نبيل محمد حسن
أهل البيت الاطهار (عليهم السلام) هم كجدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين ، ولقد كانت الرحمة مصاحبة لهم في اوامرهم ونواهيهم وتوجيهاتهم وارشاداتهم للمسلمين ، وهم في وجودهم المبارك في مراقدهم الطاهرة ايضاً كانوا وسيبقون رحمة للعالمين ، فهم الاحياء ولكن لا نشعر بهم ، كما قال تعالى : (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) ، ومراقدهم المطهرة المقدسة هي مهبط الرحمة الالهية يقصدها الناس من كل مكان بتنوع اطيافهم وانتماءاتهم وافكارهم. فالانسان يجد في مراقد الائمة الاطهار (عليهم السلام) الراحة والاطمئنان النفسي وكذلك يجد الناس هناك قضاء حوائجهم الدنيوية والدعاء المستجاب إنْ شاء الله سبحانه.
بالامس قرأت في احد مواقع الانترنيت معجزة شفاء مواطنة فرنسية كانت تعمل في العراق واصيبت بمرض خبيث وسمعت بالامام الحسين (عليه السلام) وكراماته فنذرت ان تمشي لزيارته ان شفيت من مرضها ، وفعلا بعدما رجعت الى فرنسا اجرت فحص طبي جديد وانذهل الاطباء من شفاءها فعادت هذه السنة لتمشي هذا العام مع الزائرين الى زيارة الامام الحسين (عليه السلام) في مرقده الطاهر المقدس.
فهل ان اهل البيت الاطهار (عليهم السلام) هم رحمة للشيعة فقط طبعاً لا بل هم رحمة للعالمين. وهل هم رحمة فقط للملتزمين دينياً ام هم رحمة لجميع الناس ؟ بكل تأكيد هم رحمة للجميع ، للملتزم دينياً وغيره ، فاذا كان الامر كذلك واذا كنا نؤمن ونوقن بذلك حتماً فلماذا نجد ان الاخ جمال الدباغ امين العتبة الكاظمية المقدسة وبعض الاخوة اعضاء مجلس الادارة ينفردون مؤخراً باتخاذ قرار منعوا به النساء غير المحجبات من ارتداء الحجاب الشرعي في غرفة تفتيش النساء والدخول الى الصحن الكاظمي المطهر ! أمَرَوا بمنع اعطاء الزائرة العباءة الشرعية في غرفة تفتيش النساء كما كان معتاداً في الفترة الماضية ! ويقال ان رأيهم الشخصي الذي فرضوه على الجميع هو انهم يرون انه على المرأة ان تخرج من بيتها مرتدية العباءة الشرعية وهي تقصد الزيارة ولا يكفي ان ترتديها على اعتاب المرقد الشريف ، والاخوة في ادارة العتبة بذلك يمنعون بقية النساء اللواتي يرتدين حجاباً غير شرعي اي فيه مخالفات شرعية او حتى المرتديات الجبة الشرعية او اللواتي لا يرتدين الحجاب يمنعونهن من ارتداء العباءة الشرعية في غرفة تفتيش النساء فهن بذلك ممنوعات من زيارة مرقد الامامين الجوادين (عليهما السلام) رغم قبولهن بارتداء العباءة الشرعية في غرفة تفتيش النساء على اعتاب الصحن المطهر وعدم ممانعتهن لذلك ، وهو ما كان يجري قبل قرارهم الاخير !
لا تمنعوا رحمة الله بل كونوا مصدراً لنشرها بين الناس وابواباً مشرعة لحصول الناس الملتزمين وغيرهم على الاطمئنان داخل الروضة الكاظمية المطهرة ، بل عليكم ان تحرصوا على حضور غير الملتزمين الى داخل المرقد المطهر اكثر من حرصكم على حضور الملتزمين وذلك لكي يحصلوا على نصيبهم من السكينة والاطمئنان النفسي وليكون عامل جذب اليهم لتكرار الحضور والتفكير الجدي في الالتزام الديني بعدما يشاهدونه من بركات وقضاء للحوائج واطمئنان نفسي وعقلي. ان علينا جميعاً ان نلتفت الى ان العصر الذي نعيشه يحتاج المواكبة المستمرة لتغيراته ، ولا يصح ان نتعامل معه بعقلية الماضي او ان ندفن رؤوسنا في الرمال ولا نعبأ بما يجري حولنا. وان ديننا العظيم فيه مساحة كبيرة للمرونة والقابلية على التعاطي مع القضايا بطريقة يكون الحكم الشرعي فيها موجوداً ومطبقاً ومقبولاً في نفس الوقت من قبل الجميع ، ولذلك فنحن نصر على ان الاسلام العظيم يصلح ديناً لكل زمان ومكان ، واما الجمود والتحجر وفرض الرأي وفرض طريقة التصرف فهي لم تعد امور ممكنة او مقبولة حالياً.
اسلامنا المحمدي العظيم اسلام فسيح يتسع للجميع وفيه القابلية على احتواء الجميع وهو دين يسعى لسعادة الجميع في الدنيا والآخرة ، فعلينا ان نبرز سماحة الاسلام ورحمته وابواب التوبة التي يفتحها للناس في كل حين ليلاً ونهاراً ، ونشر مفاهيم الشفاعة والمغفرة المتضمنة في تعاليمه والتي تشمل الجميع المحسن والعاصي ، وعلينا ان نبرز سعي الاسلام المحمدي لسعادة الناس جميعاً ، في مقابل وجود آخرين يشوهون نسخة الاسلام التي ينتمون اليها بقتل الابرياء والتطرف ونبذ الآخر وكراهيته.
الاسلام المحمدي دين جميل فلا تنفِّروا الناس عنه.
https://telegram.me/buratha