منذ عدة سنوات ولم يتغير الوضع العام في البلد بالرغم من التضحيات الكبيرة التي تكبدها خلال العقود الماضية من حكم الطغاة والتي اخذت ارواح خيرة ابناء هذا البلد الى مذبح الحرية .
وكانت الامال معقودة على تلك الاحزاب التي كانت تحارب الطاغية منذ نصف قرن وقدمت الكثير من الشباب المؤمن الى الجلاد لان البلد كان محكوما بالحديد والنار وهذا كان مصير المؤمنين من الرجال والنساء وحتى الاطفال .
وكانت الحوزة العلمية في مقدمة ركب المضحين دائما وتاريخ علماء لشيعة شاهد على ذلك فان قراءة سريعة لكتاب شهداء التضحية تبين للانسان وجود تاريخ زاخر باسماء العشرات من خيرة ابناء المذهب من كبار العلماء الذين ذهبوا ضحية الظلم والاستبداد.
وبقيت الحوزة دائما في مقدمة المتضررين من الظلم حتى صارت احيانا عبرة للاخرين وصار الابتعاد عن الانتساب اليها منجاة من الاذى والبلاء وهكذا راينا كثيرا من الشباب المؤمن في محافظات النجف وكربلاء لا يستطيع الانتساب الى الحوزة بسبب ذلك الخوف من التبعة والضرر.
وبعد ان اصبح الوضع الحالي حالة قائمة وانتهى زمن الاعتداء المبرمج على قيادة الشيعة انبرت المرجعية الدينية للتصدي في الامور العامة , تلك الامور التي حرمت الامة من تدخل المرجعية فيها لان الحديث فيها كان باهض الثمن ولا يامن الانسان العادي على نفسه من الاذى فكيف بالمرجعية التي تؤثر في الجماهير بصورة كبيرة وواسعة .
وبدا التحرك الحقيقي للمرجعية بعد استقرار الامور ولو نسبيا من اجل توفير النصح النافع لكل الذين انخرطوا في العمل السياسي والشان العام .
بدا التحرك سريعا نحو المطالبة بالحقوق السياسية والمدنية وكانت المطالبة بان تكون الجهة التي تكتب الدستور العراقي منتخبة اول لبنة في مرحلة التدخل الحقيقي لاسترداد الحقوق المغتصبة وزيادة الامان اكثر على عدم التلاعب بالنتائج من اجل صالح جهة غريبة عن الشارع العراقي .
وتعالت بعض الاصوات مطالبة بالعودة عن هذه المطالبات لان البدل ليس على دين واحد ولا يحتاج الى النظرية التي تمثل فئة من الناس ولا تمثل الثلة الباقية , ولم يكن بين هذه الاصوات شخص له دراية بالحقوق السياسية للمواطن اصلا لذلك كانت القنوات الفضائية في ذلك الوقت هي المصدر الذي يستقي منه الانسن معلوماته العامة وهذا ما حصل بالفعل فقد كانت الادارة الامريكية عازمة على تشكيل جهة مختارة بالتعيين لكتابة الدستور العراق من دون النظر الى توجهات الانسان العراقي عموما .
وعندما شعرت المرجعية بخطورة مثل هذا الوضع صار الخطاب فيه نبرة تحذير من مغبة الخوص في هذا الامر دون الرجوع الى الشعب العراقي لانه صاحب القرار الاساسي في هذه المسالة الاساسية وهذا ما حصل بالفعل وانتصرت ارادة الشعب المظلوم بسبب تدخل المرجعية ونصحا وتحذيرا حتى صار هناك جهة واضحة يجب الرجوع اليها في مثل هذه الامور وصار الانسان يفخر ان لديه مراجع من هذا القبيل باعتبار انهم فخر لمن يريد الافتخار .
وصار المنهج المتبع في التعامل مع الشان العام يجري بوتيرة مستقة وان كانت المواكبة بين الشعب والمرجعية لم يكن واضحا في ذلك الوقت ولذلك تم افتتاح هذا العمل المشترك عن طريق الكم الهائل من المطالبات الرسمية ن قبل المرجعية بعدم اتخاذ اي قرار في الشان العام دون الرجوع الى الشعب صاحب الشان نفسه .
كما دعت المرجعية ان تشارك الجماهير في تثبيت دستورها عن طريق الممثلين في الشعب العراقي وعدم السماح باي صيغة لا يتم التعامل بها في الدول المتقدمة لان العراق ليس دولة جديدة في الخارطة السياسية حتى نحتاج الى شرح كاف لاسلوب التعامل مع القضايا العامة وذلك بسبب الدخول الواضح والكبير من قبل المرجعية في امور المجتمع العامة حتى صار التدخل امرا مخططا له وليس رد فعل على بقية الاحداث الحاصلة في العالم كما قد يتصور البعض من الناس .
وليس غريبا ان تتدخل المرجعية في الشان العام لانها الحامي لهذا الشان من الانحراف عن الجادة مع وجود شارع اسلامي مؤيد لهذه التوجهات العامة التي كانت المرجعية اول من حذر من السكوت عليها فان المخطط الامريكي في العراق لم يكن مقصرا على هذا فقط وانما جعل الهدف الاول في الاذهان هو الحصوص على الحقوق السياسية المكفولة في اكثر دساتير العالم الاسلامي وغيره وذلك لان هذه الحقوق تنظم العلاقة الرابطة بين هذه الاطراف المتنازعة .
ون هنا لا تجد اليوم شعبا يرضى بحالة التنازل عن هذه الحقوق ولان المرجع الاعلى يرى ان ارادة لشعب كانت مغيبة في زمن النظام السابق كانت تؤكد في كثير من الاحيان على ممارسة المطالبة بهذه الحقوق وغيرها حتى تعود لهذا الشعب ارادته الحرة ويستطيع الانسجام مع الوضع الجديد من التبدل والتغير دون ان يمس ذلك الحقوق السياسية لافراده وهذا ما حصل بالفعل فان المطالبات الشعبية اصبحت ثقافة موجودة بسبب هذه الطريقة في التاكيد على المطالبة بالحقوق وهذه احدى الثمار العظيمة لتدخل المرجعية في الشان العام الذي كان محرما عليها وعلى غيرها التدخل فيه بلوصار التدخل فيه ضربا من القاء النفس في التهلكة .
ونشهد في هذه الايام وما سبقتها ازدياد حجم المطالبات لشخصية بالحقوق المدنية والسياسية على حد سواء وهذه احدى الثمار المهم التي كانت تسعى من اجلها المرجعية لكي يتربى ابناء على روح التوثب نحو الكرامة بمجرد ان يشعر بوجود خطر قريب منه حتى صار الاقتراب من فكر المرجعية والتربي عليه يجعلك متوثبا وراغبا في الكرامة الانسانية التي يفتقر الها الشعب العراقي نتيجة سنوات الظلم والسجن الكبيرين .
فان كان البعض يرى قبل ثلاثين سنة ان التدخل في الشان غير مقبول من قبل علماء الدين فان وضع التدخل الان صار امرا كطبيعيا نتيجة التطبع بمثل هذه الثقافة التي تجعل منك قدوة للشعب .
https://telegram.me/buratha