لَمْ أتمالك دُموعي، التي انهالت كالميزاب على خدَّيَّ، وانا أُتابع التقرير المصوّر من ارض المعركة في محافظة صلاح الدين الذي بثتّه قبل قليل قناة (بي بي سي). فلقد اختلطت الاهازيج والدموع والابتسامات والفرحة العارمة بينما يَستقبلُ الاهالي أبطال القوات المسلحة ومجاهدي الحشد الشعبي، فلم أتمكن ان أميّز بين بسمةٍ سُنّيّةٍ واُخرى شيعيّة! بين اهزوجةٍ شيعيّة واُخرى سُنيّة، وبذلك تكون كل التقوّلات والتوقّعات والاحتمالات التي ظلّ يُطَبِّل لها وينشرها الاعلام الطائفي الحاقد قد ذهبت ادراج الرياح، وهي لم تكُن سوى اكاذيب وافتراءات الغرض منها الطّعن بإنجازات القوات المسلحة العراقية وانتصارات الحشد الشعبي، ودقّ إِسفين الطّائفية بين ابناء المجتمع العراقي الواحد، كما حاول اليوم الأزهر (الشريف) في بيانه الطائفي!.
لقد انهزم من راهن على الأثارات الطائفيّة والمناطقيّة بهذه الانتصارات الباهرة، كما انهزم بها الارهابيون الذين باتوا كالجرذان التي تبحث عن مخبأ صغيرٍ حتى اذا كان في بالوعة! كما فعل الطاغية الذليل صدام حسين يوماً عندما عثرَ عليه العراقيون في بالوعة، وهو يحمل نياشين (سيف العرب) على صدره!!!.
لقد اختلط اليوم الدّم العراقي في الحرب على الارهاب، كما اختلطت البسمة والأهزوجة والفرحة، وبذلك تتحقق المقولة (رُبَّ ضارَّةٍ نافِعَة) مرةّ أُخرى وهذه المرة بأرقى صورها وبأعمق معانيها!. حتّى السياسيّين الّذين ظلّوا يثيرون الطائفية والعنصرية ويصنعون ازماتها الواحدة تلو الاخرى ليعتاشوا عليها ويتاجروا بها ليحجزوا مقاعدهم في العملية السياسية، انتهت اليوم بضاعتهم الفاسدة، ففي زمن النصر العراقي الوطني لا يبقى مجالٌ لمثل هذه الخزعبلات.
وصدق الله العليُّ العظيم الذي قال في محكم كتابه الكريم {أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} فرجلٌ وطنيٌ واحدٌ عَبَرَ كلّ العناوين الضيّقة، الدّينية والمذهبيّة والإثنية والمناطقية كالمرجع الاعلى السيد السيستاني، قاد العراقيين بنجاحٍ ليعبرَ بهم امواج الفتن الطائفية والعنصرية، التي ظلَّ السّياسيّون يؤجّجونها لحاجة في انفسهم، الى جبهة النصر المؤزر {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.
في هذه الأثناء؛ يُصدر الأزهر (الشريف) بياناً عنوانه؛ الأزهر الشريف يُطالب بتحرّك عاجل لوقف المجازر التي تُرتكب ضِدّ اهلِ السّنّة بالعراق!!!.
وبذلك يكون الأزهر قد اعترف، من جانب، بان (الارهابيين) سُنّة! كما اعترف، من جانب آخر، بانّ الإرهابيين انهزموا بالحرب التي يشنّها العراقيون على الارهاب، كما انه اعترف بجرائم الارهابيين جملةً وتفصيلاً، وهو يتمنّى ان لا ينهزموا في هذه الحرب بالعراق!
كما انّه شرعَن نبأ الفاسق عندما اعتمدهُ ليصدر بيانه الطائفي هذا، وبذلك يكون قد خالق نصاً قرآنياً نهانا فيه الله تعالى وامرنا فيه ان لا نصغي الى فاسق فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
لا ادري ان كان الأزهر، بهذا البيان، قد اعترف بالارهابيّين وشرعَن مسمّياتهم بالخلافة الاسلامية وما ألى ذلك؟ وفيما اذا كان سيحرّم قتالهم في مصر كذلك؟ ام في العراق فقط؟!.
وأتساءل؛ لماذا لم يصرّح الأزهر يوماً بانّ جرائم الارهابيين في العراق تثير الفتنة الطائفية؟ فيما يعتبر انتصارات العراقيين اليوم على الارهاب بانها تثير الفتنة الطائفيّة؟!. سبايكر لم تُثر الفتنة الطائفية! وقبلها تفجير مرقد الإمامين الهمامين العسكريّين (ع) في سامراء لم يُثر الفتنة الطائفية! والسيّارات المفخّخة في الأحياء الشيعيّة التي ظلّت تحصد أرواح الأبرياء اكثر من عقد كامل لحدّ الان لم ُتثر الفتنة الطائفية! الّا انّ طرد الارهابيين من المناطق التي يسيطرون عليها وحصد رؤوسهم بعد ان استباحوا ارض (السنّة) وعرضهم وشرفهم وأرواحهم وأنفسهم ودماءهم، تُثير الفتنة الطائفية! مالكم كيف تحكمون؟!.
قليلاً من الانصاف يا شيخ الأزهر، وتذكّر قولَ رسول الله (ص) {مَنْ لا إِنْصافَ لَهُ لا دينَ لَهُ}.
https://telegram.me/buratha