سادس عشر: إنّ رضا العامة أصلح وأسلم للحاكم من رضا الخاصة، فالأوّل يشكّل له الحماية، والإعانة على اداء المهام وتحمّل المسؤوليات، اما الثاني فهو مصدر مساومة لا تنتهي وإزعاج وشغب على مدار الساعة، وابتزاز ليس له حد.
ولقد أشار أمير المؤمنين (ع) الى هذا المفهوم الاداري الراقي بقوله في عهده الى مالك الأشتر لمّا ولّاه مصر:
{وَلْيَكُنْ أَحَبَّ الاُْمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ، وَأَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ، وَأَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ، فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّةِ، وَإِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّةِ.
وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ، أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤُونَةً فِي الرَّخَاءِ، وَأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلاَءِ، وَأَكْرَهَ لِلاِْنْصَافِ، وَأَسْأَلَ بِالاِْلْحَافِ، وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الاِْعْطَاءِ، وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ، وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ، وَإِنَّمَا عَمُودُ الدِّينِ، وَجِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْعُدَّةُ لِلاَْعْدَاءِ، الْعَامَّةُ مِنَ الاُْمَّةِ، فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ، وَمَيْلُكَ مَعَهُمْ}.
تأسيسا على ذلك:
الف: إلغي كل مراكز القوى المتعددة في السلطة، خاصة في الامانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب القائد العام، الامر الذي يحتاج منك قراراً فورياً وشجاعاً بعدم استعمال اي من العناصر التي التفّت حول سلفِك والتي ظلّت الى آخر لحظة تُشغِلُهُ بمشاكلها الشخصيّة الخاصّة التي أتت عليه في نهاية المطاف.
أُطرد هذه العناصر كلها ونوظف منها بِطانتك، فلا توظّف منهم احداً ابداً في ملئِك.
باء: ومن اجل اعادة هيبة الدولة داخليا،إلغي كل التشكيلات والمظاهر المسلحة (الميليشيات) وبكل مسمياتها وهويّاتها ولا تفكّر ابدا في توظيفها في سياساتك سواء الخاصة منها او العامة، فهي والجهد الوطني على طرفي نقيض لا يُجمعُ.
إحصر السلاح بيد الدولة فقط، ولا تشجّع مسلحاً ابدا، لتقضي شيئا فشيئا على الجريمة المنظمة وعلى كل من عيّن نفسه وصياً على الشعب يقتل هذا ويعتدي على ذاك ويسرق ثالث ويبتزّ رابع ويقيم الحد على خامس، وهكذا.
جيم: أُضرب بيد من حديد ومنذ اللحظة الاولى، على رؤوس الفاسدين، ادارياً ومالياً، فتعيد الاحترام لأوقات الدوام الرسميّة وتقلّل من العُطل بكل اشكالها، وتحارب الرشوة وتمنع الهدية، وأقترح، بهذا الصدد، ان تفضح كل من يتورط بشيء من هذا القبيل على رؤوس الاشهاد ليكون عبرةً لغيره، فلا تحتفظ بملف عند الحاجة للابتزاز، فاللص والفاسد لا ينفعانك في شيء ابدا.
دال: لا تكتفي بإدارة الوزارة بالاجتماعات الرسمية، فالوضع الان يحتاج الى قيادة ميدانية تباشر الادارة والرقابة والمتابعة والمحاسبة عن قرب، ولذلك اتمنى عليك ان تقضي وقتا في الميدان اكثر بكثير من الوقت الذي تقضيه جالسا خلف الطاولة، فالمدير الناجح هو الذي يباشر الادارة ميدانياً وليس مكتبياً.
ولتسهيل هذه المهمة يمكن الاستعانة باللجان الميدانية النزيهة والصالحة والأمينة والصادقة لتضمن تقارير حقيقية وليست مزيفة، غير كيديّة وليس فيها بخسٌ لجهدٍ ما او تضخيم وتهويل لآخر.
هاء: اما بعد {فَلاَ تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلاَةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ، وَقِلَّةُ عِلْم بِالاُْمُورِ، وَالاِْحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دوُنَهُ فَيَصْغُرُ عِندَهُمْ الْكَبِيرُ، وَيَعْظَمُ الصَّغِيرُ، وَيَقْبُحُ الْحَسَنُ، وَيَحْسُنُ الْقَبِيحُ، وَيُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ} على حد قول أمير المؤمنين (ع) وحاول ان تكون قريبا منهم باي شكل من الأشكال، باللقاء المباشر او من خلال وسائل التواصل الاجتماعي او بفرق المتابعة، فان ذلك يساعد الناس على فهم عملك الوظيفي ومشروعك الحكومي وبالتالي سيتفهمون مشاكلك
https://telegram.me/buratha