الحربُ على الارهابِ ميدانيّة وإعلاميّة، ولا أُبالغ ابداً اذا قلتُ بانّ الاعلام فيها أخطر من الميدان، فالمنتصر فيها يحقّق أهدافه إعلامياً قبل ان يحقّقها على الارض وفي ميدان المعركة، واذا كانت القوّات المسلّحة العراقية الباسلة، وبكلّ تشكيلاتها النّظامية والحشد الشعبي والبيشمرة، تحقّق، تباعاً، انتصاراتها الباهرة في الميدان، فانّ الاعلام في هذه المعركة لا زال ضعيفاً بل مهزوماً وللاسف الشّديد، اذ نجح الارهابيون في توظيف جيشٍ من {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} مهمّتهم في هذه الحرب نشر اخبارهم الملفّقة والدعايات الكاذبة وكلّ ما من شأنه إمّا ان يُربك المقاتلين في الميدان او يقلّل من أهميّة انتصاراتهم او يشوّش الحقائق على الرأي العام، فلهم مع كل انتصار دعاية او إشاعة او صورة مفبركة او مقال تضليلي يروم اثارة الفتنة او فيلم لا أساس له من الصحة.
انهم يوقّتون نشاطهم مع الاعلان عن خبر الانتصارات، لماذا؟!.
وليس بالضّرورة ان تكون الأصناف الثلاثة هذه التي تُشير اليهم الاية المباركة من العناصر الإرهابيّة فقد تكون من المتضررين من الارهاب وربّما ممّن قاتلت فترة من الزمن ضد الارهاب، الا انّ انخراطهم في ماكينة الارهابيّين الإعلامية جهلاً او عن غير عمدٍ، انّما سببَه الاوّل والاهم هو سعيهم الحثيث لعرقلة خطط الحكومة الحالية والحيلولة دون تحقيقها للبرنامج المتّفق عليه، خاصّة على صعيد الحرب على الارهاب، لانّ ايّ إنجازٍ تحققه الحكومة في هذا الملف، واي نجاحٍ وانتصارٍ تحقّقه انما يفضح فشل من سبقتها ويكشف عن مدى تقصيرها، والذي أنتج كلّ هذه المآسي التي يعيشها العراقيون اليوم بسبب تمدّد (الفقاعة) لتحتل مناطق شاسِعة من العراق.
انّ على العراقيين جميعاً ان ينتبهوا الى كلّ خبرٍ يُنشر عن حرب الارهاب والى كل مقطع فيديو يصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فمن السذاجة بمكان ان يتحوّل الواحدُ منّا، نحن ضحايا الارهاب، الى بوقٍ للارهابيين والى اداة بأيديهم، يصنعون الخبر ويمرّرونه لنا ثم نبدأ نحن بنشره وتوزيعه على أوسع نطاق، تارة بذريعة (كما وصلني) واُخرى بذريعة (ناقلُ الكفرِ ليسَ بكافرٍ) وكأنّ مثل هذه العبارات ستُسقط مسؤولية الناشر فلا يتحمل وزر ما يفعله الارهابيون، ابداً، فان كل ظهرٍ يركبه الارهابيون وانّ كلّ ضرعٍ يحلبُه الارهابيون، يتحمل وزر افعالهم الشنيعة فلا مناص من تحمل المسؤولية ابداً، انهم متورطون في الدم مع الارهابيين مهما حاولوا التهرّب من المسؤولية، أولم يقلْ القران الكريم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}؟.
لماذا كلّ هذه العجلة في نشر ما يصلنا؟ لماذا كل هذه اللاأبالية في طريقة التعامل مع ما ننشره من مواد تصلنا؟ لماذا نحرص على تسجيل (سبقٍ صحفيٍ) مكذوبٌ علينا؟.
يجب علينا جميعا ان نواجه {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} كما نواجه الارهابيين، فانّ خطر هذه الأصناف الثلاثة في المجتمع لا يقلّ عن خطر الارهابيين، بل قد يكونوا أشدّ خطراً لانهم يتلبّسون بالوطنية ويرفعون شعار الحرص على البلاد، فهم يتخفّون بزيٍّ يقبله المجتمع فينخدعَ بهم كثيرون، ولذلك ترى دعاياتهم واشاعاتهم تنتشر بسرعة فائقة انتشار النار في الهشيم، ولهذا السبب يجنّدهم الارهابيون لانهم يمتلكون مقبولية معقولة في المجتمع يفتقر اليها الارهابيون انفسهم.
اتمنى ان يستوعب {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} هذه الرسالة قبل ان اضطرّ للكتابةِ عنهم بشكلٍ مباشرٍ وبالأسماء، فالعراق لا يتحمّل المزيد من المعاناة والدّماء والدّمار.
فهل بلغت؟ اللهم فاشهد!.
وصدق الله تعالى اذ يقول {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}.
https://telegram.me/buratha