخص يتيم ويحاول ان يجعله يصل الى الجامعة ثم التخرج عند اذن نكون قد اوفينا حق الشهيد
محمد خليل
2007-06-13
نعم. والله قد بكيت وانا اقرأ مقالتك لكني في نفس الوقت فرحت بوجود امثالك فانتي اضافة لكونك انسانة فاضلة بقلب نبيل فانك تملكين موهبة عظيمة في الكتابة والتعبير الصادق المؤثر.
فريد الناصح
2007-06-13
هنيئا للشهيد هذه المرأة الصالحة هنيئا لاولادك هذه الام الوفية والخزي والعار لمن غدر با ابي اولادك كوني بطلة وانت كذلك وكوني ابا ثم اما لهم لقد افرحتيني حزنا وابكيتيني فرحا بكلماتك والضلم دائما يستهدف امثالكم اجعلي رايتكم مرفوعة دائما رزقك الله وزوجك الجنة اخوكم بالمعاناة ابو محمد
أبو محمد الضيغمي
2007-06-13
بدموعي أواسيك أيتها البطله ولعلها بعض الذي أملك..يازوجة الشهيد سلاما على شهيدكم يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا...سار على درب الحسين عليه السلام فهنيئا لكما..هنيئا له الشهاده وهنيئا لك على مواصلة المسيره..ربط الله على قلبك وسدد خطاك...
ام هاني
2007-06-13
بعد غربت 7سنين وبدون مقدمات قررت اذهب الى سوريا للقاء والدتي واخي بعد ان تركنا العراق بسبب ضغوط الجلاوزه من المقبورين وطلعت من العراق بعد ان خسرنا كل مانملك ولكن تركت العراق جسد فقط ولكن روحي تركتها به وكم كنت مشتاقه لرؤيه اهلي واحبتي وكلي شوق للقاء بهم وسافرت وصلت الساعه 3 عصرا وانا اخطط لرؤية اخي الثاني الذي لم اراه من 7سنوات عند وصولي الى سوريا اول من اتصل بي وسلم عليه هو كنت مشتاقه الى رؤيته واذا صباح اليوم الثاني لوصولي واذا بالهاتف يرن عند الساعه 9 صباحا ياتي الخبر مقتل اخي الذي لم اراه 0
ابو محمد العراقي
2007-06-12
تالمت جدا بل بكيت وانا اقرا مقالتك ساعد الله قلب كل زوجة شهيد والهمها الصبر في هذا الزمن الصعب وبارك الله بك اختي العزيزه
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك