المقالات

معايير الاختيار

2684 22:32:44 2014-03-02

بقلم : نزار حيدر


 تأسيسا على جواب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) عندما قام احدهم ليسأله في معركة الجمل: أتراني أظن طلحة والزبير وعائشة اجتمعوا على باطل؟! فاجابه الامام عليه السلام {يا حار إنك ملبوس عليك، إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال؛ اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه} يمكننا ان نستنبط قاعدة (انتخابية) في غاية الأهمية، ونحن على أعتاب الانتخابات النيابية الجديدة في العراق نهاية الشهر القادم (نيسان) الا وهي:

ان الأولوية عند الاختيار هي لتحديد المعايير المطلوبة في المرشح، وليس لاسمه او لقائمته، فإذا حُدِّدت هذه المعايير فان تطبيق المرشحين عليها سيكون سهلا جدا، اما اذا انصبّ هم الناخب على اسم المرشح فحسب، فسيتخبط في الاختيار بلا نتيجة.

ان كل عمليات الاختيار في حياتنا الشخصية تعتمد على المعايير اولا، اختيار شريكة او شريك الحياة، اختيار التخصص الدراسي، شراء البيت والسيارة، السفر والإقامة، وكل شيء، فلماذا لا نفعل الشيء نفسه في العملية الانتخابية؟.

ان غياب المعايير في عملية الاختيار، لا تنتج الا الفوضى في حياتنا، لانها تنتج تخبطا وعشوائية وضياعا وفوضى، ولعلنا، جميعا، جربنا في حياتنا عملية اختيار من نوع ما بلا معايير، وماذا كانت النتيجة؟ انها تلبّس على حد قول الامام. وبرأيي، فان المعايير يجب ان تعتمد مبادئ استراتيجية مثل، الوطنية وليس المذهبية او العنصرية او العشائرية او المناطقية، والمصلحة الوطنية العليا، وليس المصالح الشخصية او الأنانية الضيقة، والمستقبل، وليس الحاضر فقط او الواقع فحسب، لتكون المعايير استراتيجية، وليست تكتيكية.
فما هي معايير الاختيار؟ او قل حسن الاختيار؟ انها، برايي، كما يلي:

اولا: التغيير نحو الأفضل والاحسن.
ان جوهر العملية الانتخابية هو تحقيق التقدم والتطور في الأداء لضمان التغيير نحو الأفضل، والا فستتحول عملية الوقوف امام صندوق الاقتراع عند كل استحقاق انتخابي، عند الناخب، الى عادة يمارسها لقضاء الوقت مثلا او للنزهة او لإسقاط الواجب او على قاعدة (حشر مع الناس) بلا اي تأثير او اثر يترتب على ذلك.
يجب ان يسال الناخب نفسه عدة مرات وبصوت عال، قبل ان يودع صوته صندوق الاقتراع، هل انه سيساهم في التغيير؟ ام انه لا يغير من الامر شيئا؟ فإذا كان سيغير او يساهم في التغيير فبها ونعمت وهو المطلوب، والا فليعد حساباته مرة اخرى.

ثانيا: البرنامج الانتخابي، وما اذا كان يصلح للمرحلة القادمة ام لا؟ وفيما اذا كان قابلا للتنفيذ والتطبيق ام انه حشو إنشائي لا يغني ولا يسمن من جوع؟ هل هو برنامج وطني ام انه يتخندق عنصريا وطائفيا ًوحزبيا ومناطقيا اكثر من اصطفافه وطنيا؟ أهو برنامج حقيقي يقدم مصالح المواطن على مصالح الكتلة؟ ام انه لا يحقق الا مصالح المرشح؟ هل انه يأخذ بنظر الاعتبار هموم المواطن في الصحة والتعليم وفرص العمل وتحسين البيئة وغير ذلك، ام انه مجرد شعارات لاستدراج الناخب فقط؟.

