المقالات

العلوم الانسانية و القرار المجحف

1312 00:20:04 2015-02-22

" لا يمكن المراهنة على استعادة التوازن المجتمعي والمؤسساتي العراقي إذا لم نلتفت، بقوة وجرأة، الى ذلك الداء المميت الذي رافق تطورات الأحداث التاريخية والاجتماعية والفكرية في العراق، وهو تعاظم روح التطرف القومي والحزبي والديني والمذهبي، بل وحتى المناطقي، مع كل مرحلة جديدة من مراحل العنف في العراق.

هذا الداء الذي نتج عن سياسات عسكرة المجتمع وهدمه وتمزيقه من قبل المستبدين وكياناتهم الحاكمة لديمومة سلطتهم السياسية، يجعل ً من المستحيل علينا التفكير بتأسيس تعايش سلمي مشترك إذا لم نفلح اولا في اقتلاع التطرف من جذوره. وضمان تعويضه بروح الاعتدال والوسطية التي غابت، مرغمة، ولوقت طويل، عن تفاصيل الاحداث في العراق.

قد يكون من المناسب التفكير هنا، بأن ذلك يتطلب العودة الى البيئة الام التي تغذي روح الانسان وعقله البكر بالصور الاولى للتطرف والتشدد بشتى مساراته وأشكاله، سواء في المنزل، أم المدرسة، أم الحواضن المجتمعية مثل الشارع والمنطقة والقرية، وغيرها من الحواضن التي تضفي على أفكار التشدد صيغة جمعية تشاركية، وصوال للمساحة الزمنية ً التي تترسخ فيها غالبا، أفكار التطرف والتشدد، وهي مرحلة التحول من المراهقة الى النضج التام، وهذا المقطع الزمني الحرج، يقع في مجمله ضمن فترة الدراسة الجامعية التي نعتقد إن المناهج الدراسية التي تدرس ً فيها تعاني من مشكلة حقيقة غذت الى حد ما ثقافة تحمل في طياتها نسبا من التطرف وتثير األحقاد وتلغي الاخر، وهو ما يحتاج الى معالجة حقيقية ووقفة جادة لا تكتفي عند حدود الكلام والتمني، بل لابد أن ترافقها إجراءات عملية يساهم فيها الجميع ."

هذا و اسطر كثيرة و صفحات متعددة اخرى من الكلام المعسول هو مقتبس من كتاب " مناهج الدراسات الانسانية " لكاتبه وزير التعليم العالي السابق (علي الاديب ) يتكلم فيه عن رؤيته لمشروع مراجعة مفردات مناهج الدراسات الانسانية في الجامعات العراقية . و كما قال معاليه لمعالجة هذا الداء لا يمكن الاكتفاء عند حدود الكلام و التمني بل لابد ان يرافقه اجراء عملي و من هذه الاجراءات العملية هو قرار استثناء طلبة العلوم الانسانية من الزمالات الحكومية تحت ذريعة الاكتفاء الذاتي و عدم الحاجة الى مزيد منهم !

لا اريد التطرق الى موضوع اهمية العلوم الانسانية و الاستناد الى اراء المفكرين حول التنمية البشرية و التي هي من اهم الركائز للتنمية السياسية ثم الاقتصادية في البلدان المتقدمة و الحاجة الملحة الى بناء الفرد اولا ثم المجتمع للمضي في مسيرة التقدم لكوني متاكد بأن معالي الوزير ايضا تكلم عن هذه الافكار في كتابه هذا او باقي كتبه لكن ما اريد ان اكتب عنه هو الازدواجية بين ما يطرح و يعلق كشعار و بين ما يتم على ارض الواقع !
كيف يمكن فهم هذا القرار المجحف بحق طلاب العلوم الانسانية الصادر من الوزير السابق و هو الذي يتكلم عن اهمية هذه الاختصاصات و لزوم مراجعة مناهجها و تحديثها ؟

و هل تعلم عزيزي القارئ بان نسبة الزمالات الحكومية لدراسات العلوم الانسانية في البلدان المتقدمة اكثر بكثير من باقي الاختصاصات كالهندسة و الطبية ؟ لكن مسلسل الضحك على الذقون لا ينتهي هنا اذ علمنا ان معالي الوزير السابق و استنادا الى عشرات الكتب الموجودة في دائرة البعثات و الملحقيات الثقافية العراقية قام باستثناء بعض الطلبة من هذا القرار ! لنتسائل بدورنا كيف يعقل بان شخص عاقل و بالغ ينقض قراره بنفسه ؟
في الاخير اتمنى من وزير التعليم الحالي قراءة كتاب الوزير السابق للوقوف على اهمية العلوم الانسانية ثم نقض هذا القرار المجحف !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك