نزار حيدر
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ}.
قد يكون مصداق هذه الاية المباركة اليوم بعض الأنظمة الشمولية التي تصدّر النكِد من الخير للعالم، والكثير جدا من الشر، خاصة للعالمين العربي والإسلامي، الشر المتمثل بإنتاج ورعاية وتصدير جماعات العنف والإرهاب، او رعايتها في مناطقها حتى يقوى عودها فتقف على قدميها لتبدأ بممارسة القتل والتدمير والذبح والتفجير وإرعاب الأبرياء ونشر الفوضى.
ولعل من ابرز مصاديق الآية اليوم هو نظام القبيلة الفاسد الحاكم في دول الخليج، وخاصة في الجزيرة العربية وقطر، وعلى الخصوص الاول الذي ظلّ يفيض منه الشر على مدى ثلاثة قرون تقريبا، وذلك بسبب كونه نظاما خبيثا لا يمكن ان ننتظر منه الا الخبث.
ان كل الدراسات المتخصصة التي كُتبت عن هذا النظام الجاهلي البدوي الفاسد، سواء العربية منها او الاسلامية او العالمية، أكّدت على انّه المنبع الاول لكل فساد شهده العالم العربي والإسلامي، سواء على الصعيد الاقتصادي او السياسي او الدبلوماسي في العلاقات العامة او حتى على الصعيد الأمني والعسكري، ليتوّج كل ذلك بدوره في رعاية الإرهاب، منذ تاسيس أوّل تنظيم إرهابي في أفغانستان بداية العقد الثامن من القرن الماضي ولحد الان.
وليس في ذلك ايّة غرابة، فالسلطة التي تقوم على أساس القتل والتدمير، وعلى أساس الغزو والغارات والذبح واللصوصية، وعلى أساس التكفير فتحكم على كل من لا يدخل في طاعتها بالكفر والشرك والارتداد، وعلى أساس التحالف مع واحدة من أسوأ الاحزاب (الدينية) والمسمى بالحزب الوهابي الذي اعتمد الثنائي (القتل والتدمير) لنشر مبادئه الهدّامة، ان مثل هذه السلطة ومثل هذا النظام لا يمكن ان يُنتج غير الشر ليصدّره للعالم، وقديما قيل (وكلّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ) ولذلك يمكن القول وبكل ثقة، ان مصدر كل المشاكل التي تمر اليوم على بلداننا، هو نظام القبيلة الفاسد الذي يغذّي العنف والإرهاب والكراهية والحقد وثقافة الغاء الاخر والنعرات الطائفية.
انه يرعى اليوم العشرات من الفضائيات الطائفية التي تغطي سماءنا بغيوم الكراهية والتكفير، كما انّه يرعى عدة اخرى من هذه الفضائيات التي تضلّل الرأي العام من خلال الاخبار الكاذبة والصور والأفلام المفبركة وتغيير المفاهيم والمصطلحات والعبارات، من قبيل وصف الارهابيين في العراق وجرائمهم البشعة بثورة السنّة، وكأنّ سنّة العراق لم يجدوا سوى هؤلاء الارهابيين المتخلفين للتعبير عن مصالحهم ومطاليبهم!!!.
ان النّبتة الخبيثة التي انتجت (آل سعود) و (الحزب الوهابي) هي التي تُنتج اليوم كل هذا الشر، وهو امر طبيعي جدا، كما يعبّر عن ذلك القران الكريم في الاية الشريفة اعلاه، عندما حصر انتاج مثل هذه الأنظمة الخبيثة (النكِد) من النبات الطيب في كلمتين هما (لا و إلّا) وصدق الله تعالى عندما حدّثنا عن مثل هذه النبتة والشجرة الخبيثة بقوله {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } وشتّان ما بينها وبين الشجرة الطيبة التي حدثنا عنها القران الكريم بقوله {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. }.
ان الجزيرة العربية بلد طيب اختاره الله تعالى ليكون مهبط الوحي والتنزيل، والنبوّة الخاتِمة، فمنه انطلق نور الرسالة الانسانية الخالدة، ومنه انطلقت مدرسة اهل البيت (ع) ومنها شع نور القران الكريم على الكون، فلماذا يتركها المسلمون اليوم بيد نظام القبيلة الخبيث الذي استبدل نور القران بظلمة الجهل والتخلف؟ والرحمة المهداة بالعنف والإرهاب؟ والحب بالكراهية؟ لماذا لا يتعاونون لإسقاط هذا النظام الخبيث وإعادة الجزيرة العربية الى سابق عهدها كما أرادها الله تعالى، بلد النور والهداية والعلم والحب والتعاون على البر والتقوى؟ ومصدر القيم الانسانية والتعايش؟.
كما ان على المجتمع الدولي ان يرفع يده عن نظام القبيلة الفاسد، ليلقى مصيره على يد شعبه وبدعم وإسناد شعوب العالمين العربي والإسلامي، فلا ينظر الى مصالحه الاستراتيجية بعين ضيّقة وأنانية، فإذا كانت هذه النظرة تحميها لحين، فإنها سوف لن تحميها كل حين، فالارهاب الذي منبعهُ نظام القبيلة والحزب الوهابي سيصل الى المجتمع الدولي إنْ عاجلا ام آجلا، ففي ظل نظام العولمة لا معنى لمفهوم الأمن القومي بالطريقة والأسلوب الكلاسيكي القديم، ابدا، فإما ان يسلم المركب وأهله كُلّهم، او لا يسلم احد.
وكل رمضان وانتم بخير.
https://telegram.me/buratha