تحوم شكوك كثيرة حول التحالف الدولي الذي شكلته مؤخراً الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ خطة الرئيس اوباما في حربه على الارهاب من خلال عزمه تقديم المساعدات اللازمة للحكومة العراقية الجديدة للتصدي للإرهاب الذي سيطر خلال الأشهر الثلاثة الاخيرة على مساحات واسعة من العراق.
وأضفت متحدثاً الان على الهواء مباشرة لقناة (بي بي سي) الفضائية:
اول هذه الشكوك هي ان الخطة لم تتحدث عن الأدوار المناطة بكل دولة من الدول المشاركة في هذا التحالف.
ثانيا؛ عدم وضوح الرؤية لدى قادة الدول المتحالفة من جانب، ولدى القادة الأميركان تحديداً من جانب آخر.
فبينما يفكّر البيت الأبيض في توجيه ضربات جوية للارهابيين في سوريا، طبعا من دون التنسيق او حتى اعلام القيادة السورية ولا حتى استجازة الامم المتحدة ومجلس الأمن، رفضت بريطانيا المشاركة في مثل هذه الخطوة رفضاً قاطعاً. وبينما يؤكد اوباما بأنّه لا يفكر ابداً في ارسال قوات برية الى العراق وبأي شكل من الأشكال تحدث اليوم عدد من القادة العسكريين عن إمكانية ذلك.
ثالثاً: وعندما قدّم الرئيس اوباما خطته الرامية للقضاء على الارهاب في العراق، لم يُشر ابداً، لا من قريب ولا من بعيد، الى دور نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية وقطر في رعاية الارهاب وتنمية قدراته وعلى مختلف الأصعدة، الامر الذي اثار استغراب كثيرين.
وبينما تدعو واشنطن نظام القبيلة للمساهمة في هذا التحالف الدولي، وهي منبع الارهاب، استبعدت، في الوقت ذاته، طهران وهي المتضرر الرئيسي من الارهاب بعد بغداد، والتي يمكنها ان تساهم بشكل كبير في الحرب على الارهاب لأسباب كثيرة منها الحدود البرية الطويلة (1200كم) مع العراق.
ان على الولايات المتحدة الأميركية ان تنتبه جيداً الى ان الحلف الدولي الذي شكلته للحرب على الارهاب في العراق، ان هذا الحلف سيقود حربا في اخطر منطقة في العالم، فالحلف يسير بين براميل البارود وبالقرب من آبار نفط العالم، ولذلك فانّ عليها ان تتصرف بحكمة اكبر وبوضوح اكثر، والا فلو انها أطلقت رصاصة واحدة في غير محلّها فقد تأتي في احد براميل البارود، وعندها فسينفجر نارا مستعرة تتلاقفها آبار البترول التي ستظل تمشي بالنار المستعرة في الاتجاهات الأربعة. وعندها فسوف لن تكون مصالحها الاستراتيجية في مأمن لا في المنطقة ولا في غير المنطقة.
لذلك، ينبغي ان تحدد الولايات المتحدة دور المشاركين في الحلف واحداً واحداً، بلا غموض، كما ان على البيت الأبيض ان يختار واحد من اثنين، فامّا ان يقبل التنسيق مع الحكومة السورية عند توجيه ضربات جوية ضد الارهابيين المتمركزين على الاراضي السورية، او انها (تسمع) نصيحة لندن فتغض النظر الان عن مثل ذلك.
اما بالنسبة الى بغداد، فان عليها ان تكون اكثر حذرا لتستوعب المتغيرات التي ليست في الحسبان والمفاجآت غير المحسوبة، وهي محقّة اذا فكرت في ان تكون على اتصال مباشر مع دمشق، لان الخطر الذي يتهدد البلدين واحد، كما ان التحالف الدولي يهدف الى العمل على أرضين في آن واحد، لان العدو (الارهاب) ينتشر على أراضي البلدين، فليس من المعقول ان تدير بغداد ظهرها الى دمشق في هذا الوقت بالذات.
كما ان على طهران، وهي الطرف الإقليمي الوحيد الذي أُبعد او ابتعد عن الحلف الدولي، ان تكون على اهبة الاستعداد لمساعدة العراق في هذا الظرف الحساس، فليس من المعقول ان تترك طهران بغداد لوحدها تحوطه مختلف الأطراف الإقليمية التي اقل ما يقال عنها انها أطراف غير ودية في علاقتها مع العراق، فكيف يمكن الوثوق بها او الركون اليها؟.
16 أيلول 2014
https://telegram.me/buratha