محمد حسن الساعدي
منذ أن انطلقت التظاهرات في ساحات التحرير في الانبار ، وهي تحمل الخطاب الطائفي ، والغريب أن اغلب خطباء هذه الساحات يضربون على وتر الطائفية ، واتهام المكون الشيعي بالانتماء والولاء لإيران تارة ، والصفوية تارة أخرى !!
وكانت تثير الشحن الطائفي بقوة ، وهذا ما شهدناه من ازدياد عدد التفجيرات بعد أحداث الانبار ، وما سبقها من تظاهرات كانت مطالبة بالحقوق ، وتحولت إلى دفع باتجاه الحرب على بغداد ، وتحريرها من الغزو الصفوي لها ؟!
وهنا نتساءل هل فعلاً ولاء الشيعة لإيران ؟ وهل كل من يحب ويوالي أهل البيت ( عليهم السلام ) يتهم بأنه لإيران ؟ ، وهل إيران هي من تمثل التشيع اليوم ؟!
عاشت مكونات الشعب العراقي منذ قرون مضت في ارض السواد ، وتعايشت رغم وجود الفروقات والطبقية ، فهذا ابن الغربية ، وهذا الشروكي ابن الجنوب ، وهذا السيد وهذا العبد ، وتكرست تلك المفاهيم بعد مجيء أقزام البعث ليزرعوا الطائفية الميتة بشكل واضح ، فأصبحت "سُبة" كلمة الشروكي ، وعندما نسأل في سيطرات البعث المجرم ، فأول سؤال يبدأ به رجال الأمن والمخابرات في السيطرة ، من أين أنت ، وما هي عشيرتك ؟! فتبدأ الأسئلة المهينة ، والانتقاص ، والإذلال ، وهذا الشي ليس غريب في حكم جائر أحرق الأخضر واليابس ، ولا أريد الدخول كثيراً ، ولكن التهمة أجبرتني على الدخول في هذه الحلقة الفارغة والمعقدة من تاريخ بلد احترق أهله بنيران الطائفية ، والتي أجبرت الكثيرين من ترك انتمائهم العشائري والمناطقي ليكونوا مجهولين في بلد الانتماء .
ولا نعرف أن هناك ضير أو مشكلة ما أن يكون الإنسان شيعي أو سني ، وما علاقة أن يكون المواطن العراقي شيعي أو سني أو مدى انتمائه إلى وطنه او عشيرته ، فهولاء علماء السنة ، هم من أصول فارسية ، وهل يمكن أن نعد كل سني هو فارسي ؟!
المواطنة تسمو فوق أي انتماء ، مع الاعتزاز بالانتماءات المذهبية ، ما دام الجميع يذوب في شيء اسمه الوطن ، فهذه الهند ، والتي يسكنها الآلاف من العقائد والفرق والمذاهب ، وهاهي تعيش ويذوب الشعب الهندي في وطن اسمه الهند .
أزمة الانبار الأخيرة ، عكست العلاقة الغير منسجمة بين المكونات العراقية ( الشيعة والسنة ) ، وعبرت عن الحقد الطائفي الخطير للمكون الشيعي ، فوقف الجميع أمام الجيش العراقي ، والذي بالتالي اغلب ضباطه وبعض مراتبه هم من المكون السني ، وأول ضحايا الإرهاب في الانبار " الكروي " وهو من المكون السني ، ولكن ارتفاع الخطاب الطائفي جعل الوضع يزداد خطورة واستهدافاً للجيش العراقي ، فبدأت الحملة التسقيطية لجيشنا الباسل ، والذي يحاول تطهير مدينة السنة ، وإرجاعها لهم من الأيادي الإرهابية الخبيثة ، والتي عاثت فساداً ، وسقوطاً وانحلالاً ، وهم يستهدفون العوائل والعشائر في الانبار ، كما ان تعشق الخلايا الإرهابية بين بعض الشخصيات الموالية للبعث ، كانت هي المساندة والمقوية لهذا الإرهاب ، وما خيانة رئيس عشيرة البوفراج وقتلة للجنود من الفرقة الذهبية ، والذين يساهمون في بسط الأمن في مدينة الرمادي .
كل هذه الأحداث وما تلاها عكست وضعاً متازماً للمكونات في العراق ، وعكست مدى عمق الهوى بين هذه المكونات ، والتي استفاد منها الإرهاب كثيراً في تعميقها ، وأصبحت الانبار الحاضنة الرئيسية للإرهاب ، ومنها يصدر إلى باقي مدن العراق الأخرى .
ربما هو ضغط من قبل القوى الإرهابية ، والقوى السياسية ، وبالتعاون مع حكومة السيد المالكي ، والتي أعطت الذريعة لإنشاء الإقليم السني ، والذي كان يسعى إليه الكثير من رجالات السنة وسياسيهم ، ليكون حاضنة جيدة ، لمن خرج عن سلطة القانون ، واختلف مع الحكومة المركزية كالهاشمي والضاري وغيرهم من أقطاب المقاومة ، والتي لا اعرف المقاومة ضد من ، هل ضد إيران ، والتي تزار من قبل رجالات السنة ، وآخرها الزيارة التي قام بها النجيفي إلى إيران واللقاء بقادتها ورموزها .
يبقى على الأخوة السنة أن يعوا أن العراق لايمكن أن يحكم من جهة واحدة مهما كانت الأسباب ، ولايمكن أن يقوده السنة لوحدهم ، ولايمكن للشيعة أن يكونوا حكاماً دون المكونات الأخرى ، لهذا يجب أن يكون هناك جسوراً للثقة ، وطرد الغرباء ، والمندسين والذين يريدون الخراب والدمار لعراقكم جميعاً ، كما يجب كشف كل الأجندات التي تحاول تمزيق لحمة الوطن والشعب الواحد ، والذين حاولوا مرارا وتكراً تمزيقه ، ولكن المرجعية الدينية كانت الواعية والحريصة على وحدة العراق ارضاً وشعباً .
كما يجب على قادرة العراق من الفريقين " الشيعة والسنة " النظر إلى الخطر الذي يتهددهم من الخارج ، ويهدد مشروعهم الوطني ، وان يكونوا أكثر حرصا وأنسجاماً فيما بينهم ، وان يفوتوا الفرصة على الغرباء في تمزيق العراق ، وجعله ساحة صراع المكونات .
https://telegram.me/buratha