الحاضر غرس الماضي، والمستقبل جني الحاضر، والتاريخ سجل الزمن لحياة الشعوب الأشخاص والأمم، ويا لها من مقدمة جميلة لمن يذكرها، أنها مقدمة البرنامج الإذاعي الأشهر، (نافذة على التاريخ)، كان يقدم من إذاعة دولة الكويت، أيام الزمن الجميل كما أذكره، ويذكره من عاصر تلك الفترة، حيث لا وجود للأنترنت أو الفضائيات أو فترات البث ألتلفازي الطويلة، محطتي تلفاز فقيرتين، والمذياع هو رفيقنا الدائم حتى ينتهي اليوم ببساطة.
سافر بنا هذا البرنامج عبر الزمن وأحداثه الشيقة، بلا جواز سفر حول الكرة الأرضية، وحط بنا عند أحداثها المهمة، تعرفنا من خلاله على شخصيات وأحداث هزت العالم.
ما زلت أذكر الكثير من حلقاته التي علقت في ذهني، سأعرج من خلال هذا البرنامج إلى الماضي القريب وأحل ضيفا على التاريخ البريطاني.
فنان ومؤرخ وكاتب، أحد أبرز القادة على الساحة السياسية خلال الحروب التي اندلعت في القرن العشرين ورئيس وزراء المملكة المتحدة لمرتين مختلفتين. الأولى من العام (1940 وحتى العام أبان الحرب العالمية الثانية) , والثانية من العام (1951 وحتى العام 1955), بدأ حياته كضابط في الجيش البريطاني, ينتمي إلى الطبقة الارستقراطية ضمن حزب المحافظين, أنه السير( ونستون تشرشل), (30 نوفمبر 1874 - 24 يناير 1965 لندن).
شخصيته مثيرة للجدل، فشل في الوصول إلى منصب رئيس الوزراء في الانتخابات البريطانية عدة مرات، على الرغم من شغله لوزارات مهمة، ك وزيرا للذخائر، ووزير الدولة لشئون الحرب، ووزيرا للطيران.
بعد الحرب العالمية الأولى عمل تشرشل ك وزيرا للخزانة البريطانية، حيث ربط العملة البريطانية بالذهب مما أثار سخط الشارع عليه بسب زيادة الضغوط على الاقتصاد البريطاني المتداعي آنذاك.
مع هذا كله، كان يحظى بنصيب الأسد دائمًا، في استطلاعات الرأي العام لرؤساء وزراء بريطانيا.
السبب في ذلك، هو الدور الذي لعبه بقيادته لبلده في أحلك الظروف وخطبه النارية، من خلال الراديو والبرامج الإذاعية، عندما وجدت بريطانيا نفسها وحيدة، في مواجهتها لهتلر، أثارت تلك الخطب حماس الشعب البريطاني، فأصبح انتصار بلاده على ألمانيا النازية أمرًا مُسلم به.
انتصرت بريطانيا واندحرت ألمانيا ووضعت الحرب أوزارها، حفظ الشعب البريطاني جميل تشرشل في تلك الفترة العصيبة، لكنهم طالبوه بترك منصبه بعد تلك الحرب، هذا ما جاء في نتيجة الانتخابات البرلمانية التي تمت عام 1945، وكانت العناوين الرئيسة للصحف في تلك الفترة تعج بعناوين مختلفة تصب في نفس الفكرة، (كنت قائدا للحرب ونحن ألان في حاجة لقائد للسلم والنهوض).
ترك (تشرشل) منصبه بهدوء، ولم يكن ساخطا، أخذت له تلك الصورة الشهيرة بمنظره الإنكليزي الجاد يكلل رأسه تلك القبعة الصغيرة السوداء وهو يحيي الشعب البريطاني وسيجاره يتدلى من جانب فمه، وهو يترك موقع عمله كرئيس للوزراء البريطاني، لغريمه السياسي المنتخب، لم يصرح بأي شيء (سوى ستجدونني عند الأزمات).
تم انتخابه للمرة الثانية عام (1955) لينقذ بريطانيا مرة أخرى عند الأزمة الاقتصادية بعدها تنحى عن الحكم والسياسة نهائيا.
سجل هذا الرجل، سيرته بكل جدارة على حائط التأريخ، ما كانت خطبه وقراراته بذات قيمة لولا أيمانه بالشعب البريطاني واحترامه لرأيه.
أما يجدر بقادتنا أن يضعوا كل ذلك نصب أعينهم، فيكون تداول السلطة والحكم في العراق على أساس ديمقراطي كما يدعوا، بلا تسقيط سياسي، وحفر وأحابيل وضيعة؟ أما يجدر بهم أن يستلهموا من سجل التاريخ، سادتي أنه سجل لكم، إمام القدير بأيدي شعوبكم المغلوبة على أمرها لحين، احذروا التاريخ أنه حازم مع الجميع.
https://telegram.me/buratha