سعى شاب الاحلام الارغوانية أن يطل هذه المرة وفي الذكرى العاشرة لاستشهاد والده "رفيق الحريري" بلون وإطلالة جديدة تميزه عن إطلالاته السابقة لكنه دون جدوى حيث فشل فيها منذ الوهلة الأولى لاعتلائه منصة الاحتفال وهو محني القامة ومطأطئ الرأس باسط يدي المذلة والمهانة والانصياع لسيد الدعم المالي والسياسي السعودي ليواسيه بوفاة "الملك عبد الله" ويهنئ باعتلاء الآخرين مسند السلطة في الرياض عسى ولعل يشفع له هذا الانبطاح العلني ويكفر عن ذنوبه أمام ولي ولي العهد محمد بن نايف ليغض الأخير الطرف عن مسباته واتهاماته بالوحشية .
تجاهل سعد الحريري منذ بداية المراسم انها قائمة للاحتفال بذكر استشهاد الوالد "شهيد الوطن" الذي لطم الخدود وحمل قميصه المدمي طيلة السنوات الماضية لينعم بمنصب رئاسة الوزراء بظله رغم صغر سنه وافتقاده للسياسة والحكمة والحنكة والتعقل وهو ما برز مراراً عبر تصرفاته ومواقفه السياسية المنصاعة للراعي السعودي وليست فيها ذرة من الوطنية حسب ما يراه المراقبون للشأن اللبناني .
ذرف الدموع بداية ليس على فقدان الوالد "الحريري" بل على الوالد "عبد الله" واشتاق لأحضانه ورعايته ودلاله كأمير سعودي ، فدعا اللبنانيين واللبنانيات لذرف الدموع وإطلاق الحسرات على "فقدنا صديقاً كبيراً للبنان، هو الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، الذي سيبقى في ذاكرة اللبنانيين أَباً وراعياً ونصيراً واسماً للشهامة والشجاعة والأخوّة الصادقة"- حسب قوله.
وتابع زعيم "تيار المستقبل" الذي شمر كثيراً في خطابه برفضه دخول لبنان "المحاور" وتأكيده على ضرورة استقلالية القرار ووطنيته واذا به بين لحظة واخرى ينسى أو يتناسى ما قال في بداية خطابه وقبل أن ينعى فقدان الوالد الكبير متودداً مبايعاً مهنئاً باسم التيار وحشوده الاسرة الحاكمة في السعودية: "قبل أيام، واكبنا مع الشعب السعودي الشقيق، مبايعة حامل الأمانة التاريخية بالاستقرار والتغيير والانفتاح، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولي وليِ العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذين نرفع لهم باسمكم جميعاً عهد الوفاء للمملكة، ملتزمين السير على خطى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي زرع في قلوبنا، محبّةَ المملكة وشعبها وقيادتها، وعاد منها إلى وطنه لبنان بإرادة الخير والبناء والاعتدال والسلام الوطني".
هذه المبايعة للأسرة الحاكمة في العربية السعودية لا تعني من وجهة نظر "سعد الحريري" وفريقه التبعية والدخول في محور لا يريد للبنان الخير والاستقلال والحرية والنمو والازدهار، محور يعادي كل العداء ويبغض كل البغض ويحقد كل الحقد لـ"محور المقاومة والممانعة" ويعمل كل ما بوسعه لدماره وتفككه وانهياره لانه جاء للبنان بالعزة والكرامة وعلو الشأن والقوة والقدرة على مقارعة العدو الصهيوني اللدود الذي لا ينفك لحظة من التفكير في إدخال أنيابه الدموية في جسد بلد الأرز وامتصاص دماء أبنائه واحتلال أراضيه لولا قوة شباب الضاحية المؤمنين الذين قدموا ويقدمون الغالي والنفيس من أجل البلد فيما "سعد" وأمثاله ينبطحون للمشاريع التساومية ويهرولون من وراء رغبات آل سعود وبني صهيون في تعكير صفو الجو اللبناني وتشويش أمنه الاجتماعي واستهداف وحدة صفه بدعمه نار الفتنة الطائفية من صيدا وحتى طرابلس مروراً بعرسال وغيرها .
واعاد شاب الارغوانية المستقبلي اتهاماته لابطال لبنان والعالمين العربي والاسلامي الذين رفعوا الراية عالية في تصديهم للعدو الصهيوني الماكر ودحروه من بقاع الوطن التي كانت مدنسة باحتلاله لها ودفع "الجيش الذي لا يقهر" في معجم العرب، للهروب في جنح ظلام الليل الدامس يجر من ورائه ذيلو الانكسار والهزيمة والفشل والخسران مخلفاً خسائر كبيرة في معداته وقواته بشهادة العدو والصديق واعترافات قادة الكيان اللقيط وحتى "لجنة فينوغراد" التي شكلت في ختام حرب الـ33 يوماً على لبنان برئاسة القاضي المتقاعد "إلياهو فينوغراد" لتقول: "أن الحرب في تموز عام 2006 كانت إخفاقا كبيرا وخطيرا".. وأن " التخبط خلال الحرب أضر بإسرائيل".. أن "إسرائيل لم تحظ بإنجاز سياسي أو إنجاز عسكري من حرب لبنان" .
