المقالات

مُـحـبطات فــي يـوم الجــمعة

1251 2014-09-21

تحت سقفٍ من الصفيح نختبىء؛ واهمين إن الأخير سينقذنا من صواريخ" كروز" والقنابل العنقودية الأمريكية؛ وإذا بِخبر سقوط الإله صدام باغتنا، لنتنفس الصُعداء أخيراً؛ بعد إن جثم على صدرونا(40) عاماً، فَهرع الناس لِضخامة الخبر، وكُلاً أفرغ غضبه؛ بطريقته للثأر من وحشية ذلك النظام، لكنني أفرغت غضبي بطريقة مختلفة؛ هرعت إلى المدرسة المجاروة لنا، وأخرجت كُتب الوطنية الميتة بِسموم البعث، ومزقتها؛ وسرعان ما حرقت أوراقها التي حملت صور القائد!

في بلد المُحبطات؛ لم تحترق تلك الوطنية المزيفة، لكنها نزعت جلدها؛ وفق ضرورات دعاة الديمقراطية الجدد، فهي حلم يداعب مُخيلهم؛ في أن يُعد أحدهم رمزاً من رموزها؛ لِيرتدي البدلة الكحلية، والرباط، ويزور المدارس؛ ليقف أمام تلاميذ المدرسة، وهم يتجرعون بلسانه اللبق حب الوطن، وصفوفهم مكتظة بالنازحين الذين هُجروا ظلماً وجوراً من ديارهم! فأي وطنية، ونحن بِلا وطن!
إنتابني شعورٌ واحد، بين خطاب صاحب(القاط والرباط) الوطني في مدرسة لجأ إليها النازحون، وما شاهدته يوم أمس في شارع المتنبي؛ وجدت ديوان الجواهري، وبمُحاذاته صورة راقصة تدعى"صافيناز" وعلى ما يبدو إن بعض بائعي الكتب؛ يدمجون بضاعتهم الأدبية مع صور الراقصات، والمطربات، لِتُحقق الأخيرة نسبة أعلى في مبيعاتهم اليومية! 

بدأ الإحباط يزداد شيئاً فشيئاً؛ عندما تجولت بين أروقة القشلة، ومعالم التراث البغدادي؛ في أغلب الأماكن، وجدت الحداثة طغت على تراث المدينة القديم، وأصبحت أحدق في الأشياء بِمرارة؛ كما أتذوق" الشاي" بِدون قِطعة سكر! وحضرت مخيلي، أثار أقدام أجدادي على جذع النخيل، والأخير مقطوع الرأس، وبعضه لا تتحسس فيه رائحة عذوقه!

طاولني السأم والضجر، وأخذت الخيبة ترتسم على وجهي، وسرحت بِنفسي دون قصدٍ لمكانٍ معين؛ حتى وجدتها أمام مدخل قاعة لمنتدى سياسي،؛ يتصف أغلب الحاضرون بالكروش السياسية الضخمة من شدة" الهرج والمرج" والصفير السياسي الحاد، إلى درجة جفاف"الزردوم" وتراجعت؛ حتى لا أرجم بوابل الأحاديث السياسية، فهؤلاء يحدثون الصُم من شدة صراخهم السياسي الفارغ! وأخذ التساؤل يدور في الذهن؛ لما تتفاقم المعظلات السياسية بوجود هذا الكم الهائل من" فطاحل" السياسة؟!

أخذت قسطاً من الراحة، على ضفاف نهر دجلة؛ وسرعان ماوجدت الأخير؛ قد تشوه هو الآخر بكميات من المحطبات، كوجود النفايات التي تطفو على سطحه ، والمياة الملوثة، وأنينه الصامت، لدماء الضحايا التي هُدرت في مياهه غدراً، وظلماً.
لم يخبرني" عبود قردحجي" أو " جاكلين عقيقي" من متكهني الأبراج والحظ؛ بمُحبطات عهدنا الجديد، وأيقنت؛ إن ليس كل شيء ندركه في الآجل، ما دام هنالك مشعوذين بصورة الملائكة، يستطيعون خلط الأشياء، كما يخلط الماء بالزيت؛ لتِستمر الحياة في بلد المُحبطات..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك