لم تبدا بعد صولات الحكومة الجديدة للقضاء على مخلفات الحقبة الماضية ،التي شابها الكثير من الفساد والمحاباة والقفز والتحايل على القانون،لانها لا زالت تدرس المواطن والمواقف التي تم فيها خرق القانون من قبل القضاء ومن قبل المحكمة الاتحادية ومن قبل مدحت المحمود ألبعثي الموسوم.
ومع ان أولى بوادر فضائح القضاء السابق قد انكشفت في قضية الشبيبي وعلاوي ،بعد ان برا القضاء الرجلين ومنحهم صك الغفران،الا ان خيوط كافة المؤامرات والدسائس التي كانت تجري بتنسيق تام بين مجلس القضاء الأعلى وبين رأس السلطة التنفيذية لم يتم كشفها او الإعلان عنها حتى الوقت الحاضر.
وقضية تواطأ قضاء مدحت المحمود مع سلطة نوري المالكي قضية معروفة للقاصي والداني ولا تحتاج الى جهد كبير للوصول الى أعماقها او سبر أغوارها ،لان مقدماتها ونتائجها تخبر عنها ،وليس ادل على ذلك من قضية الشبيبي وعلاوي التي فجرت واقع القضاء المتردي وأطاحت بنزاهته ،وان كان الأمر لم ينته عند هذا الحد لان قضايا مهمة لا زالت تنتظر التفكيك ،من قبيل تبرأت مشعان الجبوري دون ان يصل الى قاعة المحكمة ،ومنع عدد من المرشحين المناوئين للمالكي من المشاركة في الانتخابات النيابية، وتبرأت عدد من المرشحين من القتلة والمجرمين والفاسدين من اجل المشاركة في الانتخابات ودعم رئيس السلطة التنفيذية في مساعية للحفاظ على حكومته في دورتها الانتخابية الثالثة.
ان خطوات حكومة العبادي في تفكيك الملفات خطوات جيدة ،وتسير وفق منهج علمي مدروس حتى،وان كانت بطيئة ورتيبة نوعا ما،الا ان واقع الحال وطبيعة المرحلة تفرض واقعها واولويتها على الرجل في تعامله مع مختلف القضايا التي يجب عليه معالجتها والمرور عليها،يضاف الى ذلك قصر فترة تولي الرجل مسؤولياته التنفيذية.
ان اصلاح القضاء وتخليصه من الفاسدين والقتلة والمجرمين والبعثيين والصداميين امر في غاية الاهمية،لان فساد القضاء يعني فساد السلطة التنفيذية وفساد السلطة التشريعية ويعني استمرار الفساد المالي والاداري ويعني غياب هيبة وسلطة الدولة،ويعني ان المرآة العاكسة تعطي صورة مقلوبة وبعيدة كل البعد عن القيمة الانسانية والدينية والاخلاقية.
ان من الاولويات التي على حكومة السيد العبادي الالتفات اليها والاسراع في فلترتها وتخليصها من رواسب وانكسارات المرحلة الماضية السيئة بكل جزئياتها،هي اصلاح المنظومة القضائية مع اهمية فتح ملفات رئيسها مدحت المحمود والوقوف على دوافعه ومواقفه التي ساندت وأيدت السلطة التنفيذية على حساب الثوابت الوطنية والجماهيرية،لان منهج الاصلاح منهج سماوي وانساني ويتماشى مع واقع المرحلة الحالية التي يعيشها العراق،اما بقاء السلطة القضائية بكل اثامها مع كل ما تقوم به الحكومة الحالية من اجراءات اصلاحية فانه يمثل الدوران في حلقة مفرغة لان فساد القضاء من شانه ان يفسد كل الملفات الاخرى والعكس صحيح.
https://telegram.me/buratha