تبنى التحالفات السياسية على أساس وجود حد من الإتفاق بين الساعين لإنشائها، وعلى قاعدة أن ثمة قدر متوازن من نقاط الإختلاف والإتفاق بين الأطراف المتحالفة..
التوازن الذي نعنيه، لا تسمح فيه نقاط الإختلاف، من ذوبان أطراف التحالف بعضها ببعض، وتمنع نقاط الإتفاق تدمير التحالف بواسطة تحرك نقاط الإختلاف!
كي تفهم قضية قيام التحالف، لا بد من فهم أن التحالف أطراف وليس مكونات، فالأطراف تبقى محتفظة بكثير من خصوصياتها، فيما المكونات قابلة للذوبان بعضها في بعض! والعقل يذهب الى تصور أن قبل ولادة أي تحالف، لابد من وجود حد من التخالف وليس الإختلاف بين أطرافه، وليس من المعقول تصور تحالف تتفق أطرافه تماما، وعند ذاك تنتفي الحاجة لقيام التحالف، لأنه لا ضرورة لتشكيل تحالف بين متفقين تماما!
إذن ثمة ثمة نقطة حرجة في عملية التوازن، هي التي تبقي التحالف قائما حيا فاعلا..في هذه النقطة لا يستطيع أي طرف من الأطراف المغامرة والخروج من التحالف، لأنه سيجد نفسه بلا غطاء ثقيل يمنع عنه غائلات الإنفراد!
عند هذه النقطة الحرجة أيضا، لا يسمح بنمو أدوات التهميش والتفرد بالقرار داخل التحالف..وبمجرد شعور طرف، بأن هناك تهميشا يمارس بحقه من قبل أطراف أخرى، تبدأ سوسة الهدم بالسريان المتسارع في أوصاله، وسرعان ما يسري مثل هذا الشعور في بقية الأطراف!
في التحالف لا يوجد كبار أو صغار، فالصغار يكبرون بمجرد دخولهم في التحالف، والكبار لا يتقزمون إن شاركوا صغارا وتحالفوا معهم!
التحالف يحيا أيضا بنمو أهدافه، لا على بقائها عند حدود أسباب إنشاءه، وإلا فإنه تحالف مرحلي ينتهي وجوده بتحقيق تلك أهداف نشأته الأولى..وتنمو الأهداف بنمو متوازن أيضا لتطلعات أطرافه، رغم اختلاف وجهات النظر..لأن ثمة ضابطة قوية تربط الأطراف وتضبط تطلعاتها أيضا!
في قضية التحالف الوطني العراقي، فإن التوازن المفترض مفقود منذ بداية تشكله، والنقطة الحرجة في هذا التوازن، تتحرك دوما على محوري السينات والصادات، بإتجاه المربعات السلبية نحو الأسفل واليسار، حيث تكون قيمة الوحدات سالبة، و لهذا كان التحالف الوطني طيلة السنوات ألأربع المنصرمة على الأقل، أسما على غير مسمى، ولا وجود له على أرض الواقع، إلا في نوايا الطيبين من أعضاءه، وهم قلة مع الأسف!
كلام قبل السلام: مكة المكرمة بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ..لكن الشوق يقتلنا كلما ذكرناها!
سلام...
https://telegram.me/buratha