المقالات

قراءة في كتاب (الامام الحسين وحركة الانبياء الاصلاحية)

2169 19:47:00 2007-07-04

بقلم: عبد اللطيف العميدي

كثيرون هم من كتب في قضية الامام الحسين بن علي سيد الشهداء (ع) متناولين في كتاباتهم جوانب عديدة من تلك الشخصية العظيمة وتحليل ما احدثته من ملاحم خلدها تأريخ البشرية، الا ان القليل منهم استطاع الكشف عن اسرار تلك العلاقة الصميمية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بحركة الانبياء وكيف ان حركة الحسين(ع)جسدت واختزلت حركات الانبياء ورسالاتهم خصوصا اولي العزم منهم فالحسين وحركة ثورته لا تمثل واقعة تأريخية حدثت ثم تخلدت فحسب، بل هي قضية الانبياء بتكاملها ورشدها الحقيقي، وهي كذلك بمثابة خلاصة وعصارة الجهد النبوي لنوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليه وعلى اله وعلى الانبياء اجمعين.وهذه المعادلات النبوية يوضحها سماحة المفكر الاسلامي السيد صدر الدين القبانجي في كتابه (الامام الحسين وحركة الانبياء الاصلاحية) وهو دراسة مقارنة بين الحركة الاصلاحية لدى الامام الحسين(ع) وبين الانبياء من اولي العزم، والتي اقتبست وجمعت من خلال محاضراته التي سبق وان القاها في محرم الحرام من عام (1427-1428) في النجف الاشرف، حيث يتطرق المؤاف الى جوهر العلاقة بين حركة الامام الحسين وبين حركة الانبياء والمرسلين باعتبارها ليست علاقة تشابه عابرة تجمعها المواقف المتشابهة فحسب، بل هي حلقات يرتبط بعضها بالبعض الاخر لتشكل سلسلة التكامل الصاعدة في حياة البشرية.فالكتاب الذي يتألف من (190) صفحة يحتوي على تسعة ابواب ومواضيع ركزت على ربط رسالة الحسين(ع) برسالة الانبياء من خلال تحليل المواقف التاريخية والسيرة الذاتية لكل نبي من الانبياء الخمسة من اولي العزم وكيف ان سيد الشهداء الحسين حمل في حركته وثورته وحتى شمائله كل تاريخ وفكر الانبياء، كيف لا وهو وريث النبوة وسبط الرسالة الخاتمة وسليل الدوحة ا لمحمدية والعلوية في ذات الوقت، وكما نقرأ هذا الربط حينما يستشهد المؤلف بنص زيارة الامام الحسين(ع) (السلام عليك يا رواث ادم صفوة الله.. السلام عليك يا وارث نوح نبي الله .. السلام عليك ياوراث موسى كليم الله.. السلام عليك يا وراث عيسى روح الله.. السلام عليك يا وراث محمد حبيب الله..).فالحركة الاصلاحية وكما يذكر المؤلف هي ضرورة ملحة في المجتمع البشري ولا يمكن لاي مجتمع كان ان يتكامل بدون وجود حركات اصلاحية فكما ان للكون حركة تكاملية فان للانسان ايضا حركة تكاملية خضع لارادته الاختيارية (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالانسان هذا الكائن الحي العاقل والذي جعله الله تعالى خليفة في الارض يجب عليه ان يشهد حياة تكاملية (يا ايها لانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) وهذه الحركة الارادية التكاملية التي تتجه بفطرتها نحو السعادة والعافية تحتاج في الجانب المعنوي الى اسناد ودعم روحي ووحي سماوي وتسديد الهي ومن هنا جائت الحاجة الى بعثة الانبياء بحركتهم وسيرتهم الاصلاحية وهي بالنسبة للانسان ضرورة لا يمكن للبشر ان يصلوا الى التكامل بدونها كما في قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).ثم يبدأ العلامة المؤلف بحركة نبي الله نوح الاصلاحية في الباب الثاني من الكتاب باعتباره اول اولئك المصلحين واول الرسل من اولي العزم، وبعد ان يستعرض الظواهر التي تميزت بها نبوة نوح وهي (الوثينة الاستعباد الطبقي) وكيف انه عالج تلك الظاهرتين من خلال منهج الحوار، ينتقل الى حركة الحسين ويقارنها بمنهج النبي نوح وكيف ان سيد الشهداء واجه ايضا ظواهر مشابهة لدى الامة منها ظاهرة فقدانها القدرة على التمييز وفقدانها ارادة التغيير ايضا فاتبع الامام الحسين (ع) سياسة الحوار بادئ الامر وكانت له مراسلات مع م عاوية ثم اعتمد عليه السلام في حركته التصحيحية على محورين هما: محور الامة، ومحور الامامة. فالامة تحتاج الى تصحيح كما ان الحكومة تحتاج هي ايضا الى تصحيح، ثم يشرح المؤلف معالم الخطاب السياسي للامام الحسين في تلك الحركة.ويمضي مؤلف الكتاب سماحة العلامة القبانجي في استعراض حركة الانبياء (ابراهيم وموسى وعيسى) على نبينا وعليهم افضل الصلاة والسلام، وربط حركة كل واحد منهم بمعالم حركة الامام الحسين(ع) ثم يختم كتابه بدراسة مقارنة بين حركة خاتم الانبياء وحركة سبطه حيث يستعرض المؤلف اهداف النبوة الخاتمة ومنها الدعوة الى دين الله وترسيخ حركة الاديان الالهية والمتمثلة بالتوحيد ومجابهة الوثنية، ثم يتناول ما حققه النبي الخاتم من منجزات وكيف انه استطاع بناء منظومة فكرية صحيحة وشاملة وامة قادرة على وراثة الارض وقارن كل ذلك بحركة الحسين(ع) خصوصا في قضية الهجرة بينهما وانهما كانتا بتخطيط الهي مصحوبين بعزم واصرار راسخين.ثم يربط المؤلف بكثير من الروعة المعززة بالادلة التاريخية بين اخلاق وسيرة النبي الخاتم وبين سبطه الامام الحسين (ع) ويتطرق الى المبادئ المشتركة بينهما في هذا الشأن ومنها مبدأ الولاية والبراءة. الولاية لاولياء الله ودينه والبراءة من اعداءه والتي يجب على كل مسلم ان يتدين بهما.ان من يطالع هذاالجهد الفكري الخلاق والتحليل الموضوعي وعوامل الالتقاء بين النبوات وبين حركة الحسين(ع) والذي انبثق من فكر العلامة المؤلف ليجد الطرح وسلاسة الفهم ودقة الاستدلال بالنصوص التاريخية ما يجعل من الكتاب مصدرا من المصادر التي يحتاجها من يريد الدخول الى حركة الامام الحسين(ع) وما خفي منها من ميزات.وختاما فان الكتاب من منشورات دار بقية العترة، اما تحقيقه وتقديمه فقد تكلفت به مؤسسة احياء التراث الشيعي فبارك الله بمؤلفه وادامه الله تعالى ووفقه لمزيد من البحوث والدراسات التي من شأنها تسليط الضوءعلى معالم نهضة ال البيت(ع).
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك