مديحة الربيعي
يعرف معظمنا قيصر ملك الرومان؛أو هِرَقْل كما كانوا يسمونه؛عرف بقوته وسطوته إذ كان يحكم مايقارب؛نصف الجزيرة العربية والإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية؛وقد كانت إمبراطوريته واحدة؛من ابرز القوى الثقافية والاقتصادية والعسكرية في أوروبا.كان قيصر يقدم العطايا والهبات على الرعية وعندما يمنح أحدهم شيئاً يخاطبه الحاجب "خذوا أنها عطايا قيصر",أذ لم يكن يرى أن ما يمنحه لهم حقوقهم؛بل هي عطايا الملك على أعتبار؛أن كل ماهو موجود في خزينة الدولة ملكاً له؛وأن ما يقدمه لهم هو تفضلٌ منه وهو وحده من يحدد مقدار العطاء.يذكرنا موقف القيصر بتصرفات؛بعض الساسة في العراق حين يقدمون الهبات والعطايا؛وكأنها من جيوبهم والعراقيين فقراء وهم يتصدقون عليهم,رغم أن هذه الأموال هي الشعب؛وأن المسؤول ليس أكثر من موظف من واجبه أن يخدم من الناس؛ويحرص على مصالحهم لا أن يسخر الشعب وإمكانات؛البلد لخدمته هو وحاشيته,عل الأقل قيصر؛كان مقاتلاً مقداماً يخوض الحروب؛والمعارك ويجازف بنفسه من أجل؛أن يوسع رقعة الأراضي التابعة لأمبراطوريته,ليحقق أكبر قدرٍ من المكاسب,ورغم هذا كله فأن ذلك فهو لم يكن منصفاً؛ فيما يتعلق بتقديمه العطايا بصفته المانح أو المالك,فكيف سيكون الحال أذن مع من يقبعون؛خلف أسوار المنطقة الخضراء ويأخذون ثروات طائلة؟ لم يبذلوا فيها أي جهد يذكر؛فهي من خيرات وثروات هذا البلد.أما ساسة العراق فهم لن يخرجوا من قصورهم؛إلا بموكبٍ سيارات يزداد عدد سياراته؛كلما أزداد منصب المسؤول أهمية,ولن يواجهوا خطراً سوى التخمة والأصابة بالسمنة؛ بسبب الولائم وأقامة الحفلات,فيما يأن الفقراء من الجوع والعوز,وتسحقهم رحى الحرمان,وتمزق أجسادهم سيارات مفخخة وعبوات ناسفة؛يساهم في دخولها المتصارعين على الكراسي,وأهمال وفشل القائمين على الملف الأمني,ممن لاهم لهم سوى البقاء لأطول فترة ممكنة على رأس السلطة.ليس من حقكم أيها الساسة؛أن تمنحوا النزر القليل مما هو ليس لكم اصلاً وليس من اللائق أن تلقوا؛فتات موائدكم لهذا الشعب,قطعة أرض أو مبالغ زهيدة,تمنح فقط في أوقات الأنتخابات,فالشعب العراقي هو صاحب المال ولن يأكل فتات الموائد.
https://telegram.me/buratha