حيدر عباس النداوي
يمثل خطاب منبر يوم الجمعة في كربلاء المقدسة انعكاسا مباشرا لموقف المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف اتجاه القضايا السياسية المفصلية التي تشهدها الساحة العراقية وكلما كانت هناك محطات مهمة او مطبات خطيرة ترنوا العيون اكثر من اي وقت مضى لموقف المرجعية الذي يعلن من على منبر العتبة الحسينية وعلى لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي او السيد احمد الصافي.
ومع اقتراب الانتخابات النيابية من وقتها المحدد مثل هذا المحور جانبا مهما من خطب الجمعة وعلى مدار الاشهر الاخيرة وكان هذا المحور هو الغالب من بين المحاور المتعددة التي يتم تناولها في خطب الجمعة وهذا التركيز كان ينصب على اهمية المشاركة في الانتخابات وتصحيح سجل الناخبين واستلام بطاقة الناخب وحرمة بيع هذه البطاقة والتاكيد على التداول السلمي للسلطة واجراء الانتخابات في وقتها المحدد ورفض اي حديث عن التاجيل والوقوف على مسافة واحدة من الجميع الا ان هذا الحديث اخذ نبرة تصاعدية في الاسابيع الاخيرة فكان ان اعلنت المرجعية بضرورة التغيير ووسعت المسافة في قولها انها تقف على مسافة واحدة من الجميع عندما اعلنت ان هذا الوقوف انما يترك للناخب حريته في الاختيار الا انها تفرق بين الصالح والطالح وبينت ان الطالح هو الذي يتمسك بالسلطة وهو الذي وقع على امتيازات النواب ورئاسة الوزراء والوزراء والدرجات الخاصة ومن لم يقدم الخدمة للمواطنين ومن لم يضحي بوقته وماله من اجل خدمة الناس وبينت ان الصالح هو من لم يوقع على امتيازات النواب ومن يبذل وقته وماله لخدمة الناس ومن ليس عليه شائبة او تهمة او فساد مالي واداري.
هذه المثابات التي حددتها المرجعية في تحديد المسافة وبين الصالح والطالح أصابت البعض بالرعب وجعلتهم يعيشون بحالة من الضياع والقلق والخوف وبدوا يفكرون في ايجاد البدائل رغم ان هذا الامر مستحيل لان المرجعية ومركزيتها ليست هيئة مستقلة تقوم السلطة المركزية بالتعامل معها كما تتعامل مع رؤساء الهيئات المستقلة اما بالاقالة او سحب اليد فاسقط ما في ايديهم وعلموا ان ايامهم قليلة ومعدودة.
خطاب المرجعية في الجمعة الاخيرة لم يختلف كثيرا عن خطب الاسابيع الماضية وكان تاكيدا لمبدا ان المرجعية تقف على مسافة واحدة وانها لن تدعم اي كتلة وهذا الموقف ليس جديدا الا ان طرفا سياسيا اعتبره انتصار له وخروج من حالة الخناق والضياع التي عاشها والحقيقة ان موقف المرجعية كما هو وان حالة الفرح والشعور بالانتصار انما يعود الى شعور هذا الطرف بانه المعني بالطالح وانه المعني بالتغيير والا لماذا انكسر في الاسابيع الماضية وانتشى في الاسبوع الاخير.
ان موقف المرجعية الدينية العليا واضح ولم يتغير وقد اعطت العذر من نفسها وقالت ان المواطن حر في اختياره فان احسن احسن لنفسه وان اساء الاختيار فهو من يتحمل عاقبة هذا الاختيار وقالت ان التغيير يجب ان يكون هو المخرج وان طرد الطالحين هو المفتاح وعليه فان كل تفسير اخر ليس له معنى .
https://telegram.me/buratha