المقالات

الإرتبــاك الســـعودي أمــام عَــــودَة حـــائـك السِّــــجاد الإيــرانــــي

1471 13:10:00 2013-12-22

حـــامـد الـعــبـــــــادي

لم يعد خافيا على الجميع الإرتباك الذي أصاب الأداء السياسي السعودي بعد الأتفاق الإيراني الغربي على الملف النووي ، فهو تخبط شديد لم يحصل من قبل بل وصل الى حد الهستيريا من خلال التصريحات المتناقضة لصناع القرار السياسي في المملكة السعودية إضافة الى آراء الكتاب والصحفين والمحللين السعودين ، إنتكاسة خطيرة تتعرض لها المملكة السعودية في المرحلة الراهنة...! .يقابله على الطرف الآخر الإيراني رصانة في المواقف وفق خطوات مدروسة وقرارات حاسمة وبهدوء تام وصبر منقطع النظير وكأنهم يتعاونون على حياكة سجادة فارسية فريدة من نوعها أحكمت عقدها وبخبرة عالية.لسنا بصدد الوقوف على تعداد المواقف السعودية المتناقضة والمرتبكة ، لكننا بصدد كشف اسباب هذا الإرتباك والهستيريا التي أصابت القيادة السعودية وصناع قراراتها..ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على التقارير التي تتحدث عن الأقتصاد السعودي نلاحظ أن القضية تتعلق بالبقاء أو الفناء، تتعلق بوجود هذا الكيان واستمراره أو إنهياره وزواله من الخارطة...!يعتبر النفط عماد أقتصاد المملكة السعودية ويشكل حوالي 90% من إيرادتها ودخلها القومي ووفقا لتقارير ودراسات (CHATHAM HOUSE ) أن المملكة السعودية سوف تصبح دولة مستوردة للنفط بحلول عام 2038 بسبب قلة الإحتياطي النفطي فيها إضافة الى الإنتاج المفرط الذي يفوق حصتها المقررة كما أن زيادة الإستهلاك المحلي للمنتوجات النفطية بأزدياد دائم بسبب المشاريع الخدمية والسكنية التي أمر بإقامتها الملك عبد الله السعودي عام 2012 لغرض إرضاء الشعب وتجنب الإحتقان الشعبي الذي قد يسبب (ربيع عربي) في المملكة....! سيصل الإستهلاك المحلي من النفط ما يزيد على ثلث الإنتاج البالغ حوالي 12مليون برميل يوميا أي حوالي 4 مليون برميل يوميا ، ولمعرفة ضخامة الإستهلاك المحلي في المملكة السعودية يكفي أن نعرف أنه زاد على الإستهلاك المحلي الألماني من المحروقات في حين أن سكان السعودية لايصل الى ثلث سكان ألمانيا وأن الناتج القومي السعودي لايتعدى خمس الناتج القومي الألماني.ولابد أن نشير الى أن القطاع الحكومي يتحمل نفقات حوالي 80% من الأيدي العاملة والذي يثقل بدوره الإنفاق الحكومي الذي يعتمد على إيرادات النفط حصرا ، كما زاد الإنفاق الحكومي بسبب إلتزام المملكة السعودية بتغطية نفقات (الربيع العربي) في مصر ودعم نظام الحكم الجديد بمليارات الدولارات أما دفوعات بشكل مباشر أو تحمل نفقات صفقات الأسلحة الروسية الى مصر لعلها تقف الى جانبها في حربها القادمة ضد إيران ولا ننسى تغطية نفقات الحرب في ليبيا وسوريا ودعم الإرهاب في العراق واليمن وقضية البحرين وتحمل مسؤولية نفقات القوات الأجنبية في المنطقة وصفقات الأسلحة المتطورة والمستمرة.ومن الجدير بالذكر أن السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة قد استحوذوا على حصة إيران والعراق من النفط لتغطية النقص الحاصل في السوق العالمية النفطية إبان الحرب العراقية الإيرانية ( 1980- 1988 ) ( كما تشير إليه بيانات كل من منظمة الأوبك ومنظمة الأدارة الأمريكية للطاقة ). استحوذت السعودية على حصة الأسد منها...!! ولهذا فأن عودة العراق وإيران الى السوق معناه وضع السعودية أمام أزمة خطيرة جدا ويلزمها خفض إنتاجها من النفط وبهذا يكون انتاجها لايكفِ لتغطية استهلاكها المحلي..! فكيف اذا كان اقتصادها قوامه تصدير النفط بما لا يقل 9 مليون برميل يوميا واستهلاكها حوالي 4 مليون برميل يوميا ما عدا الذي يذهب الى حسابات العائلة المالكة..! ومن هنا تكون المملكة السعودية أمام خيارات صعبة للغاية جدا لا مفر منها وهي:أولا: تخفيض إنتاجها من النفط إلتزاما بحصتها وفقا لجداول منظمة أوبك بسبب عودة العراق ليصدر 3 مليون برميل يوميا وزيادة صادرات إيران الى 4,5 مليون برميل يوميا وليبيا الى 3 مليون برميل يوميا ، هذا كله يعني أن هناك 5 مليون برميل سوف تدخل الى السوق العالمية وعلى السعودية أن تعيد حصص هذه الدول التي استحوذت عليها سابقا أي أن صادرتها ستنخفص الى 4 مليون برميل يوميا..وهذا الرقم لا يؤهلها الى تغطية نفقاتها الحكومية واستهلاكها المحلي وعليها إعادة النظر بالإنفاق الحكومي مثل إيقاف دعم المحروقات وزيادة الضرائب وأسعار الكهرباء والماء وزيادة الرسوم والكمارك وخفض الأجور والرواتب الشهرية للموظفين وغيرها وهذا بدوره يؤدي الى شيوع حالة التذمرالشعبي الذي قرر الملك عبد الله تجنبه عن طريق رفع المستواى المعاشي خشية (الربيع العربي).ثانيا: الإستمرار بزيادة الأنتاج والتصدير ضاربة عرض الحائط قوانين منظمة الأوبك مما يجبرها البيع بأسعار متدنية وواطئة جدا وستكون نتائجه قاسية على الأقتصاد السعودي لأنه سيعصف بالأقتصاد العالمي الذي تكيف على مستوى الأسعار الحالية ، كما أن السعودية لا يمكنها تحمل مسؤولية تبعات حرب الأسعار داخل منظمة أوبك ، ناهيك أن العوائد المالية الواطئة من هذا الخيار لا تكفِ لتغطية النفقات المذكورة والمتزايدة أيضا.ثالثا: وهو الخيار الذي تجتهد القيادة السعودية بتنفيذه وتجهد نفسها للعمل به وإن كان عسيرا وشاقا وقد صرح بذلك تركي الفيصل حينما خاطب الغرب قائلا:( سنذهب سواء معكم أو بدونكم) ، ودعوته لإلقاء خطاب علني أمام الكنيست الإسرائيلي، الخيارهو تخريب أمن الدول المنتجة للنفط وتدميرها من خلال دعم الإرهاب وتخريب المنشآت النفطية كما حصل في ليبيا ويجري في العراق وسوريا واليمن الآن ، وتوجيه ضربة عسكرية الى إيران وتخريب منشآتها النفطية وحث إسرائيل وإقناعها على القيام بتنفيذ هذه الضربة وإن لم تحصل على موافقة الأدارة الأمريكية كي تفرض السعودية سيطرتها على السوق النفطية العالمية وتبقى سيدة المنطقة.بعد كل هذا وغيره مما لم نذكره أليس واقعا أن القيادة السعودية مصاب بالهستيريا والتخبط في الأداء السياسي أمام هذا الحائك الذي أحكم كل عقد الخيوط في شباكه وبكل دقة وبكل صبر وتأنِ ليصطاد بها خصومه ويمرغ أنوفهم بالوحل؟ لأنه لم يعد حائك سجاد فحسب....!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك