المقالات

لماذا ربح المالكي الإنتخابات وخسر ثقة الأحزاب والمرجعية؟

2241 00:30:40 2014-08-23

تصدر إئتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي إجريت في 30 من شهر نيسان الماضي بعد فوز ه ب 92 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 328 مقعدا. أي إن إئتلافه فاز بأكثر من ربع مقاعد مجلس النواب بقليل فيما فازت القوى الأخرى ب 236 مقعدا برلمانيا.

وحظي المالكي بأعلى نسبة من أصوات المقترعين بعد ان فاز بثقة بأكثر من 700 الف عراقي. غير ان هذه الأصوات وكذلك عدد المقاعد لا يعطيه حق تشكيل الحكومة. فالدستور لم ينص على ان من يحصل على أعلى عدد من الأصوات فله الحق في رئاسة الوزراء. كما وان الدستور لم ينص على ان الكتلة الفائزة في الإنتخابات هي التي تشكل الحكومة.

بل نص تفسير المحكمة الإتحادية في العام 2010 على أن الكتلة الفائزة الأكبر او التحالف الأكبر الذي يتشكل تحت قبة البرلمان هو من يقدم مرشحا لرئاسة الوزراء. ومع إعلان المالكي إنضمام إئتلافه للتحالف الوطني وعدم إصداره قرارا بالإنسحاب من التحالف قبل حضوره للجلسة البرلمانية الأولى , فقد سقط حقه الدستوري إذ أصبح التحالف الوطني هو الكتلة الأكبر التي تنهض بأعباء تشكيل الحكومة. ولذا فكل ما يقال عن حق المالكي الدستوري هو هراء وخداع أو غباء أو تدليس.

ومع ترشيح 127 نائبا من نواب التحالف الوطني للدكتور حيدر العبادي لمنصب رئاسة الوزراء فإن المالكي وكتلته لم يعودا الفائز الأكبر وأصبح فوزه بالإنتخابات من الماضي. واما عن أسباب فوزه في الإنتخابات فيمكن تلخيصها فيما يلي:

أولا:تسخيره لموارد الدولة العراقية لصالح إئتلافه سواء عبر مقايضته للأراضي بأصوات الناخبين كما حصل في ترشيح صهريه والنائب محمود الحسن, او عبر المنح التي اعطاها لفئات من الناخبين قبيل الإنتخابات او عبر إستخدامها للمال العام للترويج لحملته الإنتخابية التي كانت الأكبر.

ثانيا: تسخيره لشبكة الإعلام العراقي للتطبيل له حتى أصبحت أكبر بوق لها وهي التي تأخذ تمويلها من المال العام ويفترض بها ان تكون حيادية.

ثالثا:تسخيره للسلطة القضائية لإقصاء خصومه السياسيين وإقصائهم من الإنتخابات وفي طليعة هؤلاء الشيخ صباح الساعدي فيما عفا عن الإرهابيين ممن ثفقوا له وفي طليعتهم المدعو مشعان ركاض ضامن الجبوري.

رابعا: إستخدامه للترهيب والترغيب لحمل منتسبي القوى الأمنية على التصويت له وهو ما يفسر حصوله على أعلى عدد من أصوات الناخبين في بغداد.

خامسا: إستخدامه للورقة الطائفية لكسب عطف الناخبين الشيعة ويمكن معرفة ذلك من خلال الأصوات التي حصلت عليها عضو كتلته البعثية حنان الفتلاوي التي طالبت بقتل سبعة من السنة مقابل كل سبعة من الشيعة يقتلون.

سادسا: تأجيجه للمشاعر القومية المعادية للكرد عبر اطلاق حملة إعلامية مسعورة ضدهم واتهامهم بالتبعية لإسرائيل وسرقة النفط ومن ثم قطع رواتب موظفي الإقليم في خطوة أثارت إرتياح كل الشوفينيين العنصريين.

سابعا: تصرفاته الدكتاتورية التي اعطته صفة الرجل القوي وهو ما تعشقه الجماهير في زعمائها, علما بان قوته كانت على حساب قوة الآخرين الذين همشهم ومن كافة الطوائف.

ثامنا: نجاحه في خداع شريحة واسعة من الجهلة والمتخلفين الذين كانوا ضحية لنظام صدام الذي عزلهم عن العالم الذي انفتحوا عليه في عهد المالكي , فكانت هذه الشريحة هي الفئة الأكبر التي راهن عليها المالكي والتي كانت تردد وبلا وعي إدعاءاته لتبرير فشله من قبيل ان المالكي ليس بيده شيء والمحاصصة هي السبب والبرلمان هو المعرقل والى غيرها من الأكاذيب.

تاسعا: تسخير العديد من أقلام المنافع الإجتماعية كتاباتهم لتلميع صورته وتسقيط خصومه وتحويله الى بطل بل الى رمز ديني كالمختار ومقايسته حتى بأمير المؤمنين او بالزعيم الخالد عبدالكريم قاسم وتجيير إنجازات الآخرين لصالحه.

