{اَللّـهُمَّ الْعَنِ الْعِصابَةَ الَّتي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ}.
انّ الذي قتلَ الحسين بن علي عليهم السلام يوم عاشوراء في كربلاء كان واحداً، ولكنّ الّذين هيّأوا له الظرف والحال كانوا أمّة، فالذي شايع وبايع وتابع كلّهم شركاء بدم الحسين (ع).
كما ان من يرضى بالجريمة او يبرّر لها شريكٌ بدمه عليه السلام كذلك، ففي الحديث الشريف {إذا عُمِلت الخطيئة في الأرض كان من شهِدها فكرِهها، وقال مرة؛ أنكرها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهدها}.
ان هذا النّص الوارد في زيارة عاشوراء يحرّض على التذكير بأفعال القوم من اجل ان لا تتكرّر الجريمة لانّ الذي ينسى يعمد الى نفس الفعل وإن ْبعد حين، ولذلك فعندما سمع امير المؤمنين (ع) أصحابه يسبّون أهل الشام منعهم من ذلك قائلاً {إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ، وَلكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ، وَذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ، وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ}.
انّ السّب لا يغيّر من الامر شيئاً كما انّه لا يؤثّر في الذي تأثّر بالمنكر، فضلاً عن انّه لا يترك أثراً حتى في الذي يُمارس هذا الفعل ضد المجرم، واقصد به السّب.
ان الغرض من إنكار الخطأ هو السّعي لتنبيه فاعله لعلّه يقْلع عنه، او تنبيه من تأثّر به فقد يغيّر رأيه فلا يعود يمتدحُه او يتبنّاه مرّة اخرى، او انّه محاولة من مُنكِر الخطأ للانتباه وعدم الوقوع فيما وقع به الآخرون.
ولقد حدد أمير المؤمنين (ع) الغرض من ذكر افعال القوم، والتي هي:
الف؛ الصواب في القول، والذي يحتاج لتحقيقه الى معرفة عقلية المتلقي وطريقة فهمه للامور، وهو ما ذكرته الاية المباركة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
باء: الابلاغ في الاعذار، فليس المطلوب هو ان تقول فيسمع، أبداً، فذلك قد يكون جهد العاجز، إنّما عليك ان تبذل كل ما في وسعك من جهد معرفي لتصوّب العُذر في الهدف، فتترك أثراً، الامر الذي يتطلّب منك ان تكونَ على اطلاع دقيق بافعال القوم، اذ كلّما عرضت تفاصيل اكثر كلّما كان أعذارُك أصوب واكثر أثراً.
والان؛ هل يفعل السّب أيٍّ من هذه التأثيرات؟بالتاكيد كلّا وألفُ كلّا، بل العكس هو الصحيح فانّ الكثير من المخطئين تأخذُهم العزّة بالإثم اذا ما تعرّض للسّب، كما انّ الكثير من المتأثّرين يميلون اكثر فاكثر الى الظّالم اذا ما تعرّض للسّب، هو او الظالم لا فرق، ربما ليس حباً به وإنما عناداً ليس الا.
امّا ذكر أفعال القوم الظّالمين فانّه أصوب في محاولة التأثير والإصلاح، خاصّة اذا كان الحوار في إطار العقل والمنطق، فاذا لم يرعوي الظّالم بمثل هذا الأسلوب، فانّ الذي يتأثر به سيُعيد حساباته في اغلب الأحيان، وقد يتأثر بالكلام، طبعا هذا اذا كان الغرض من إنكار المنكر هو للإصلاح وليس للتشفّي مثلاً او ما الى ذلك.
لقد وظّفَ أهل البيت عليهم السلام هذا المنهج في كل الزيارات الواردة عنهم وخاصة لسيد الشهداء الامام الحسين (ع) وذلك لتحقيق العبارتين الواردتين في كلام أمير المؤمنين (ع) الا وهما (أصوب) و (أبلغ).
ولا يشذّ النّص الذي صدّرنا به المقال والوارد في زيارة عاشوراء عن هذا النهج، فهو يذكّر بهويّة كل الذين شاركوا في قتل السبط الشهيد (ع) يوم عاشوراء لتنبيه المتلقّي الى حقيقة الجريمة ومراحل تنفيذها على يد النظام السياسي الظالم والمنحرف، النظام الأموي.
انّ من واجبنا فضح جرائمهم لنتحدّى جهدهم الرّامي الى تبرئة الطاغية ابن الطلقاء يزيد بن معاوية من فعلته الشنيعة في كربلاء، انّهم يبذلون كل ما بوسعهم ويوظّفون كلّ ما عندهم من مالٍ واعلامٍ وفتوى لتبرير (جهله) بالجريمة او ما يصفونه بغضبه لعنه الله عندما سمِع بخبر استشهاد السيط (ع) وكأنّه كان جاهلاً بالأمر.
https://telegram.me/buratha