"الاغتيال" مصطلح يستعمل لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية مهمة ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي ويكون مرتكز عملية الاغتيال عادة أسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية تستهدف شخصاً معيناً يعتبره منظمو عملية الاغتيال عائقاً لهم في طريق انتشار أوسع لأفكارهم أو أهدافهم.
كما ويستعمل مصطلح الاغتيال في بعض الأحيان في إطار أدبي لوصف حالة من الظلم والقهر وليس القتل الفعلي، كاستعمال تعبير "اغتيال الفكر" أو "اغتيال قضية" أو "اغتيال وطن" أو "اغتيال البراءة" وغيرها من التعابير المجازية.
ولهذا المصطلح الدموي تاريخ طويل وعريق بعراقة وقدم تاريخ "بني اسرئيل" لم تعرف البشرية من قبل مثل هذه الاعمال الاجرامية الغادرة والماكرة والخائنة، حيث عرفت "أمة اليهود"وعلى مدى تاريخهم الطويل والعريض في صراعهم مع أهل الحق والإيمان والعدل والاصلاح مدى دمويتهم، وتعطشهم لسفك الدماء المؤمنة الطاهرة؛ فمنذ بدء إرسال الرسل السماوية لـ"بني إسرائيل" ودعوتهم الى الحق، وعبادتهم للإله الواحد القهار، وهم لا يعرفون إلا لغة القتل والدماء والبطش والتنكيل ؛ فكانوا ولا يزالون حتى يومنا هذا لا يكتفون بمجرد تكذيب الرسل والأنبياء (ع) والإعراض عن شريعتهم فحسب، وإنما يعملون فيهم السيف وآلة القتل بكل وحشية وإجرام لانهم يخالفون هواهم ومخططاتهم الجهنمية ويدعوهم نحو الصلاح وعبودية الله سبحانه وتعالى.
لم تعرف الأمم السابقة انتهاكات صارخة وكثيرة وشديدة للنفس الانسانية كما عرفته "أمة اليهود" ماضياً وحاضراً، بل وإن وحشيتهم فاقت كل التصورات التي قد يدركها العقل البشري، أو تتقبلها النفس ليست الأبية فحسب وحتى المجرمة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْيَوْمِ تَقْتُلُ ثَلاثَمِائَةِ نَبِيٍّ، ثُمَّ يَقُومُ سُوقٌ لَهُمْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ". كيف يمكن لنا أن نتخيل أمة أو قوم بهذا الجحود والوحشية وقسوة القلب وتحجُّر الفؤاد تفعل مثل هذه المجازر بأنبياء الله سبحانه وتعالى ورسله وأوصيائه، فهم اشد الناس عداوة للذين آمنوا إن كانوا رسلاً أو أنبياء أو أوصياء أو اناس عاديون كما جاء وصفهم في القرآن الكريم: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا.." سورة المائدة الآية 82 .
فاليهود أشد الناس عداوة للذين آمنوا، سواء من أنبياءِ ورسلِ الله قديمًا، أم المسلمين المؤمنين حاضرًا ومستقبلاً، فهم يمتلئون حقدًا وغيظًا على المؤمنين، ويودون لو يتمكنون من رقابهم فيجزونها جزًّا، غير مبالين بمواثيق ولا معاهدات ولا اتفاقات، بل إن اتفاقاتهم ومعاهداتهم ما هي إلا إبر تخدير، وأدوية تنويم، يستخدمها الأعداء وأذنابهم ومنافقوهم في الداخل لاستغفال المؤمنين وصرفهم عن حقيقة الصراع.
غالبية القرآن الكريم يذكر "بني اسرائيل" بالمكر والغدر وقتل النفس المحرمة وانتهاكهم للحرمات والمقدسات وعدم انصياعهم لأوامر الله سبحانه وتعالى وتعطشهم للبطش وسفك الدماء بغير حق كقوله تعالى: "أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ"{البقرة:87}، وقوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ{آل عمران:21}، وقوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {البقرة:61}. حيث قتلوا عشرة آلاف نبي ورسول في زمن الياس (اليا) لوحده من غير العدد الكبير من الاوصياء والصلحاء والمؤمنين منذ بدء نشأتهم وحتى يومنا هذا، رغم ما جاء من نهي كبير بحجم التوراة في "شريعة اليهود" التي لا تختلف عن سائر الشرائع السماوية بتحريمها القتل او الاعتداء على الاخرين سواء بالضرب او بالقتل او غير ذلك .
فقد جاء في سفر يوبيل "ملعون من يضرب صاحبه بحقد"، وفي سفر الخروج "من ضرب انسانا فمات فانه يقتل"، وفي اللاويين "اذا امات احد انسانا فانه يقتل"، كلها تنويعات على احدى الوصايا العشر التى وردت في سفر الخروج و مرة اخرى في سفر التثنية وهي "لا تقتل"، لكن "بني اسرائيل" لم ولن يعملوا بشريعتهم والقتل اسهل شيء عندهم حتى قتلهم للانبياء (ع) كما ذكرنا، فيذكر ابن القيم "ان اليهود في يوم واحد قتلوا 70 نبيا"؛ وكان من بين الذين اغتالوهم وقتلوهم اليهود أو حاولوا لذلك هم: "يوشع بن نون، وشعيا أو اشعيا، وارميا، ودانيال النبي، وحزقيل، وعاموص،وزكريا، ويحيى بن زكريا الذي ذبحوه شقاً بالمنشار، وعيسى بن مريم" عليهم السلام أجمعين .
وقد حاول اليهود وبمساعدة قريش خاصة أبو سفيان وأبنه معاوية اغتيال رسول الرحمة والهداية المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم مرات عديدة وشارك فيها العديد من كبار الصحابة، حيث تروي كتب العامة والخاصة أن الرسول الأكرم (ص) تعرض لأكثر من عشرين محاولة اغتيال طيلة حياته الشريفة والمباركة ومنها محاولة أغتياله (ص) ليلة المبيت، وفي غار ثور، ومحاولة سراقة بن مالك الجشعمي، ومحاولة أبوجهل (عمرو بن هشام)إلقاء حجرة كبيرة على رأس الرسول (ص)، ومحاولة عمر بن الخطاب قبل إسلامه، ومحاولة عقبة بن أبي معيط في غزوة بدر الكبرى، وعدة محاولات في معركة أحد منها محاولة بن أم قنئة وضربه بالسيف على كتفه المبارك (ص)، ومؤامرة يهود بني النضير، ومحاولة رؤساء بني عامر الثلاث وهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وجبار بن سلمى بن جعفر، ومحاولة دعثور بن الحارث في اطراف المدينة، ومحاولة فضالة بن عمير الليثي عندما كان الرسول (ص) يطوف حول الكعبة .
اما محاولة اغتياله في العقبة فلها حديث آخر تلك التي شارك فيها كبار الصحابة حسب ما رواه حذيفة قائلا: "هم والله أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ، هؤلاء من قريش وأما الخمسة فأبو موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة الثقفي وأوس بن الحدثان البصري وأبو هريرة وأبو طلحة الأنصاري"- رواه الامام أحمد في المسند (5/453)، والطبراني في المعجم الكبير، وفي مجمع الزوائد (1/110-111)، والبزار في مسنده (7/227رقم2800)، والضياء في المختارة (8/220-222رقم260،261) ومصادر عديدة اخرى لا يتسع المقال لذكرها جميعاً .
وكانت تلك المحاولات قبل أن يتم اغتيال النبي الكرم (ص) بمؤامرة "زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم" زعيم خيبر بشاة مشوية مسمومة أدت بحياته المباركة لتلتحق روحه الطاهرة برفيقه الأعلى، كما روى ذلك الصحابي المخلص عبد الله بن مسعود : "لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك إن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا" - سيرة ابن كثير ج4 ص 449.
وقد توارث أمية أبو سفيان وأولاهم وأحفادهم ومن أتبعهم ذلك الموروث الغبيث في الغدر والمكر والحقد والتخطيط لقتل الرسول المصطفى (ص) ووصيه الامام علي أمير المؤمنين (ع) وأولادهم المعصومين عليهم السلام واحداً بعد آخر بالسيف والسم والقتل والسجن طوال التاريخ حتى ورث سلاطين العصر نفس الموروث في قتل المعارضين لهم بمختلف الطرق منها الاغتيالات السياسية التي كثرت في القرن الماضي والحاضر ضد العلماء والأولياء والصالحين والمؤمنين في البلاد العربية مثل العراق ولبنان وسوريا والسعودية واليمن والبحرين ومصر والاردن وغيرها من بلاد المسلمين وخارجها .
ولهذا السبب أمرنا رسول الرحمة والمودة محمد الأمين (ص) والذي "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - سورة النجم الآية 3و4؛ أمرنا بـ"لعْنُ بني أمية" كما جاء في القرآن الكريم ذكر لعنهم " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس، والشجرةَ الملعونةَ في القرآن.." - سورة الإسراء الآية 60؛ حيث قال المفسرون ومنهم الكركي في رسائله:2/227 إن المراد بذلك هم بنو أمية كما جاء ايضاً في الخصال/398، وشرح الأخبار:2/535، والإحتجاج:1/409، وشرح النهج:6/290، والغدير: 10/82، وجمهرة خطب العرب:2/25وتفسير الطبري:1/169) ؛ لما رأه (ص) من هؤلاء الطلقاء من غدر خيانة وسيرهم على خطى "بني اسرائيل:" في النفاق والشقاق في عصى المسلمين وعدم تهاونهم من القتل والذبح لكل من يخالفه هواهم ورؤاهم ومخططاتهم .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (في أصحابي اثنا عشر منافقاً فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم: الدبيلة، وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم). جاء في (صحيح مسلم)4/2143 عن قيس بن عباد وفي (لسان العرب) أيضا:11/235: في (المعجم الكبير) للطبراني 19/359 وفي (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري4/144 وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء)2.
وقد صرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصحة هذا التعميم عندما لعن كل قادة الأحزاب وكل أتباعهم الى يوم القيامة ، ففي يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عيينة بن حصين بن بدر بغطفان ، فلعن رسول الله (ص) القادة والأتباع، والساقة الى يوم القيامة - جاء في الاحتجاج:1/401و409، والخصال/398، وشرح الأخبار:2/535، وشرح النهج:6/290، والغدير:10/82، وجمهرة خطب العرب:2/25 وتفسير الطبري:1/169). كما جاء في المحتضر للحلي/71، والمناقب والمثالب للقاضي النعمان/233: "روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أشرف يوم أحد على عسكر المشركين فقال: اللهم العن القادة والأتباع ، فأما الأتباع فإن الله يتوب على من يشاء منهم ، وأما القادة والرؤوس فليس منهم نجيب ولا ناج ومن القادة يومئذ أبو سفيان ومعاوية".
وواصل معاوية بن هند آكلة الأكباد صاحبة الراية الحمراء وولده يزيد الفاجر الفاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرمة ومداعب القردة وأبنائه الفسقة الفجرة واحداً بعد آخر سياسة الغدر والنفاق والقتل والاغتيال حيث خطط وأمر معوية بن ابي سفيان الطلقاء عدة محولات اغتيال لوصي النبي (ص) دون فصل الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام حتى استشهد مغتالاً بسيف غدر"أبن ملجم المرادي"؛ ومن ثم جاء دور ولده الامام الحسن المجتبى عليه السلام سيد شباب أهل الجنة والذي تعرض هو الآخر (ع) لأربعة وعشرين محاولة اغتيال دبرها "معاوية ونفذها عملائه المنافقين المنحرفين القتلة منها ثلاثة محاولات وقعت في يوم واحد حتى قضى نحبه (ع) مغتالاً ايضاً بسم غدر معاوية على يد زوجته "جعدة بنت الأشعث عليهم لعنة الله أجمعين .
واستمر خط الاغتيال والغدر والمكر الأموي قائم حتى يومنا هذا وتعلم العباسيين السياسة ذاتها فنفذوها ضد الأئمة الأطهار من آل الرسول عليهم السلام حتى بلغ المطاف بالامام علي بن موسى الرضا (ع) ليستشهد مسموماً بسم دسه له "المأمون" العباسي في عصير الرمان.. وهكذا حتى عصرنا الحاضر توارث الأحفاد مساوئ الأسلاف اغتيال ومكر وحقد وقتل ودمار لتضحى مدرسة يستورثها دعاة السير على السنة والسلف الصالح اليوم يفتكوا عبرها بحياة المسلمين المؤمنين ويسفكوا دمائهم ويستبيحوا أعراضهم وأموالهم وينهبوا ثرواتهم ويدمرون بلادهم بفتاوى وعاظ سلاطين بلاط البترودولار الخليجي وفي مقدمتهم سلطة آل سعود وآل حمد، سلوكية سلفية متوحشة دموية خيانية انحرافية تزويرية باسم الاسلام انبعثت من مواطن ادوات الاستعمار الغربي عبر تفجيرات وتفخيخات وحروب تحصد ارواح ملايين الابرياء ومذابح على اساس التهمة والظنة والتكفير وبشاعة في دموية الارهاب هي ممارسات أموية جاهلية لا صلة لها بالاسلام.
https://telegram.me/buratha