في قانون موازنة الدولة للعام الحالي (2015) والذي قدّمته الحكومة العراقية لمجلس النواب للمصادقة عليه، وَرَدَ قانون الضرائب كأحد مصادر الدخل القومي.
الزميل عدنان ابو زيد المحرر في صحيفة (الصباح) البغدادية أعدّ تقريراً صحفياً عن القانون استطلع فيه آراء عدد من الاخصّائيّين والباحثين والمراقبين، فكانت مشاركتي التالية ضمن التقرير الصحفي المشار اليه؛ ان قانون الضّرائب هو جزءٌ لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية والمالية للدول منذ الازل، قديمها وحديثها، فلم تشذّ ايّة دولة على مر التاريخ عن ذلك بغضّ النظر عن هويتها ونوعية نظامها الاقتصادي او المالي، وكذلك بغضّ النّظر عن مدى تنوع مصادر دخلها القومي. والمقصود بالضرائب، مختلف اشكالها، كالضرائب على التجارة، او الضرائب الوطنية، وغيرها.
ولقد اقرّت الأديان نظام الضرائب فحافظت على القانون واختلفت في نوعيتها وطريقتها وحجمها، اتساعاً وتضييقاً، كما تختلف الدول والانظمة عن بعضها بطريقة جبايتها ونسبتها وطريقة توزيعها وغير ذلك، ولكنها كنظام يبقى جزءٌ ثابتٌ لا يتجزأ من المنظومة المالية والاقتصادية.
ولا ينبغي ان يشذّ العراق عن ذلك، فالملاحظ ان الدولة تساهلت بنظام الضرائب حد الالغاء، الامر الذي خسرت بسببه مصدراً مهماً من مصادر خزينة الدولة من جانب، وأحدث فوضى عظيمة في السوق، وخاصة في دَور اصحاب رؤوس الأموال في المنظومة الاقتصادية من جانب ثان، وساهم في صناعة الطبقية الاقتصادية بأسوء اشكالها، من جانبٍ ثالث.
لذلك، فانا اعتقد بانّ على الدولة العراقية ان تُعيد العمل بقانون الضرائب فوراً في إطار قانون واضح ينصف كل شرائح المجتمع العراقي على قاعدة (لا ضرر ولا ضِرار) خاصة الطبقة المستضعفة والمسحوقة وشريحة ذوي الدخل المحدود والتي يجب ان لا يُثقل كاهلها بالمزيد من المعاناة الاقتصادية والمالية.
ففي الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، فان كل مواطن يخضع للنظام الضريبي بلا تمييز، الا ان النسبة التي يدفها للدولة تختلف من مواطن لآخر، ضمن ضوابط تعتمد على حالته الاجتماعية وعدد أفراد العائلة ومقدار الدخل الشهري وغير ذلك، فضلا عن ان الدولة تعيد لذوي الدخل المحدود نسبة كبيرة من الضرائب التي يدفعونها طوال العام مع بداية كل سنة جديدة، يصل مجموع ما تُعيده الى المواطنين اكثر من (600) مليار دولار سنوياً.
النقطة الاستراتيجية والجوهرية في نظام الضرائب، والتي يجب ان يتلمّسها المواطن العراقي في نظام الضرائب الذي سيُشرّع في الميزانية الجديدة، هي ان يلمس المواطن عائد الضرائب التي يدفعها للدولة مشاريع وخدمات وانجازات وعلى مختلف الاصعدة، كالصحة والتعليم والبيئة والمرور وكذلك على صعيد النظام الاقتصادي ككل وغير ذلك، اذ لا ينبغي ان يشعر المواطن وكأنّه يدفع الضرائب للدولة من دون عائد او فوائد بطريقة ما، فان ذلك سيدفعه للتهرب من دفعها بكل الطرق غير المشروعة.
الذي اريد قوله، هو ان نظام الضرائب عبارة عن ادّخار المواطن لجزء من دخله الاسبوعي او الشهري او حتى السنوي لتعود اليه بطرق مختلفة كمنافع يتمتع بها هو وعائلته، امّا ان تاخذ الدولة الضرائب من المواطن بلا عائد فهذا ما يمكن ان ننعته بالسرقة واللصوصيّة المقنّنة، وهي لا تنفع في شيء ابداً.
https://telegram.me/buratha