باقر جبر الزبيدي
بعد الإطلاع على مسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2014 والجداول المرفقة معه وإجراء التحليلات تولدت لدينا الملاحظات الآتية:
أولاً ـ الإيرادات النفطية
لقد تم اعتماد الآتي في احتساب الإيرادات النفطية
1) معدل سعر تصدير النفط الخام للبرميل الواحد 90 دولار وفي ضوء تذبذب السعر في الأسواق العالمية تعتمد الدول النفطية أسعار تصدير متحفظة ويفضل اعتماد سعر بين 85 دولار على أبعد حد لتجنب أي انخفاض محتمل قد يعرض البلاد لأزمة اقتصادية.
2) اعتمد معدل كميات تصدير 3,4 مليون برميل من النفط الخام يومياً وهو رقم مبالغ به جداً في ضوء ما تحقق خلال السنوات السابقة وبالأخص عام 2013 حيث لم يتجاوز معدل التصدير كمية 2,6 مليون برميل يومياً ولو اعتمدنا التفائل الذي تبديه وزارة النفط في تحسن وسائل تصديرها فإنه بأحسن الأحوال لا يمكن أن تصل كمية التصدير إلى أكثر من ثلاث ملايين برميل من النفط الخام يومياً وبذلك فإن حوالي 400 ألف برميل هو رقم وهمي ولو ضرب 400 ألف في 90 دولار في 360 يوم فإن حوالي 15 تريليون دينار إيرادات نفطية وهمية عدم تحققها مع بقاء مبلغ الإنفاق المقدر لعام 2014 سيزيد مبلغ العجز الظاهر (في جداول الموازنة إلى حوالي 46 تريليون دينار) ، 30.770 + 15 = حوالي 46 تريليون.
ثانياً ـ العجز
إن العجز الظاهر في مسودة قانون الموازنة بلغ 30,770 تريليون دينار أي ما يقارب 18% من إجمالي الموازنة وهو بحد ذاته مرتفع جداً وإذا أضيف إليه كما بينا في أولا أعلاه الإيرادات النفطية الوهمية من جراء المبالغة في كميات التصدير فإنه سيبلغ كما أسلفنا حوالي 46 تريليون دينار أضف إلى ذلك هناك مواد ضمن مسودة قانون الموازنة جاءت بأحكام قانونية ستضيف أرقام إنفاق لم تدرج ضمن جداول النفقات التي وردت في مسودة القانون مما تحتاج إلى تمويل الأمر الذي سيزيد من حجم العجز وهي:
1) الفقرة خامساً من المادة 11 من مسودة القانون.
2) الفقرة أولاً وثانياً ورابعاً من المادة 12.
3) الفقرات أولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابقا من المادة 14.
4) المادتين 18 و24.
لو أضيفت النفقات التي ترتبها هذه المواد الى العجز المبين أعلاه فإن مبلغ العجز قد يصل إلى أكثر من 60 تريليون وهو رقم لا يمكن لأي اقتصاد أن يتحمله لأنه سيشكل حوالي 35% من إجمالي الموازنة المقترحة.
ثالثاً ـ الموازنة النقدية
لم تقدم وزارة المالية والحكومة موازنة نقدية توضح بموجبها المصادر التي سيعتمد عليها لتمويل وتغطية العجز، وما ورد في الفقرة ثانيا (ب) من المادة 2 التي تقضي بتحويل وزارة المالية الاتحادية صلاحية الاقتراض من صندوق النقد الدولي بما يكمل 4,5 مليار دولار غير ذا أهمية ولا يمكن تحققه لأن الصندوق لا يقرض من دون توقيع اتفاقية مع الدولة المعنية وهذه غير متوقعة بعد أن انتهت نفاذ الاتفاقية الموقعة وهذه فقرة تكرر في الموازنات دون لها وجود ونقترح حذفها.
أما ما ورد بالفقرة (ج) القاضية بتخويل وزارة المالية الاتحادية الاقتراض (500) مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية وهو عرض قديم فإن هذا القرض فيما إذا تم فإنه ليس لدعم الموازنة لتغطية العجز فيها وإنما لتمويل مشاريع استثمارية يتفق عليها لذلك لابد من مطالبة وزارة المالية والحكومة بتقديم موازنة نقدية لتوضيح المصادر التي ستمول العجز.
كما أن ما ورد بأحد فقرات مذكرة اللجنة المالية البرلمانية من أن وزارة المالية تقترح أن يمول الـ (5 دولار) للبترودولار من إذونات خزينة يشتريها البنك المركزي وهو أمر غير وارد لأن قانون المركزي يحرم إقراض الحكومة مباشرة.
رابعاً ـ إطفاء السلف
إن إطفاء السلف الممنوحة بموجب قرارات مجلس الوزراء الواردة بالمادة 15 مخالف للقانون لأن مجلس الوزراء لا يمكن منح سلف ما لم توجد تخصيصات بالموازنة مقرة من البرلمان وهذه سبق وأن رفضت عند مناقشة موازنة العام الماضي 2013، لذلك يجب تحليلها وعرضها على البرلمان لإقرارها قبل إطفائها وفي حالة عدم إقرارها يتحمل مجلس الوزراء المسؤولية.
خامساً ـ إقراض البنوك الحكومية للمؤسسات العامة
إن استمرار المصارف إقراض المؤسسات الممولة ذاتياً لغرض قيام الأخيرة بدفع رواتب منتسبيها الواردة بالمادة 26 سوف يؤدي إلى إفلاس هذه المصارف لأنها تدفع المبالغ التي تقرضها من ودائع المواطنين وهنا تكمن الخطورة لأن إذا شعر المواطنين بذلك سوف يقدمون على سحب ودائعهم وإن المصارف لن تتمكن من الإيفاء خصوصاً وأننا لا نعرف مقدار المبالغ التي تم إقراضها.
https://telegram.me/buratha