حافظ آل بشارة
مقالي السابق كان بعنوان (لماذا لا نقاتل من يقاتلوننا؟) قلت فيه : (ان ما يجري من ارهاب هو اعلان حرب على العراق وغزو علني من دول معروفة تتوغل قواتها في اعماق المدن العراقية وتقاتل وتفجر وتزرع الموت والفوضى ... العدو الغريب في داخل وطننا يقاسمنا الارض والموارد ويقاتلنا ويهزمنا ! هذا عار لا تمحوه الا الدماء ) وصادف ان بدأت الحملة الاخيرة على الارهاب . حرب كهذه ليست حرب جبهات تقليدية تعتمد خطة خندق مقابل خندق ، بل هي حرب عصابات فيها الكر والفر والمناورة وهي مجال خصب لاستخدام الاعلام والحرب النفسية ، لحد الآن كشفت هجمات الجيش في الغرب ان الأرهابيين الغرباء هم عصابات ضعيفة المواقع واهنة التحصينات بدائية في انتشارها وتدابيرها الدفاعية ، اكتشف قادة العمليات ان هؤلاء يعيشون على ضعفنا وليس على قوتهم ، فالعدو يفتقر الى الحاضنة الشعبية المؤيدة والواعية ، غرباء يرفضهم كل شريف في غرب العراق ، لكنهم يختفون في بعض الارياف ويتخذون من بعض المنازل مأوى اجباريا لهم تحت تهديد السلاح او يغمرون اصحابها بـ (الشدات) او (الدفاتر) كما يسميها الصرافون ، هناك من يبيع كل شيء بالشدات ، اثناء التفتيش عثر جنود الفرقة السابعة على ارهابيين متخفين بالعباءات وسط النساء في المنازل ! قال ضابط استخبارات : ان سكان بعض القرى يعيشون خارج التأريخ فهم يعبدون صدام ويحتفظون بصوره وهو يشوي التكة او يطلق النار من مسدسه وهو يرقص سكرانا بيشماغ احمر وشاربين غليضين وترقص معه نساء القرية بثيابهن القذرة ، هذا النوع من الناس هو الذي يحتضن الارهابيين ، انهم ضحايا الفقر والجهل والعزلة والاهمال الحكومي ، وكل من الحاضن والمحتضن هو ضحية لظروف استثنائية ، متخلفو النهج الصدامي الهمجي يحتضنون متخلفي الصحراء السعودية وكلا الفريقين مسير غير مخير لا يعرف من هو وماذا يريد ولماذا يقاتل ولماذا ينتحر ! ... يجب ان لا تتوقف المعركة الا بعد اعلان تطهير جميع مناطق العراق من الارهابيين ، واذا توقفت في المنتصف ستمنحهم قوة اضافية ليعودوا عودة انتقامية خطيرة ، ولكن استكمال المعركة يحتاج الى الامساك بالاهداف المحررة لكي لا يعود اليها الهاربون ، ثم مطاردتهم من قرية الى قرية ، وامساك الحدود الغربية بقوة ليلا ونهارا وعدم السماح بأي تسلل ، وتنشيط الصحوات الاصيلة الشجاعة وتوحيدها وزجها في المعركة ، وترك رؤساء العشائر يتصرفون ومنحهم الثقة ومساندتهم في هذه المعركة . اما على الصعيد السياسي فالمطلوب وحدة موقف ووحدة هدف ، سترون كيف يصرخ ساسة (الشدات) محتجين على القوات المسلحة مدعين بأن هناك انتهاكا لحقوق الانسان واعتقالات عشوائية وتدميرا لمنازل الناس ومزارعهم ، ويبثون من فضائيات (الشدات) صور ضحايا وهميين لرسم صورة سيئة لهذه المعركة الفاصلة . هذه ليست معركة الحكومة او معركة حزب او شخص بل هي معركة العراق وهو يريد التحرر من الاحتلال الارهابي ، مشروع الانقاذ يواجه اعداء كثيرين ابرزهم الفساد السياسي والفساد المالي والاداري ، والاختراق السياسي والامني لمؤسسات البلد وسلطاته ، لكن الانتصار في المعركة ضد الارهاب سيفتح الابواب لمعارك أخرى لاجتثاث الفساد والاختراق والتبعية .
https://telegram.me/buratha