ثالثا: قوة الشخصية، وشجاعة المرشح، والتي تتحقق عنده بما يلي:
١/ الحرية، فالمرشح العبد عند زعيم الكتلة لا يهش ولا يبش، لانه لا ينبس ببنت شفة قبل ان يفتح الزعيم فاه بحرف او كلمة، او قبل ان يستلم الإشارة اللازمة التي تجيز له الحديث او حضور الجلسة او التصويت، أكانت هذه الإشارة برسالة قصيرة او باتصال هاتفي ضائع.
٢/ الرصيد الشخصي، من علم ومعرفة وخبرة وتجربة وتخصص، فالمرشح الذي لا يمتلك من كل هذا شيئا، لا يمكن ان يكون قوي الشخصية ابدا.
٣/ النزاهة، فالمرشح الذي يمتلك زعيم الكتلة ضده ملفات فساد ورشوة ومحسوبية، سيظل طوال السنوات الأربع من عمر مجلس النواب القادم تحت رحمة الزعيم، عرضة للتهديد والوعيد كلما حاول ان يرفع صوته فوق صوت الزعيم، او ان يتقدمه خطوة الى الامام، او ان ينتقد أداءا او ما أشبه.
٤/ التجربة، فهي اكبر برهان، من خلال التصفح بتاريخ المرشح، وتقليب أوراقه، فإذا كانت تتحدث عن نجاحات وإنجازات في المواقع التي تصدى لها، هذا يعني انه سيكررها تحت قبة البرلمان، فهو، لذلك يستحق الثقة، اما اذا كانت أوراقه تتحدث عن فشل وطرد وتراجع وغيابات وأزمات ونفاق وخصومات وتقلب في المزاج السياسي وقول بلا فعل ووعود بلا إنجاز وكذب وغش وخداع ودعاية رخيصة وتخويف وارهاب وإرعاب ولا ابالية والهرب من المسؤولية وغير ذلك، فانه بالتأكيد سيستصحب كل هذه العادات السيئة الى مجلس النواب، فهو، إذن، ليس اهلًا للثقة.

ان من الأشياء المهمة جدا هنا، في الولايات المتحدة الأميركية، والتي تساعد المواطن على حسن الاختيار في كل أمور حياته، هو وجود ما يعرف هنا بالسجل العام الذي يحق لكل مواطن الاطلاع عليه، فهو يبصّر المواطن بحقائق الامور فلا يقع ضحية نصب او احتيال او تضليل، فإذا أراد، مثلا، ان يشتري قطعة ارض، فان بإمكانه ان يتحقق منها بالتفصيل الممل وذلك بالعودة الى السجل العام لهذه الارض، من دون ان يسال صاحبها الذي يحاول بكل تأكيد صرفها بكل الطرق السليمة والسقيمة، وكذا اذا أراد ان يشتري سيارة او اي شيء اخر.
اما اذا أراد ان يدلي بصوته في أية انتخابات، حتى اذا كانت تخص المدرسة او المحلة او حتى ما دون ذلك، فان بإمكانه ان يعود الى السجل العام ليتحقق من شخصية المرشح بالتفاصيل المملة، من دون ان يسال عنه من أصدقائه او عشيرته او حزبه لان (القرد في عيون أمه غزال) كما يقول المثل.
لذلك، فانا اقترح تأسيس مثل هذا السجل في العراق على الأقل فيما يخص المرشحين لتولي موقع في الشأن العام، فان ذلك سيساعد الناخب على حسن الاختيار بشكل كبير.
وان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يمكنها ان تنجز ذلك وبالتعاون مع السلطة القضائية وهيئة النزاهة، لتأتي النتائج سليمة وصحيحة ودقيقة لا تظلم احدا فلا تكن كيدية مثلا او سياسية، فان ذلك بمثابة الظلم يقع على المعني والخيانة والتضليل بالنسبة للناخب.
اتمنى على الآخرين، وعلى راسهم المرجعية الدينية ومنظمات المجتمع المدني والكتاب والمثقفين والباحثين وغيرهم، ان يساهموا معي في تحديد المعايير الاخرى التي تساعد في تحسين اداء الناخب وتعينه في حسن الاختيار.
٢ آذار ٢٠١٤
 للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
 Face Book: Nazar Haidar
 WhatsApp & Viber: + 1 (804) 837-3920

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك