محمد العمشاني
انعطفت حكومة نوري المالكي، بسياستها، نحو التسلط، بعيدا عن الخيار الديمقراطي، كما لو انه استولى عليها بواحدة من ثورات العسكر الهوجاء، وليس بانتخابات تأملية.
ما يفعله المالكي.. الان، من تهافت على الكرسي، بإنتصابته المتعسفة، على رقاب الناس وقدر الشعب، سلوك عسكري يشكل إمتدادا لكولونيالية الثورات، التي تهين وعي الجماهير، ناقلة الحكم من الشرعية الدستورية الى الشرعية الثورية.. أي كل بضعة ضباط، يتفقون على انقلاب، يسميه بيانهم الاول "ثورة" يدعون فيه "الاستجابة لإرادة الشعب بغية انتشاله من اغلال السلطة" و"كلما دخلت أمة لعنت أختها" محولين العراق الى "سقر"!
فبيانهم الاحمق، يبرر رغبتهم بتبوئ رفاه السلطة، أمراء يتمتعون بخيرات البلد.. وفيرة، حارمين الشعب منها، يستلبون إرادته، يلغونه.. يجعلونه جزءا من رصيد الرفاه الشخصي لهم، عبيدا.. عبيدا خالصين.
قائمة سوء الحكم في تاريخ العراق تتألف من مصطلحات: "سلطة غاشمة" و"فساد مالي" و"فساد اداري" و"محسوبية" و"رشوى" و"بطالة" و"وفقر" و"وانهيار أمني" و"توقف المعامل" و"شحة الزراعة" و"غياب الخدمات" و"سوء الصحة" و"تردي التربية" تلك القائمة الجزئية، تطول الى ما لانهاية، بإمتداد وجود الانسان على خريطة الرافدين.
كلها وسواها كثير، تجلى من خلال الحكم الذي انحرف به المالكي، عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، منعطفا بمنظومة الحكم، من الديمقراطية الى الديكتاتورية، متعاليا على شعب زور صوته والتف على ارادته؛ ليتربع على عرش الحكم، بالتزوير اولا، وحين لم يكتمل النصاب المطلوب لرئاسة الوزراء، التوى بالامر كما انقلابات العسكر، تاركا الشعب يتلوى، حتى تنازل له من استحق رئاسة الوزراء، بحكم تفوق الاصوات.
تفوقت اصوات علاوي 91 مقعدا، وتفوقت وطنيته، بالتخلي عن الاستحقاق الانتخابي، للمالكي ذي الـ 89 مقعدا؛ لأن الاول اراد المنصب لخدمة الناس، وحين وجدهم يتضررون من تأخر تشكيل الحكومة، تركها له؛ على أمل انتهاء معاناة الناس.
لكنه لم ينهها انما اطلق رغبات جماعته تنهش الاقتصاد.. تلتهمه ولا تشبع، ورئيس الوزراء "مغلس" يحصر السلطات بيده، من دون ان يوفي اشتراطات أدائها؛ مشغولا عنها بنفسه وتجارة ولده أحمد، وفساد حاشيته والجهد الخرافي المحموم، للاستحواذ على ولاية ثالثة، تحتكر الحكم له، وتفصل الديمقراطية على قياس طغيانه.. حتى بات العراق على هامش الكرسي.. بلا كهرباء ولا خدمات.. جوعا وبطالة وفسادا... الى آخر القائمة أعلاه، من تراكم السوء في منظومة الحكم، على رأس العراق العسكري، المحصور بين "بيريه" و"بسطال".. "بيريه" بلهاء.. تتوج رأسا لاعقل في تجويفه، و"بسطال" ساحق للحق قاصرا عن مواجهة الباطل.
هذا هو المالكي، وريث تخبطات السلطة في العراق، منذ شرارة ليلة 14 تموز 1958 التي حولت العراق من العمل الستراتيجي وفق خطط مجلس الاعمار واقعية الرؤى، الى مزاج عسكري يعمل بموجب شطحات غرائزه الموتورة.
الامر الذي لمسناه من دورتين لم يحصد منها العراقيون سوى الاتقاد على حافة الحريق، و... الكحي كثير، لكن يجب على العراقيين قطع الثرثرة المهذارة بحسن الاختيار، من دون عواطف ولا انحيازات فئوية.. "أن اكرمكم عند الله اتقاكم".
دورتان ترفع خلالهما عن النزول الى هموم الناس، فهل يعثر العراقيون بالحجر مرة ثالثة!؟
https://telegram.me/buratha