عاشرا:لعبت مافيات الفساد الداخلية والخارجية دورا كبيرا في ترجيح كفته في الإنتخابات, فتلك المافيات نسجت شبكة من العلاقات مركزها مكتبه الذي تهيمن عليه عائلته إذ لا يمكن إبرام أي عقد او صفقة بلا موافقة مكتبه , وهذه المافيات المحلية والدولة أرست علاقات وثيقة مع مكتبه ولذا فقد ألقت بكامل ثقلها خلفه في هذه الإنتخابات.

وأما عن سبب خسارته لثقة المرجعية والقوى السياسية الأخرى فيعود الى مايلي:

أولا: نكثه للعهود والمواثيق, فقد وقع المالكي على إتفاقية أربيل التي وضعها تحت قدميه ولم ينفذ أي بند من بنودها وفي طليعتها تقاسم المناصب الأمنية وحل مشكلة المناطق المتنازع عليها وتشريع قانون للنفط والغاز وغير ذلك, وهو الأمر الذي أفقد ثقة القوى السياسية فيه جميعا.

ثانيا:تشبثه بالمنصب واستقتاله من اجل وعدم ايمانه بمبدأ التداول السلمي للسلطة فبعد خسارته لإنتخابات عام 2010 أصر على بقائه في منصبه رافضا فوز كتلة العراقية والذي صادره عبر المحكمة الإتحادية ومن ثم تأخيره لتشكيل الحكومة لمدة عشرة أشهر ولجوئه للدعم الخارجي للبقاء في منصبه.

ثالثا: هيمنته على مفاصل الدولة فإئتلافه يتولى اليوم 3 مناصب سيادية و4 وزارات سيادية وخمس وزارت أخرى فصلا عن الهيئات المستقلة وخاصة البنك المركزي وهيئة الإستثمار والنزاهة وشبكة الإعلام وغيرها برغم خسارته للأنتخابات!

رابعا:تهميشه لدور البرلمان واضعاف دوره الرقابي والتشريعي إذ رفض المالكي الحضور لأستجوابه أو استجواب اي من وزرائه الفاشلين بل وحتى قادته الأمنيين.

خامسا: تفرده بالملف الأمني وعدم اشراكه لأي من القوى السياسية الأخرى في إدارته وحتى من داخل التحالف الوطني.

خامسا: تسخيره للسلطة القضائية لتعزيز حكمه سواء عبر إصدار التفسيرات الدستورية التي التي تتوافق مع أهوائه او عبر تصفية خصومه السياسيين أو عبر إصدارها للقرارات التي تعزز من سلطته كإلحاق الهيئات المستقلة به.

سادسا: فشله الذريع في إدارة أمور البلاد وعلى كافة الصعد الأمنية والخدمية والإعمارية منها.

سابعا:تفشي الفساد طيلة سنوات حكمه حتى تربع العراق على عرش الفساد العالمي بعد أن تم غهدار قرابة 1000 مليار دولار هي مجموع مداخيل العراق النفطية طوال سنوات حكمه.

ثامنا: لعب المالكي دورا كبيرا في تأجيج نار النزاعات القومية والطائفية والحزبية في البلاد خدمة لمصالحه, وذلك عبر ماكينته الإعلامية وعبر سياساته لتمزيق الكتل الأخرى.

تاسعا: إستعانة المالكي بالبعثيين لتقوية حكمه وإقصائه للمناضلين وذلك عبر الإستعانة بالقادة العسكريين والأمنيين البعثيين ككنبر والغراوي وغيدان وقاسم عطا او غيرهم من رجال المخابرات والصحافة كعلي الشلاه ومؤيد اللامي وحنان الفتلاوي ومن لف لفهم.

عاشرا: تفريطه بسيادة العراق وحرمة أراضيه عبر هزيمة جيشه الذي انفق عليه المليارات غير أن هُزم أمام حثالات البشر وترك المدن لقمة سائغة لقوى الإرهاب.

احد عشر: تحديه لأرشادات المرجعية الدينية وهي التي رعت العملية السياسية ومنذ إنطلاقها في العام 2003 وهي التي يعود لها الفضل في بزوغ نجم المالكي إذ لولا المرجعية لم تكن هناك انتخابات ولا دستور ولا تحرر ولا تحالف وطني. غير انه رفض دعواتها في التغيير وبعدم التشبث بالمناصب, بل إنه استخدم القوة مع طلبة الحوزة من اتباع المرجع النجفي.

إثنى عشر: تحويله للدولة العراقية الى ملك له ولعائلته فالدولة يديرها ابنه وصهريه واولاد خاله وعمه واما الحكومة والبرلمان فلم يقم لهما وزنا ولا اعتبار.

ثلاثة عشر: قمعه لكافة الأصوات المعارضة وعدم إستجابته لمطالب المحتجين بل وقتلهم.

لكل تلك الأسباب لفظته القوى الوطنية ولفظه حزبه ووضعت عليه المرجعية فيتو. واما اليوم فان عيون العراقيين ترنو نحو اليوم الذي سيحاكم فيه المالكي على جرائمه التي إرتكبها بحق العراق والعراقيين ليكون عبرة لكل من يخرق قواعد اللعبة الديمقراطية ويستغل السلطة لتحقيق مكاسب فردية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك