حسنين البغدادي
إن غياب النضج السياسي، والوعي الإداري، وعدم القدرة على إستغلال الفرص لكسب ثقة الآخرين، واللجوء إلى أساليب الكذب، والمراوغة، والمخاتلة، كل ذلك، يقود إلى الإفلاس الإجتماعي، والإنحطاط الأخلاقي، وفقدان الناصر والمعين، في المواقف التي تستوجب النصرة والتأييد.
وعندما تصل بعض الأحزاب الى حالة من العزلة، والإفلاس السياسي، والفقر الجماهيري، فإنها تلجأ الى إستجداء الأنصار والأعوان، وفقاً لمبدأ (خلالات العبد) وقد يضطرها ذلك إلى الإستعانة حتى بالعدو، ظناً منها بجدوى التحالف معه، على حساب الأخ والصديق.
عندما تصدر حزب الدعوة الإسلامي أنذاك - الواجهة السياسية، لم يكن ذلك عن إستحقاق إنتخابي، أو دعم جماهيري، ولا عن دراية سياسية كان قد إنفرد بها؛ وإنما عن نهج وطني، وخلق سياسي معتدل، كان ومايزال، يمتاز به تيار شهيد المحراب، الذي عرف بحرصه على تغليب المصلحة الوطنية، والعمل على بناء دولة المؤسسات، وفق أسس ديمقراطية، ومبادىء دستورية، من خلال إصرار قيادات المجلس الأعلى، على أشراك جميع مكونات الشعب العراقي في العملية السياسية، وعدم إستثناء أو تهميش أحد.
عملت رجالات حزب الدعوة منذ الأيام الإولى لتسلمها السلطة في العراق، على خلق الأزمات السياسية، مع الكيانات والأحزاب الأخرى، وتصويرهذه الكيانات والأحزاب للرأي العام، على أنها تعمل على تقويض أركان الدولة، ومحاولة إفشال العملية السياسية في العراق. إمتازت سياسة المالكي بعدم الثباث على موقف معين، إزاء الكثير من المواقف.. بحيث تجده في بعض الأحيان، ينتقل من النقيض إلى النقيض - مباشرة - وبدون مقدمات، مما أفقده المصداقية، وأورثه عدم ثقة الكيانات السياسية، بما يعد أو يلتزم به.
والواقع اليوم، يشير إلى ذلك بوضوح؛ فبعد أن كان المالكي من أشد المطالبين بقانون إجتثاث البعث، وتفعيل قانون المسائلة والعدالة، والعمل على اصدار قانون تجريم حزب البعث، نجده اليوم يعمل جاهداً على إستثناء كبار الضباط والمسؤولين، من البعثيين المشمولين بإجراءات الإجتثاث، وقانون المسائلة والعدالة، وتسليمهم مناصب عسكرية، وإدارية مهمة.
إن إفلاس المالكي السياسي، وفشله في إدارة مرافق الدولة، وإنحسار شعبيته، فضلاَ عن زيادة شعبية الكيانات السياسية المعتدلة وفي مقدمتها تيار شهيد المحراب، أفقده توازنه وجعله يلجأ إلى إسلوب ذلك العبد الذي تبول على الخلال التمر عندما كان في حالة شبع، وعندما أحس بالجوع، عاد إلى تلك الخلالات مردداً (هاي نكسانه،وهاي مو نكسانه) حتى أتى على التمر كله. إن هذا التحالف الغريب، والفريد من نوعه، والذي يدعو إلى الشك والريبة، لا يمكن أن يكتب له النجاح، إلا إذا كانت هناك مصالحاً، وأهدافاً مشتركة، بين الطرفين.
فبعد أن كان حزب الدعوة عميلاً من وجهة نظرالبعث، وبعد أن كان البعث كافراً من وجهة نظر حزب الدعوة، فمن تنازل لمن؟ ياترى.. هل أصبح حزب البعث عميلاً؟ أم إن حزب الدعوة أصبح كافراً؟
https://telegram.me/buratha