بقلم : محمد ابو رغيف الموسوي
منذ إنبلاج القرن الواحد والعشرين وما حمله من ثورة معلوماتية متجددة , و"شبكات التواصل الإجتماعي" وبمختلف مجالاتها وأسمائها باتت تَحتل مساحة متنامية من حياة عشرات بل مئات الملايين من البشر الذين يرون فيها ضرورة حياتية وإلزاماً إجتماعياً يُمكنهـُم من الإطلاع والتواصل . إلا إن هذه الوسائل وأخذاً بما تشهده الساحة العالمية والعربية من تقلبات سياسية عاتية وتصارعات ميدانية دامية , ولما فيها ( الوسائل ) من سهولة في تحرير النص ونشر الصور بل وحتى البث الحي والمباشر للحدث الجاري على يد الهواة فضلاً عن أهل الإختصاص . باتت تشكل مصدراً لا يُستغنى عنه في نقل وتعميم الخبر الصحفي . لما وجـّد عند عموم المتابعين وبلا إستثناء . من إنحياز واضح بل وتحريف فاضح للوقائع على يَدْ كـُبريات وسائل الإعلام العربية وخصوصاً المرئية مِنها (الفضائيات الإخبارية) والمقروءة (الصحف السياسية) تبعاً لتوجهات الدول الممولة والراعية لنشاط تلك الوسائل , فمن هنا حلت "شبكات التواصل الإجتماعي" وكما يراها المتابعين , كبديل مـُحايد ومستقل عن الإرادة السياسية المُسيرة للوسائل الإعلامية المعروفة , ولتشكل بحد ذاتها مصدراً خبرياً يُعتمد عليه بل ويؤخذ به في بناء المواقف والأراء الشخصية والمؤسساتية .
إن الإنقياد الأعمى خلف ما يُنشر على صفحات "شبكات التواصل الإجتماعي" المُختلفة , له وبل تأكيد تأثير سلبي على حركة الشارع وعاطفة من فيه . ولعل هذا التأثير لهذه " الشبكات" يتطور وتبعاً لوعي الجمهور ومستواه الفكري والتعاملي إلى ما لا يُحمد حصوله من مظاهر التباغض والتقاطع بل وحتى التحارب بين جبهتين لم يستندا في كثير من مواقفهما وآرائهما إلا على مشاركة بثت بقصد أو بغير قصد من على صفحات " شبكات التواصل الإجتماعي" على يدْ (مجهول) لا يُعرف عنه إلا إسماً حركياً إتخذه لتغطية شخصيةٍ واقعية لا تحب أن تظهر بصفتها الصريحة عند نشر مثل تلك الأخبار من على تلك "الشبكات" .
إن المسؤولية التي تقع على عاتق كل متابع للأخبار السياسية ومساير للأحداث الميدانية , هي التأكد مما يقرأهُ ويسمعهُ بل وَحتى ما يراه من قبل من أسميـّهم بـ (وسطاء الفتنة) الذين باتوا يتفننون في نشر سموم الإشاعات والأخبار المُحرفة والمزوقة مستغلين في هذا الأمر جوانب ثلاثْ. الأول هو سهولة إستحصال المنبر الإجتماعي المفتوح والمَجاني والمتمثل في "شبكات التواصل الإجتماعي" والتي لا يتطلب التسجيل والنشر فيها أي وثيقة رسمية يمكن الإستدلال بها على الشخصية الحقيقية للمسجل أو الناشر . والجانب الثاني فهو نتاجات الجهل المُركب المتولدة عند طائفة كبيرة مِن المتابعين لهذه المنابر المفتوحة , وأما الجانب الثالث هو إنجرار "شبكات التواصل الإجتماعي" وفي كثير من أسمائها وعناوينها البراقة إلى مستنقع التبعية السياسية والميولات الشخصية , لتلتحق بـِركبْ وسائل الإعلام العربية الكُبرى (العميلة !!!) . ولتساهم هي الأخرى في ترسيخ مفهوم الجَهل المُركب عند المُتابعين بعدما جعلتهم يفقدون الأمل والثقة في وسيلة كانوا بالأمس القريب يعتبرونها المصداق الأعلى والتجلي الأكمل لمعاني الإستقلالية والا تبعية . ولتصنع مِنهم أدواتً يُرجع لها عند تنفيذ أي مخطط أو غرض هدفه تحقيق ما لا يمكن للحروب المادية الصريحة أن تحققه .
https://telegram.me/buratha