نزار حيدر
في تعليقي على هذه العبارة التي وردت في خطبة الجمعة اليوم في الصحن الحسيني الشريف في مدينة كربلاء المقدسة، على لسان معتمد المرجعية الدينية العليا في مدينة النجف الأشرف سماحة السيد احمد الصافي، قلت في حديث لمراسل إذاعة طهران باللغة العربية:
ان المرجعية الدينية حريصة كل الحرص على إيجاد حلول سياسية للازمة التي تمر بها البلاد، فالتعبئة العسكرية لا تكفي لتجاوز المرحلة الصعبة، اذ يجب على كل الأطراف السياسية الالتزام بالتوقيتات الدستورية للإسراع في تشكيل مؤسسات الدولة، الرئاسات الثلاث والحكومة.
كما ان المرجعية حريصة كل الحرص على ان يتم صيانة وحماية صوت الناخب الذي أدلى به في الانتخابات النيابية الاخيرة، فهي تعتبر التجاوز على النتائج خط احمر لا يحق لأي كان التلاعب بها مهما كانت الظروف، بل على العكس، فهي ترى ان الالتزام بنتائج الانتخابات في إطار الدستور الذي تحدث عن تفاصيل تسمية الرئاسات الثلاث، امر سيقلّل من الاحتقانات الطائفية والإثنية والسياسية والمناطقية، فلقد أدلى المواطنون في كل محافظات العراق بأصواتهم لمن اعتقدوا انه اقدر من غيره على تمثيل مصالحه تحت قبة البرلمان، ولذلك لا يجوز لاحد الطعن بشرعية اي فائز بمقعد تحت قبة البرلمان، خاصة بعد ان صادقت المحكمة الدستورية العليا على النتائج.
ان دعوة المرجعية لتشكيل حكومة فاعلة لا يعني الدعوة لتغيير الأشخاص فحسب، خاصة الذين اثبتوا فشلهم طوال السنوات الثمان الماضية، لأي سبب كان، وإنما كذلك تغيير العقلية والمنهجية والأدوات والوسائل والأساليب وكل ما يتعلق بمفهوم بناء الدولة على أساس العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
ان العقلية التدميرية التي ظلت تعشعش في عقول بعض القادة والزعماء، هي التي انتهت بالعراق الى ما نراه اليوم من مخاطر جسيمة تهدد كيانه بسبب تمدد الإرهاب وتوسع (الفقاعة) على حد وصف دولة السيد رئيس مجلس الوزراء، لتهدد العاصمة بغداد.
ان التهرب من المسؤولية عند الفشل والإخفاق والبحث عن كبش فداء عند كل أزمة، والتلويح بالملفات (السرية) لتركيع الخصم او ابتزازه، وانتهاج سياسة صناعة الأزمات وسياسات الإقصاء للحلفاء فضلا عن المنافسين السياسيين، وان عقلية التفرد بالسلطة والاستبداد في صناعة القرارات الاستراتيجية، وسياسات تهميش مجلس النواب ومنعه من اداء الدور الرقابي، ان كل ذلك يجب ان يتغيّر عند البحث في تشكيل الحكومة الجديدة التي تريدها المرجعية فاعلة تحظى بقبول وطني واسع تتدارك الأخطاء السابقة وتفتح آفاقاً جديدة لجميع العراقيين لمستقبل أفضل، على حد وصف خطيب الجمعة.
وان مفتاح كل ذلك هو الاستفادة من أخطاء الماضي لتستبدل الفشل بالنجاح والأزمات بالحلول السياسية والعقلية الفردية بالعقلية الجماعية والفساد المالي والمحسوبية والعشائرية وكل انواع الفساد الاداري بالنزاهة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
في الحكومة الفاعلة لا ينتظر البرلمان مدة () سنوات لإقالة رئيس مجلس الوزراء او الوزير الفاشل، فلقد نص الدستور على آليات الإقالة والتغيير متى ما شعر البرلمان بفشل اي واحد منهم، او عدم قدرته على اداء واجباته ازاء الوطن والمواطن.
اعتقد شخصيا ان الحكومة الحالية، وبكل شخوصها، قد استنفدت أغراضها، ولذلك ينبغي اجراء تغيير كلي وحقيقي ان من حيث الاسماء او من حيث الحجم والوزارات، وهذا لا يتعارض ابدا مع الدستور الذي لم يشترط ان يكون رئيس الحكومة او الوزير عضوا في البرلمان، فضلا عن انه نص على ان الكتلة النيابية الاكثر عددا هي التي تتشكل تحت قبة البرلمان عند انعقاد اول جلسة رسمية له، فلا دخل لصندوق الاقتراع ونتائجه اي دخل في ذلك، ولهذا السبب لا يحق لاحد ان يتحجج بصندوق الاقتراع ابدا.
نقطة اخرى مهمة جدا تطرقت اليها المرجعية الدينية، فيما يخص التصدي للإرهاب، فالفتوى اريد لها آلية لتوحيد الشارع العراقي في مواجهته للإرهاب، لانه لا يستهدف فئة دون اخرى او منطقة اخرى، فهو يستهدف العراق، كل العراق، ويستهدف نظامه الديمقراطي، وان من يوظف الإرهاب لتحقيق أجندات سياسية خاصة إنما يرتكب خطا عظيما بل جريمة عظيمة بحق البلاد والعباد، فللديمقراطية أدواتها ليس من بينها القتل والذبح والإرهاب وجهاد النكاح ابدا.
https://telegram.me/buratha