هذا ليس بكل شيء حتى يتهجم "سعد الحريري" وبكل رعونة على الانجاز الوطني والعربي والاسلامي الكبير باعتراف الجميع بأن "صمود حزب الله في وجه عدوان إسرائيل الفاشل على لبنان في حرب الثلاثة والثلاثين يوماً في تموز/آب 2006، عوّض في أذهان العرب من الشعور بالإذلال الذي انتابهم منذ حرب الأيام الستة (1967)" حسب كتاب " حرب ال 33 يوما: حرب إسرائيل على حزب الله ونتائجها" من تأليف جلبير الأشقر وميخائيل فارشفسكي"؛ ليقف أمام مهرجيه ويردد ما تردده السلطة السعودية التي منعت وحرمت حتى الدعاء لنصرة المقاومة في تصديها للعدو الصهيوني الغاشم إبان أيام الحرب المذكورة ولم تسمي حتى يومنا هذا الذين سقطوا من الابرياء شهداء، ويقول دون حياء أو خجل: "بعدك أيها الرئيس الشهيد، تم القضاء على تفاهم نيسان.. وأصبحت الدولة رهينة معادلة أمسكت بقرار الحرب والسلم، لتضع لبنان على حافة الصراع من كل الجهات. وبعدكتحول عدد من المدن العربية العريقة إلى مستنقع للفتن والاستبداد والإرهاب" متجاهلاً وبكل صلافة الدور الريادي السعودي في دعم الارهاب التكفيري الذي تدعمه المملكة العربية السعودية مادياً وتسليحياً ليضرب لبنان وسوريا والعراق واليمن ويحصد أرواح آلاف الابرياء .
لم يعد الولد المدلل "سعد" يشلح الجاكيت ويشمر عن يديه هذه المرة كما في السابق واعتبر أنه كبر ونضج وتعقل لكن كلامه لا ينم عن هذه الحقيقة حيث بقيت كما هي صبيانية دون تحول وهو يقرع على ناقوس التفرقة الطائفية رغم اعلانه أن "الحوار مع حزب الله ليس ترفاً سياسياً أو خطوةً لتجاوز نقاط الخلاف بيننا..هو حاجة وضرورة إسلامية لاستيعاب الاحتقان المذهبي الذي لم يعد من الحكمة التغاضي عنه، وهو... ضرورة وطنية لتصحيح مسار العملية السياسية وإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى" في وقت كل التهم والسباب وبشكل طائفي وإزدراء واضح وقبيح على الجيران والأشقاء العرب في سوريا والعراق واليمن نعتهم بتهم تطلقها ماكنة الاعلام والسياسة السعودية ذاتها، حيث قال: " تمكَّن بشار الأسد من تكسير سوريا على رؤوس السوريين.. جعل حكام في العراق من التعصب أساساً للملك، وسلَّموا الجيش العراقي على طبقٍ من فساد، لفلول القاعدة وداعش ودولة الخلافة الزائفة.. نزعت اليمن ثوب السعادة، وسلَّمت أقدارها لسياسات الهيمنة ونزاعات القبائل، ونسخت التجارب سيئةَ الذكر، في محاصرة الرئاسات والحكومات وفرض التغيير السياسي بقوة السلاح"!!.
ثم شمر عن وعيه السياسي ليطلق فكره المقيد سعودياً بقوله: "الكلام يتكرر عن اعتبار لبنان جزءا من محور يمتد من إيران إلى فلسطين مروراً بسوريا ولبنان. ونحن نقول: لبنان ليس في هذا المحور، ولا في أي محور، غالبية الشعب اللبناني تقول لا لهذا المحور ولأيّ محور. لبنان ليس ورقة في يد أحد، واللبنانيون ليسوا سلعة على طاولة أحد"، ناسياً ما ذكره في بداية كلمته باعلانه الولاء والبيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وما تعنيه كلمة الولاء والبيعة لعله حتى الآن لم ولن يعرف معناها بل هي كلمات خطت له على الورق كي يلقيها ليثلج صدر الراعي الأب ويكفر عن ذنوبه في وقت كان الحشد مغفلاً ما يتردد عليه ليصفق له.. يا للخسارة كبرت يا "سعد الحريري" ولم تكبر وطنيتك ولا فكرك .
https://telegram.me/buratha