المقالات

علي هنا وعلي هناك

2155 16:45:00 2007-07-02

ماانفك شعب العراق يعيش في ظروف صعبة منذ عقود نتيجة الحروب والاحداث المترتبة عليها على وفق نهج لطاغية غادرنا الى غير رجعة تاركنا لنا هماً ثقيلاً ما برحت الجهود مجتمعة لتحاول انقاذ ما يمكن انقاذه لوطن اُثخن بالجراح .

ولما كان المواطن على تماس بوطنه ان كان قريباً أو بعيداً كان لابد له ان تتأثر حياته سلباً وأيجاباً على وفق الوطن الذي يعيش فيه ، وعلى هذا الاساس لنا ان نتخيل هموم الانسان العراقي خاصة الشباب منهم تلك الفئة التي ان لم تستطع بناء نفسها في فترة شبابها ضاع عليها العمر بشكل كامل .

ولما كانت ظروف العراق القاسية وليس لها امد واضح المعالم لتتحسن غدت فكرت تجميد الانسان لحياته على امل التحسن فكرة غير سديدة وان كان الواقع مراً حداً يصعب على الانسان فيه الاستمرار بحياته وكان شيئا لم يكن ، اليوم استعرض حالتين لشبابين عراقيين لايجمعهما شيء سوى اسمهما ولقد صادف ان استمعت لهما في ذات اليوم وفي نفس الموضوع لتتبرعم فكرة كتابة هذا المقال .

ولنبدأ من علي من بغداد شاب عراقي يكاد يقترب من الثلاثينات حل علينا ضيفاً ولتبدأ جلسة عائلية لابد من انها تبدأ بالعراق وتنتهي به وقد تكلم الشاب عن منطقته التي يتربصها الارهاب بشكل مستمر كونها احد اكثر المناطق تركيزاً لشيعة امير المؤمنين ع وعن المناظر المؤلمة التي يراها اثناء الانفجارات وعن الارهابي التي رصف سيارته امام محله لينتفض علي لنداء شرطي المرور ليتحرك الارهابي بها مسرعا ويفجرها بعد دقائق وعن قصة موته فلقد مات هذا الشاب لساعات بعد انفجار حدث قربه ليصاب بعدة جراحات وتم نقله للمستشفى وليقوم اهله ومن شدة ذهولهم باخذ شاب محترق ظنوا انه هو وليبقى علي ميتاً عندنا لساعات حتى ارده الله لتقر به عين امه ولنبحث عن اهل الشاب الشهيد الذي شابهت تقاطيع وجهه وجه علي .

كل هذه الظروف يعيشها هذا الشاب رغم ان محله يبتعد دقائق عن بيته فهذا الشاب لا يغادر منطقة سكناه فهو كالاسير ومما يثير الاستغراب انه لا يشتكي من هذا الوضع ولايؤيد ولا يستنكر فهو صامت مستسلم ، وفي اثناء حديثه قاطعته لتغيير الموضوع فموضوع الانفجارات مؤلم وكلنا نعيشه فلا داعي من معرفة كل شيء لنتعب قلوبنا اكثر فسألته ماذا بعد، انت الان تعيش وان تعيش ليس بمشكلة لكن المشكلة كيف تعيش ؟ والى ماذا يرنو؟ فاجابني بانه مقتنع بحياته هذه قائلاً ( قابل شيصير نموت وموتتهم ) فبدارته بالسؤال فيما لو اتت له فرصة للسفر خارجاً أو داخل العراق بعيداً عن منطقته فأجات بالنفي المطلق فاحترمت رغبته لان هذا الامر متباين من فرد لاخر الا انني تسألت ثانيةً ان كنت يا علي مقتنع بحياتك هذه فلماذا هي متوقفة ولا تستمر فعملك لا تتطوره نتيجة الظروف ونصف دينك لا تكمله نتيجة الظروف فأجاب بذات الاجوبة القصيرة التي اعتدت سماعها من اغلب شباننا في الداخل الذين لا يضايقهم شيء في الحياة بقدر النقاشات !!

وقبل الولوج في تحليل موقف علي من بغداد لننتقل الى علي من الدنمارك علنا نجد خطوط مشتركة في التحليل فالاخ علي سمعته يتكلم عن موضوع يمسه كما يمس اغلب الشباب في الخارج وقد اشترك في النقاش معه العديد من الناس في احد غرف الدين النقاشية فلقد كان يتحدث عن امر الارتباط بالخارج وهمومه وكيف انه لايستوعب مطلقاً تكوين اسرة هناك وانه ينتظر ان يستقر العراق ليقرر بعدها ولما كانت ظروف العراق كما نرى فانه يعيش حالة من الحيرة والقلق تجاه مصير حياته ، وفي اثناء حديثه تبين ان هذا الشاب (هذا ان كان لايزال شاباً) بدات معاناته منذ الانتفاضة الشعبانية عندما خرج من العراق ولتبدأ مسيرة وصفها بانها كانت اغلبها سيراً على الاقدام ولسنين من دولة لاخرى وصولاً الى المكان الذي هو فيه ولقد داخله العديد من المناقشين من جانب ديني واجتماعي للوقوف على ايجاد حلول للمشكلة .

والان و من باب ان الانسان يستطيع ان يضع نفسه امام مشكلة غيره ويقدم له حلول فيما يستصعب حل مشاكله ! ولما كانت هاتين المشكلتين هي مشكلة الالاف وليس شابييين فقط صار طرحها ومناقشتها مهماَ فالشخصان اشتراكا في حالة استسلام وان كان الثاني قد ابتدء بشجاعة اكبر بكثير من الاول الذي وُلد مستسلماً ! وربما كان لانغلاق العراق دورا في هذا ، وحالة استسلامها تضر بالمجتمع بشكل عام بعد الاضرار بهم شخصياًَ.

من حق الانسان ان يقرر مصيره وحياته الا ان الشاب العراقي الذي لا يعرف معنى لكلمة حق فحقوقه دائما غائبة ومغبونة صارت الظروف هي التي ترسم له كل شيء غير ان انجلاء غبار الحرب الخفية قد اسفر عن حرب معلنة ضد مذهبنا الشريف وبشكل علني قد جعلنا في مسؤولية كبيرة تذوب امامها أي مخاوف من أي نوع فالخوف كل الخوف على مذهب هو اساس رفعتنا وعزتنا والخوف الاكبر من ان ينالوا من مذهبنا لا سامح الله من خلالنا نحن فها هم يجرون للفساد من قل ايمانه من خلال عشرات الطرق المعروفة للجميع بمسميات الانفتاح والتطور وكأن الدين الاسلامي منغلق كما يصورونه دائما ً وها هم يقتلون الالاف من خلال مشروع الارهاب المتبنى من قبلهم واليوم ومن خلال الحوار مع الاخوين علي ادركت ان جريمة اخرى ترتكب من خلالهم ضدنا نحن الشباب ، فاغلبنا يفكر كما يفكر العليان في تأجيل تطوير حياتنا والاستمرار في متابعة الاحداث اللامتناهية .

نعم يا علي البغدادي انت تعيش لكن ما دورك تجاه مذهبك ودينك وامامك فان كنت من النوع الذي لايرغب بالمساعدة والمعونة العملية كما يفعل شباب ادركوا ما عليهم فعلى اقل تقدير لا تتوقف فاستمرارك في حياتك لا تضر بل انها تنفع المذهب فتطوير نفسك يؤهلك الى ان تكون اباً لاسرة تخدم بها المذهب كحد ادنى بحفظ النوعية التي يتقصدها الارهاب بدلا من ان تنتظر الارهاب ليقتلك وربما استمريت سنوات دون نيل شهادة بهذا الرخص ولما كنت مؤمننا بان الظروف هي التي ترسم لك فلماذا لا ترسم لها وتفرض عليها مايريده مذهبك فالمذهب احق ان يفرض عليك اكثر من أي شيء اخر .واما الاخ علي من الدنمارك فاقف اجلالاً على شجاعتك بالهروب بدينك من البعث الصدامي في وقت مرير بعد انتفاضة واهيب هذا التحدي الرائع منكم للوصول الى بر امان الى انكم تعيشون الان في مخاوف لا ادعي انها ليست كذلك لكن لماذا لا تعتبرها امتحان ، اخبرتنا انك تخاف ان تمر السنوات لترى طفلك لابد له يذهب للمدرسة وانت تخشى عليه من الان !! التربية الصالحة في الخارج صعبة لكنها ليست مستحيلة الا تعتقد يا اخي انك امام فرصة ذهبية وامتحان رائع وهو ان تـُربي في ظروف صعبة نشىء ينتمي الى المذهب المقدس وبهذا تنال من الجزاء والثواب ما يصعب حصره وبعيداً عن هذا وذاك اذ لربما في ليلة وضحاها ان يستقر العراق وترجع او لربما سمع مخاوفك من الخيرين الذين نناشدهم باهمية فتح مدارس عربية في الخارج لتضم اولادنا باعداد اكثر من المتوفر .

لقد ذهب صدام في لحظة ! وهل كنا نظن ان ياتي صباح علينا دون ان يكون هو طاغوت الجمهورية وها قد حصل المستحيل ورغم كل المعاناة تبقى نكهة خذلانه حلوة في افواهنا ، لابد ان تكون ثقتنا بالله اعلى واوسع فالله قادر على تغير الحال فيما لو هممنا بتغير حالنا وسؤاله النصرة في مقاصدنا .

الارهاب يكبر وينتشر وينصر مواليه بالنقود وفرص الزواج ليتوغل في العالم ولتحتد انيابه لغرسها في اجسادنا فهل نقف متفرجين متألمين ضاربي الكفوف على بعضها ام نعمل ما بوسعنا مهما كان صغيراً فكل صغير يقدم للمذهب يكون كبيراً ولا هدف اسمى من نصرتنا لمذهبنا لانه نصرة لنا ولاهلينا ولبلداننا .

لابد ان يواسي بعضنا بعضاً على ما نرى ونسمع كي لا يدب في ثنايا انفسنا اليأس وان دب الحزن في نفوسنا فهو مؤشر ايجابي لانسانيتنا أما الياس فانه طريق المبتعدين عن الله وطريق القانتين من رحمته عز وجل فالعياذ بالله ان يطرق حياتنا ونسال الله ان يلهمنا الصبر وقوة العقيدة وان ينصرنا على القوم الكافرين وان يحفظ علمائنا ورجال ديننا الذين نستلهم منهم الارادة وقوة الشكيمة ، اللهم ارنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل نظرنا برؤية حامل صاحب راية الحق وان فرق بيننا وبينه الموت الذي لابد منه نسالك ان تهب لنا اولاداً يحملون له سلامنا ويكونون جنداً له في حربه لتطهير ارض الله من الفساد والجور والظلم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد واله الغر الميامين وسلم تسليماً كثيراً .

اختكم المهندسة بغداد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
النجفي_مو مهندس_
2007-07-02
السلام عليكم سدد الله خطاك و اتمنى ان يستجيب من بيده الحل و العقد لمطالبك البسيطة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك