محمد حسن الساعدي
في تقرير استخباري غربي مستعجل وصل الى الحكومة العراقية يحذّر من ان تنظيم "داعش" يستعد للانقضاض على نينوى اذ ان مثل هذه التقارير تذهب مباشرة الى رئيس الوزراء ، الذي يختصر الدولة في مكتبه، فهو القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ووزير الدفاع ووزير الدولة لشؤون الأمن القومي، وهو المشرف على المخابرات وعلى جهاز مكافحة الإرهاب وكل الفروع الأمنية الاخرى مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمكتبه .
هذا التقرير كان جرس الإنذار للحكومة العراقية في التحرك للوقوف بوجه التحالف " البعثوهابي" والذي نجح في بسط سيطرته الكلية على الموصل واقضيتها ونواحيها ، في خطوة وصفها اغلب المحللون ، والعسكريين الاستراتيجيين بأنها أسوء حالة حصلت في العراق ، وهي تعكس ليس فقط انهيار محافظة او اثنان ،بل هو انهيار للدولة العراقية بكاملها ، لما تمثله هذه المحافظة من عمق ستراتيجي كونها تربط الشمال بالجنوب ، وهي محطة مهمة للاتصال الاقتصادي مع تركيا، ناهيك عن العلاقة والرابط بين العراق وسوريا .
لايمكن باي حال من الأحوال ان نسمي ما حصل فشلا عسكرياً، لانه لم تحصل اي مواجهة مع الجيش العراقي المرابط هناك ، والذي يملك من العدة والعدد ما يفوق قدرات بعض الدول المجاورة .
في نيسان الماضي اعلنت واشنطن عن تقديم مساعدات عسكرية طارئة ليش العراقي لمعركة الأنبار هي مليون قذيفة وسبعة آلاف نوع من الاسلحة بينها صواريخ "هيل فاير"، وأنها ستسلم العراق طائرة "اباتشي" ومقاتلات "ف "، وانها زوّدته خرائط تفصيلية عن اماكن وجود عناصر "داعش"، وقد تسلّمه طائرات "الدرون" لدعمه في معركة عصابات سيطرت على الانبار دون اي مقاومة عسكرية تذكر كذلك .
الشيء الغريب والحمير انه جرى تسليم نينوى من دون قتال الى"داعش" كما انها استولت على مخازن السلاح والآليات وبينها طائرات هليكوبتر وبدأت بنقل الذخائر لدعم معركتها في سوريا، والذي يمثل امتداد لدولتها المزعومة " دولة العراق والشام " .
الغريب في الامر ان الجيش العراقي الذي يبلغ تعداده مليون وربع المليون إمام "داعش" التي لا تمتلك سوى عشرات الآلاف، ، لهذا لا يمكن العاقل ان يصدق هذه القصة والمؤامرة على الجيش العراقي خصوصاً ، وعلى العراق عموما حين يرى
ان ما يجري هو بداية تنفيذ "دومينو" التقسيم في المنطقة، اذ الناظر بدقة يرى من مصلحة من دخول القوات الكردية الى كركوك ، وتصريحهم بعدم تسليمها المركز.
اعتقد وفق كل القراءات والتحليلات وبما لا يقبل الشك ان المخطط كبير وخطير ، وتم بين قوى كردية وسياسية اخرى من اجل التقسيم الطائفي ، وتسليم كركوك بطبق من ذهب الى الأكراد .
الفتوى الاخيرة لزعيم الطائفة الامام السيد السيستاني كانت غاية في الخطورة ، بل لم نكن نتوقع ان يكون فتواه بهذه القوى ، وهذا يدل على ان الحدث اكبر وأخطر ، لهذا فتوى سماحته أيقظت الجميع من سبات كانوا فيه ، وضمائر مخدرة بالدولارات ، والسهرات ، والأمسيات في عمان او دبي او لندن ، وهذه الفتوى استطيع ان أصفها ، كحلبة المصارعة ، فالعراق ذلك المنافس الذي ضرب حتى سقط على الارض ، وجاءت هذه الفتوى لتعيد الأمل في هذا المنافس ،ليقوم وينهض من جديد ، ويثبت للعالم ويقول اسف ،،،،، انني موجود .
لم تكن فتواه طائفية ،بل هي نادت بالجميع ، ومن اجل الجميع ، بلا اي تمييز بين السني والشيعي ، وهي امتداد لمقولته الكبيرة "لا تقولوا إخواننا،بل قولوا أنفسنا" ، وهذا يؤكد ان فتواه الكبيرة " الجهاد الكفائي " أسقطت الأقنعة ، وكشفت العورات ،، وبان حجم كل سياسي ، وقيمته الحقيقة ، فيا ترى هل مازال السياسيون في منازلهم في المنطقة الخضراء ان انهم خرجوا ليقاتلوا بشرفا مع ابناء بلدهم الذي ملئ كروشهم بخيراته وأمواله ، ام انهم هربوا ، وهربّوا عوائلهم الى اقليم كردستان ، خوفا من دخول داعش الى الخضراء ، وتحويلها الى صحراء .
https://telegram.me/buratha