صالح المحنّه
مع مشاهدِ الوفود المليونية من المحبين والعاشقين السائرين على الأقدام متوجهين الى ابي الأحرار سيد الشهداء ، حيثُ عرصات كربلاء ، يتسابقون مع ساعات النهار بخطىً يملؤها الأملُ والثقةُ والثبات والإيمان بصدق عقيدتهم الحسينية الراسخة في ضمائرهم ، مع هذه الوفود التي إمتدت على مسافات طويلة فشكّلت لوحةً بشريةً إيمانية قلَّ نظيرها، وحينما ينتقلُ بك البصرُ الى الناحيةِ الأخرى حيث كربلاء وحيث الحسين ... فكأنَّما يطرقُ سمعكَ صوتُ الحسينِ عليه السلام محمولا على أثير النور الألهي يصدحُ بشعاره الأزليّ ...كونوا أحرارا في دنياكم ...تلك هي هديته الى هذه الأمواج البشرية السائرة بلهفةٍ لتلثمَ ترابَ قبره الشريف....بل هي نصيحتُه الى محبيه وإلى مَنْ ينشد الحريّة ويعشق الأحرار ، و هو دعاءه لهم أمتزجَ بأنفاسهِ الطاهرة الزكية، كونوا أحرارا في دنياكم ... مع أنَّ هذا الخطاب كان موجهاً الى فئةٍ كانت تقاتله وترفع السيوف في وجهه مع ذلك أهداهم هذه النصيحة ووهبهم هذه الدعوة الإنسانية !!! لإنه الحسين ... الحسين صاحب القلب الرسالي الذي لايجتمع فيه إلا الحب والرحمة والنصيحة حتى لأعداءه ، أهداهم هذا الخطاب الذي يعتبرُ قمّة في تجسيد الحرُية للإنسانية ، حتى صارَ عنواناً وشعاراً لكل مَنْ يروم التحررَ والعتق من العبودية ... العبودية بكافّة أشكالها ، فماأحوجنا اليوم ونحنُ نسيرُ على أقدامنا الى رمز الأحرار وسيد الأبطال أن نعيرهُ أسماعنا ونمليء بحبه عقولنا قبل قلوبنا ونستوعب خطابه ونستعين به على أمورنا ، حتى نعودَ من زيارته عليه السلام وقد تنوّرت أذهاننا وامتلئت أفئدتنا بنور هدايته لنميّز الخبيث من الطيب ، فلو فهمنا خطاب الحسين عليه السلام وملئنا به وجداننا سوف لن يصعب علينا إختيار مَنْ يمثّلنا في إمور دنيانا ، لو عقلنا دعاءه ونصيحتة عليه السلام وتمسّكنا به سوف لن نتوهّم في معرفة الحق ، ولن يسرقنا الفاسد ولن يغشنا الكاذب ، فنهج الحسين عليه السلام لايتعايش مع الفاسدين ولايهادن الخائنين والسارقين والمنافقين ، أتمنى أن لانجمع بين النقيضين دعم الفاسد وحب الحسين ! هدانا الله جميعا الى نهج الحسين وثبتنا على طريقه المستقيم طريق الأحرار والصادقين . وسلام على الحسين وعلى الذين إستشهدوا معه وعلى طريقه ورحمة الله وبركاته.
https://telegram.me/buratha